| نجلة حمود |
لم تفلح مساعي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي و«لجنة الصلح» التي كلفت حل النزاع العقاري المزمن بين بلدتَي فنيدق وعكار العتيقة حول منطقة القموعة، وانتهت «المفاوضات» التي استمرت عشر ساعات في السرايا الحكومية بالعودة الى ما قبل المربع الأول. إذ كاد «كبّ» إشاعات في فنيدق عن التوصل إلى اتفاق لمصلحة عكار العتيقة، يؤدي الى فتنة في البلدة التي هبّت عن بكرة أبيها للدفاع عن «العرض» و«الشرف»، وخرجت تظاهرات تخلّلها إطلاق نار، ندّدت بـ«خيانة» لجنة متابعة فنيدق (رئيس الاتحاد عبد الإله زكريا ورئيس البلدية سميح عبد الحي ورئيس البلدية السابق أحمد عبدو البعريني ومخاتير البلدة وفاعليات عائلية)، وأكدت أن«الحدّ على الشير»، وهي العبارة التي يرددها عموم أهالي فنيدق الذين يرفضون الاعتراف كلياً بحقوق عكار العتيقة، رغم وجود وثائق قانونية تؤكد العكس.مصادر في «لجنة الصلح» أعربت عن مخاوفها من وجود «قطبة مخفية دفعت بالأمور الى الانزلاق الى هذا الحد، رغم أن الجميع يعلم أن الطرح الذي تم تقديمه لم يلق موافقتنا، كما أن المفاوضات لم تسفر عن أي اتفاق».
وكان ميقاتي قد أخذ على عاتقه حل النزاع العقاري وترسيم خراج البلدتَين في منطقة القموعة، وشكّل لجنة قبل عامين، برئاسة اللواء محمد مصطفى وعضوية عدد من المحامين والقضاة والطوبوغرافيين، والمهندسين العقاريين ولجان من الجيش، تنسّق مع رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود والقاضي العقاري في الشمال تيريز مقوم.
والتقت لجنة ميقاتي، بحضور لجنة الصلح في عكار (الشيخ أبو زيدان، الشيخ مالك جديدة، المحامي محمد المراد، الشيخ زياد عدرا)، لجنة المتابعة من بلدة عكار العتيقة (تضم رئيس البلدية محمد خليل ومخاتير البلدة وفاعليات عائلية ودينية)، واطّلعت منها على المستندات التي في حوزتها، ثم التقت لجنة متابعة بلدة فنيدق التي قدّمت معطياتها.
وبعدما وضعت لجنة ميقاتي تصوراً للحل، وافقت عليه لجنة عكار العتيقة، فيما طالبت لجنة فنيدق بتعديلات على الخرائط، ما أدى الى أخذ وردّ استمر لساعات، قبل أن يصار الى طرح تصور جديد رفضته فاعليات عكار العتيقة.
وبحسب لجنة عكار العتيقة، فإن «الطرح المعدّل مجافٍ للواقع ولا يمكن القبول به على الإطلاق، إذ تم إعطاؤنا ما هو حق لنا وأرض ممسوحة لعكار العتيقة، فيما المناطق المتنازع عليها بقيت على حالها وهو ما لا نقبل به. وفي هذه الحالة، نفضل البقاء على ما نحن عليه وانتظار الحل القضائي الذي سينصفنا بكل تأكيد»، علماً أن المفاوضات رافقتها تهديدات لشبان من فنيدق على وسائل التواصل الاجتماعي، ما أربك لجنة متابعة فنيدق، وخصوصاً بعد نشر فيديوات لمسلحين في البلدة اعتبروا فيها أن رئيس البلدية يمثل نفسه فقط، مؤكدين عدم القبول بأي تسوية.
هذه التطورات أطاحت بكل اللجان وأجهضت محاولات حل النزاع، الذي سبق أن تسبّب باشتباكات بين البلدتين وأوقع ضحايا من الطرفين.
ويعود الخلاف العقاري على ترسيم خراج البلدتَين الى عام 1959، ولم تنجح الأحكام القضائية التي لم تُنفذ في إنهائه. إذ يتمسك أبناء عكار العتيقة بملكيتهم للأراضي بموجب سندات منذ عام 1911، فيما يؤكد أبناء فنيدق أن «القموعة خط أحمر» وأن الحدود مرسومة طبيعياً. ولم تنجح وساطات الفاعليات السياسية والدينية ونواب تيار المستقبل في الوصول إلى نتيجة مقبولة من الجانبين.