| رضوان عقيل |
أمام الرئيس نبيه بري ملفات ساخنة وأحمال كبيرة. فهو يعمل على أكثر من خط في اتصالاته الديبلوماسية وإعلانه تمسك لبنان بالقرار 1701 لوقف آلة الحرب والتعويل على المقاومة في منع الإسرائيليين من اجتياح أي مساحة في الجنوب. ولا ينسى اغتيال السيد حسن نصرالله: “لقد قصم ظهري بعد علاقة جمعتنا منذ 33 سنة”. بعد زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والحديث عن تباعد في وجهات النظر بينه وبين الرئيس نجيب ميقاتي الذي نفى الأمر، يؤكد بري تمسك لبنان بالنداء الذي جرى إعداده في الأمم المتحدة وعملت عليه فرنسا وأيدته بريطانيا، ويقول: “يعبّر عن موقف لبنان، لكن الأميركيين تنصلوا من التوصل إلى هدنة لمدة 21 يوماً. وتكمن المشكلة في بنيامين نتنياهو الذي يقبض على أعناق المسؤولين في البيت الأبيض”. ويعود إلى الموفد آموس هوكشتاين سائلا: “ماذا يمكن أن يفعل في قمة الجنون الإسرائيلي وعدم قيام واشنطن بممارسة الضغوط المطلوبة على تل أبيب؟” عراقجي قدم وجهة نظر إيران حيال ما يدور في المنطقة على وقع كل التهديدات الإسرائيلية التي تطاولها”. ويسأل بري: “أين المجتمع الدولي من إسرائيل التي تمنع سيارات الدفاع المدني من إنقاذ الجرحى أو انتشال الشهداء؟ هذا ما يحصل في الضاحية الجنوبية ومناطق أخرى يجري استهدافها”. ولا تغيب أنظار بري عما يدورعلى الحدود في الجنوب وتصدي المقاومين لعمليات توغل الإسرائيليين “الذين يتحركشون”. وليست المرة الأولى يقدمون على هذا الفعل، وهم سيندمون. وستبقى أرضنا لأصحابها”. الهمّ الأكبر عنده هو إيواء النازحين، وفي رأيه “سيعود هؤلاء إلى بلداتهم في الدقيقة الأولى لوقف النار، على غرار ما فعلوا إبان عدوان تموز 2006، وسيقيمون على أرضهم ولو فوق ركام منازلهم التي سيعاد تشييدها بفعل إيمانهم بأرضهم وأرادتهم التي لا تنكسر”.
ويتوقف أيضاً عند “الهبّة الوطنية في احتضان النازحين في مختلف المناطق”، ويسمّي الشوف والإقليم ودير الأحمر والضنية وكل الشمال. ولا ينسى “بيروت حاضنة الجميع، وما يحصل في الأديرة والكنائس والمساجد خير دليل على تضامن اللبنانيين في الأزمات رغم خلافاتهم السياسية”.
وإذا كان الهمّ الأمني طاغيا على أجندة بري، فإن ملف الرئاسة عنه لا يغيب. وقد تلقى اتصالا من الموفد الفرنسي جان – أيف لودريان وهنأه بالبيان الثلاثي مع ميقاتي ووليد جنبلاط، “وهو ما يمكن البناء على مندرجاته في انتخاب رئيس توافقي”. واللقاء في رأيه لم يهدف إلى عزل أي جهة مسيحية، باعتبار أن عملية الانتخاب تتطلب مشاركة الجميع. وإن الثلاثة ومن يمثلون لا يمكنهم إتمام هذا الاستحقاق من دون التكامل مع الكتل المسيحية. ولم تتم دعوة أي شخصية مسيحية إلى اللقاء خشية حصول انقسامات لدى هذا المكون يكون انعكاسها سلبيا على الجميع، في إشارة إلى النائب جبران باسيل والدكتور سمير جعجع. ولا يرى أن الاخير سيقاطع جلسة الانتخاب عند توافر ظروفها، من دون أن يسجل بري تراجعاً في موقفه وما إذا كان عدل عن جلسة حوار تسبق الانتخابات. ولا يعطي أي إشارة تشي بأنه تخلى عن المرشح سليمان فرنجية.
وأما الذين لا يرون إيجابية في حراكه ويسألونه لماذا تخلى عن طرح الحوار قبل الانتخابات، فيرد عليهم: “حيّرونا”. ويضيف: “عندما ألمس الظرف المناسب لانتخاب الرئيس لن أتأخر في تحديد موعد لجلسة الانتخاب المنتظرة”. ولا يعير اهتماماً للكلام الصادر ولو بخجل عن سياسيين ومتابعين، ومؤداه أنه ستتم ممارسة الضغوط وفرض خيارات لا تتلاقى في الرئاسة مع توجهات “أمل” و”حزب الله”. ويقول: “تمهلوا يا سادة. ما زلنا موجودين رغم سقوط كل هذه الإعداد من الشهداء. لماذا كل هذا الاستعجال ورسم السيناريوات لمكون لبناني وطني يقاوم ويدافع عن أرضه، ولا يعمل بسياسة العزل التي قاتلها وتصدى لها الإمام موسى الصدر؟ إن الأولوية اليوم هي لبذل كل الجهود وصد العدوان وتوفير حاجات أهلنا النازحين. وحركة “أمل” وكثيرون استنفروا لخدمة أهلنا، وهم الذين يشكلون حجر الأساس مع كل اللبنانيين”.
وفي الكلام مع بري، لا مهرب من سؤاله عن وقع اغتيال نصرالله عليه، وهو الأمر الأصعب عنده. يتوقف لثوان ويتنهد قبل أن يرد بصوت مجروح: “استشهاد السيد أتعبني وقصم ظهري، لكن أفكاره والمبادىء التي سار عليها ستبقى حية ومستمرة ولن تموت”.