“العربي الجديد”
| ريتا الجمّال |
أطلق وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب، الاثنين، سلسلة مواقف لافتة حيال الحرب الدائرة جنوبي البلاد، والقرارات الدولية ذات الصلة، معرباً عن استعداد لبنان للقيام بـ”مفاوضات غير مباشرة مع الإسرائيليين من أجل وقف إطلاق النار”، وذلك في وقتٍ فضّلت أوساط حكومية عدم الاستفاضة في التعليق على تصريحاته، مكتفية بالقول شريطة عدم ذكر اسمها إنّ “الموقف الرسمي يُعبّر عنه رئيس الوزراء نجيب ميقاتي”.
وعلى الرغم من أنّ وزير الخارجية هو رأس الدبلوماسية والمسؤول عن تطبيق السياسة الخارجية للبلاد، والتصريحات الصادرة عنه يفترض أن تعبّر عن موقف الحكومة مجتمعةً، بيد أنّ مضمون إطلالات بو حبيب الإعلامية المرتبطة بالحرب الدائرة بين حزب الله والاحتلال الإسرائيلي، دائماً ما يثير الجدل، وتقابله بيانات نفي واستنكار وتنصّل ونأي. ويعكس ذلك الاختلاف السياسي اللبناني في مقاربة الملف والانقسام حول قرار الحرب وفتح جبهة الإسناد، علماً أن الموقف الرسمي الذي يعبّر عنه ميقاتي يتماهى مع حزب الله وربطه جبهة لبنان بغزة، مع الإشارة إلى أن بو حبيب محسوبٌ وزارياً على التيار الوطني الحر برئاسة النائب جبران باسيل، الرافض لـ”ربط لبنان بحروب لا مصلحة له فيها”.
واكتفى أكثر من وزير تواصلت معهم مراسلة “العربي الجديد” بمعرض التعليق على تصريحات بو حبيب، التي خرجت عقب اجتماع تشاوري عقد مع سفراء الدول في مجلس الأمن الدولي، بالقول إنّ الموقف الرسمي يخرج عن الحكومة ممثلةً برئيسها نجيب ميقاتي.
لا حديث قبل وقف العدوان الإسرائيلي على غزة
وقال أحد الوزراء الذين يمثلون حزب الله في الحكومة لـ”العربي الجديد”، إنّنا “لن نعلّق على كلام بو حبيب، لكن موقف المقاومة معروفٌ، لا حديث قبل وقف العدوان الإسرائيلي على غزة، ولا وقف لجبهة لبنان قبل وقف إطلاق النار في غزة”، لافتاً إلى أنّ “حزب الله لديه نواب في البرلمان ووزراء في الحكومة يعبّر من خلالهم عن موقفه، وأي تفاوض سياسي غير مباشر تقوم به الدولة على غرار ما حصل بترسيم الحدود البحرية، هذا شأنٌ لها، لكن لا حديث قبل وقف العدوان”.
كذلك، قالت أوساط حكومية لـ”العربي الجديد”، إنّ “الموضوع لم يناقش في الاجتماع أمس، لكن هناك قنوات غير مباشرة مفتوحة منذ زمن عبر الأمم المتحدة والدول الكبرى، تبحث وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان، ومنع توسّع رقعة الحرب، وذلك أيضاً عبر الموفدين والوسطاء، وضمنهم الوسيط الرئاسي الأميركي عاموس هوكشتاين، وسبق أن أعلن ميقاتي أنّ وقف القتال في غزة سيؤدي إلى محادثاتٍ غير مباشرة لإنهاء الحرب على الحدود اللبنانية الجنوبية مع فلسطين المحتلة”.
وضمن تصريحات بو حبيب قوله إنّنا “كحكومة نريد وقف إطلاق النار ووقف الحرب، وأبلغنا معظم المعنيين استعدادنا للقيام بمفاوضات غير مباشرة مع الإسرائيليين من أجل ذلك”، مشيراً إلى أنّ “هناك دعماً قوياً للبنان من كل الجهات وهذا الذي يمنع حصول حرب شاملة في جنوبنا”. وأشار بو حبيب أيضاً إلى “أننا لم نطلب من مجلس الأمن وقف القتال، لكننا طلبنا اجتماعاً استشارياً قد يؤدي إلى ذلك، أو يؤدي إلى عدم استهداف المدنيين، لذلك نعمل على كل المنابر الدولية، نحن نتكلم مع الدول كلها ومع مجلس الأمن، وفي حال حصول وقف إطلاق نار يجب أن يكون هناك قرار جديد”.
وتابع بو حبيب أن “إسرائيل هي التي ترفض، أما حزب الله فمن المعقول أن يرفض، ولكنه ليس دولة ليقول نعم أو لا، الدولة اللبنانية هي التي تقول نعم أم لا. إذا كان هناك نوع من قرار جيد نقبل به كدولة، فسنحاول أن نقنع حزب الله به، وهذه مسؤولية الدولة اللبنانية، فحزب الله ليس عضواً في الأمم المتحدة، بل لبنان وحزب الله معنا من هذه الناحية”. وأوضح رداً على سؤال أن أي قرار سيصدر بوقف إطلاق النار سيكون قراراً جديداً وليس نسخة معدلة من القرار 1701.
ووصل بو حبيب أمس الاثنين إلى القاهرة للمشاركة في أعمال الاجتماع الوزاري لجامعة الدول العربية، على أن يلقي كلمة لبنان ويشرح الموقف اللبناني من آخر التطورات والأحداث المتعلقة بالوضع في المنطقة.
رسالة من لبنان إلى مجلس الأمن: لإجراءات أكثر فاعلية
من جانبه، أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أمس الاثنين، خلال الاجتماع الطارئ الذي دعا إليه عقب استشهاد ثلاثة عناصر من الدفاع المدني بالعدوان الإسرائيلي على بلدة فرون الجنوبية، “الحاجة إلى أن يتخذ مجلس الأمن الدولي إجراءات أكثر فاعلية وحسماً في معالجة الانتهاكات والهجمات الإسرائيلية على المدنيين اللبنانيين”، معتبراً أنه “يجب أن تكون استجابة مجلس الأمن سريعة وقوية وتهدف إلى حماية المدنيين الأبرياء وعناصر الدفاع المدني الذين يبذلون قصارى جهدهم لتخفيف آلام المدنيين”.
وشدد على أن لبنان يدين بشدة “الاستهداف الإسرائيلي المستمر للمدنيين اللبنانيين والذي يشكل انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي وتهديداً لسلامة الشعب اللبناني وأمنه”. وبحسب معلومات “العربي الجديد”، فإنّ الاجتماع مع سفراء دول مجلس الأمن كان جيداً، وكان هناك تشديد لبناني على ضرورة التحرّك سريعاً لوقف العدوان على غزة ولبنان، وأن الموقف الأبرز خرج عن سفراء الصين وروسيا والجزائر، لناحية الجهود التي تُبذل من جانبهم لوقف الاعتداءات الإسرائيلية.
في الإطار، يقول رئيس لجنة الصحة النيابية، النائب بلال عبد الله، الذي شارك بالاجتماع أمس، لـ”العربي الجديد”، إنّ “لبنان عرض ملخص نتائج الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الجنوب اللبناني، والخسائر التي تعرّض لها بشرياً وزراعياً وصحياً، وخاصة استهداف العدو الأخير لمسعفي الدفاع المدني، وجرى تحميل رسالة إلى مجلس الأمن بضرورة أن تكون إجراءاته أكثر فاعلية وقراراته أكثر جدية، لوقف الاعتداءات المتكررة وتثبيت وقف إطلاق النار”.
وتعليقاً على حديث وزير الخارجية، يقول عبد الله: “كيف يمكن أن ندخل بمفاوضات غير مباشرة قبل وقف إطلاق النار وفي ظلّ التهديد اليومي من العدو الإسرائيلي بالتصعيد العسكري، والتوجه إلى الحرب في الشمال؟”. ويشير إلى أنه نتيجة الردّ المدروس من جانب حزب الله على اغتيال القيادي فؤاد شكر، لم يُستدرج إلى حرب شاملة، ولكن هذا لا يعني أن لا نية لإسرائيل بذلك، والاعتداءات اليومية دليل على ذلك، من هنا فإنّ حزب الله أبدى حرصه على البقاء ضمن قواعد الاشتباك، وموقف لبنان رافض للحرب، لكن علينا أن نرى الموقف الإسرائيلي، بحيث لم نسمع أي كلام مفيد أو هادئ من مسؤولي الاحتلال الإسرائيلي، سواء السياسيون أو العسكريون، لافتاً إلى أنّ “النيات الإسرائيلية معروفة، وواضح ذلك أيضاً من عرقلة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو المستمرة لمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، حتى يستفيد من الوقت الضائع وصولاً إلى موعد الانتخابات الأميركية”.