| طوني عيسى |
تتناقل وسائل الإعلام المحلية والعالمية فرضيات عدة حول الطريقة التي اعتمدتها إسرائيل لتفجير الأجهزة اللاسلكية، خلال يومي 17 و18 من الجاري. وقد تقاطعت على ترجيح فرضية زرع ألغام صغيرة في الأجهزة التي تمّ استيرادها من الخارج قبل أشهر. لكن باحثين جادّين في الفيزياء يستبعدون فرضية الألغام.
ويقول الخبراء في الفيزياء والتكنولوجيا، إنّ التفجيرات تتعلق بالإنجازات الهائلة في مجال الاتصالات وصناعة أجهزة الاتصال، ودور الذكاء الاصطناعي. ويشرح الباحث في الفيزياء وصاحب براءات الاختراع في التكنولوجيا المهندس غطاس القصيفي حيثيات ما جرى، فيقول: «كل جهاز يستخدم الموجات اللاسلكية معرّض للاختراق. والموجات التي يستخدمها الجهاز تتميز بطول معيّن يمنحها السرعة، وبقوة معينة. وكلما قصرت الموجة تصبح السرعة أكبر.
وقد توصل العلم حالياً إلى تحقيق قدرات كبيرة على الاختراق. فلنفترض أنّ جهازاً أول يتميز بسرعة معينة يمكن تسميتها «السرعة أ»، ويتصل بقاعدة. وهذه القاعدة تتصل بجهاز ثانٍ. فمن يريد التدخّل في هذه الموجة، يلتقطها ويدخل إليها لتحقيق أهداف عدة: إما للتشويش على الموجة، وإما لقطعها، وإما للتآلف معها أو للاندماج فيها modulation. ولكي يتمكن من تنفيذ مهّمة الاندماج، يجب أن تمتاز الموجة التي يستخدمها، أي الموجة الثانية (ب)، بسرعة تفوق سرعة الموجة أ.
إذا كانت الموجة (ب) بسرعة مساوية لسرعة الموجة (أ) أو أكثر بطئاً منها، فإنّ الاندماج لا يتحقق. لذلك، استخدم الإسرائيليون موجة تفوق بسرعتها الموجات المعتمدة في الأجهزة المستهدفة.
ومن البديهي أن يكونوا قد راقبوا هذه الأجهزة، سواء «البيجر» أي أجهزة النداء، أو أجهزة اللاسلكي، وتعرفوا على موجاتها فدخلوها وقاموا بالاندماج فيها. وهذه الموجة قادتهم الى ان يتعرفوا إلى الـ(IC integrated circuit). وبفضل ما أتاحته التكنولوجيا الحديثة، دخل الإسرائيليون برامج الأجهزة، ووضعوا برنامجاً خبيثاً بدلاً منه. وهذا التعديل يسمح لهم بالآتي: إما تعطيل الجهاز، وإما نسف المعلومات التي يتضمنها، وإما التمركز في داخله والتحكّم به، وهذا ما حصل.
إذاً، كيف حصل الانفجار؟
لقد قام البرنامج الخبيث المزروع بإغلاق الدائرة الكهربائية في كل جهاز، ما أدّى إلى ارتفاع حرارة بطارية الليثيوم الموجودة فيه بقوة، إلى حدّ الانفجار. وهنا يكمن اللغز. فبطاريات الليثيوم في هذه الأجهزة تمّ تعديلها على الأرجح بإدخال هلام (gel) قابل للانفجار فيها، هو gel nitrocellulose الكفيل بمضاعفة قوة انفجارها عشرات المرّات، فيما بطارية الليثيوم العادية يفترض أنّها تتضمن هلام السيليكون فقط. وهذا الهلام وحده لم يكن كافياً لإحداث عمليات تفجير دموية.
فإذا كان انفجار بطارية الليثيوم العادية، بهلام السيليكون، يقارب الـ 50 كيلو مثلاً، فإنّ بطارية الليثيوم التي أضيف إليها الهلام المتفجّر يصبح انفجارها بقوة 500 كيلو أو طن، وهو ما يلحق أذى كبيراً بالأفراد. وهذا يعني أنّ التلاعب الذي يفترض التحرّي عنه حصل في تعديل مكونات البطاريات لا في زرع مواد أو شرائح متفجّرة داخل الجهاز.
وكما بات معروفاً، إنّ جامعة بن غوريون في تل أبيب هي الوحيدة في العالم التي وصلت إلى تحقيق سرعة 7 غيغاهرتز، أي إنّها وصلت إلى الجيل السابع. ولذلك، علمياً، كل من يحمل جهازاً موصولاً بالشبكة اللاسلكية في لبنان يمكن للإسرائيليين أن يدخلوا إليه ويتعرفوا على برنامجه ويتحكّموا به، لأنّه أدنى سرعة من الأجهزة التي يستخدمونها في هجماتهم.
وفوق ذلك، اللبنانيون يقتنون في منازلهم قنابل موقوتة هي بطاريات الليثيوم الخاصة بالطاقة الشمسية.
فمعظم الـ inverters الخاصة بها مربوطة عبر الانترنت بالمصنِّعين في الصين أو أوروبا، وتالياً يمكن دخولها بواسطة الانترنت أو «الواي فاي».
هل من سبيل للتصدّي لهذا الخطر، علمياً؟ الحل هو أن يستخدم اللبنانيون أجهزة تفوق بسرعتها تلك التي يتعرّضون لها. فإما أن نسير مع تطور التكنولوجيا وإما أن يرمينا هذا التطور إلى الوراء. وهنا، يبدو مفيداً أن يطّلع اللبنانيون على كتابات عالم الاجتماع Alain Toffler. فهي ربما تنبئنا بالسبيل المناسب لمواجهة المستقبل.