| فؤاد بزي |
من دون إعلان مسبق، جرى تهريب جلسة مجلس الوزراء، أمس. فبعد نجاح متقاعدي العسكر في إقفال المداخل المحيطة بالسرايا يوم الثلاثاء الماضي، ومنع عدد من الوزراء من الوصول إلى الجلسة، ما أدى إلى إلغاء الاجتماع بسبب فقدان النصاب، عقد أمس مجلس الوزراء جلسة دعي إليها الوزراء بسرية. كان على جدول أعمال الجلسة، الموزّع سابقاً، درس مشروع الموازنة العامة التي أحيلت من وزارة المال قبل بضعة أيام، من دون أن تتضمّن أيّ تعديلات بنيوية على سلسلة الرتب والرواتب والاكتفاء بتضمينها زيادات وتعويضات مالية سبق أن أقرّت، ما أوحى بأن الحكومة ستبقي الرواتب على حالها، أي أنه لن يتم تعديل أساس الراتب، بينما التعويضات المالية التي يتقاضاها موظفو القطاع العام، وخصوصاً المتقاعدين، سواء العسكريون أو المدنيون، ستبقى في مستويات متدنّية وبعيدة جداً عن التصحيح الذي طاول الأجور في القطاع الخاص خلال السنتين الماضيتين.وعلى وقع بدء العسكريين بإقفال الشوارع المحيطة بالسرايا بعد انتشار خبر الدعوة إلى الجلسة، «قامت الحكومة بتمرير جدول الأعمال سريعاً، وصولاً إلى نقطة دراسة مشروع الموازنة المقدّم من وزارة المال. فاطّلعت من وزير المال يوسف الخليل على تقرير وزارته حول الموازنة»، بحسب مصادر وزارية. وبالتالي، قررت الحكومة الإبقاء على جلساتها مفتوحة، على أن تعقد سلسلة جلسات الأسبوع المقبل لإقرار الموازنة وتحويلها إلى مجلس النواب. بعض الوزراء دافعوا عن قرار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالدعوة إلى الجلسة، «ولو بالتهريب»، معتبرين أنّ مصلحة الموظفين والمتقاعدين تقتضي عقد الجلسة والبدء بدراسة الموازنة، لأنّها ستصل في نهايتها إلى إقرار زيادات إضافية على الرواتب والمعاشات.
في النتيجة إذاً، ستتمخّض جلسات مناقشة الموازنة عن تحصيل الموظفين زيادات على رواتبهم، إنما وفقاً لمبدأ الترقيع، لا الإصلاح الجذري وتعديل سلسلة الرتب والرواتب. وأشارت مصادر وزارية إلى وجود نية لدى الحكومة لإعطاء الموظفين والمتقاعدين زيادات على جزءين، سيتم إقرارها في الجلسات المقبلة. ففي الجزء الأول، سيُقرّ مرسوم يحصل بموجبه الموظفون في الخدمة، والمتقاعدون على راتبَين إضافيّين، فيصبح راتب العسكري والموظف الإداري والمتقاعد مضاعفاً 11 مرة، وراتب الموظف في السلك التعليمي مضاعفاً 9 مرات. ولكن في الجزء الثاني، ستتهرّب الحكومة من تعديل سلسلة الرتب والرواتب بتحضيرها لمشروع قانون يرسل إلى مجلس النواب، ويقضي بدمج كلّ البدلات الإضافية، من مضاعفة الرواتب، وبدلات البنزين والمثابرة في أساس الراتب.
وعلى مستوى البنود الأخرى الواردة على الجدول الأول، قررت الحكومة إحالة مشروع قانون إلى مجلس النواب لقطع حساب الموازنة العامة لعام 2020، والموازنات الملحقة. ووافقت على طلب وزارة الصحة العامة تعديل السقوف المالية للمستشفيات، وعلى طلب وزارة التربية إلغاء الامتحانات الرسمية للشهادة التأهيلية الفنية المهنية.
في المقابل، تم تأجيل البتّ بطلب تعديل المرسوم 13164 المتعلق بتعيين الحد الأدنى الرسمي للاجور، ونسبة غلاء المعيشة للمستخدمين والعمال الخاضعين لقانون العمل. وأرجأت الموافقة على طلب وزارة العمل تعيين لجنة مالية في الضمان الاجتماعي. وطلب وزير الصناعة سحب مشروع المرسوم 8803 المتصل بتنظيم المقالع والكسارات.
وفي الشارع، ومنذ اللحظة الأولى لإعلان الدعوة إلى عقد الجلسة الحكومية، دعا متقاعدو العسكر إلى إقفال الطرقات المحيطة بالسرايا، ورفضوا أيّ حوار مع الحكومة، وأعلنوا أنّ رئيس رابطة قدامى القوى المسلحة، نقولا مزهر، الذي دعي إلى السرايا للتفاوض مع ميقاتي لا يمثلهم. وعلى إثر الدعوات التي انتشرت على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، اندفع عدد كبير من المتقاعدين إلى الطرقات، فأقفلوها بالدواليب المحروقة. ودارت مواجهات بينهم وبين القوى الأمنية، استخدمت فيها الأخيرة الغاز المسيّل للدموع، وامتدت على طول الطرقات المحيطة بالسرايا، وصولاً إلى منزل رئيس الحكومة. فطاولت رشقات القنابل المسيّلة للدموع المطاعم المحيطة بشارع الزيتونة، والسيارات والمارّة.