تقدّم المدير المؤقت لبنك الاعتماد المصرفي محمد بعاصيري باستقالته، ليل أول من أمس، بموجب طلبٍ مكتوب خلاصته: “أنجزت المهمة التي انتُدبت من أجلها”، طالباً من حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري إعفاءه من مهامه مع نهاية آب الجاري على خلفيّة بدئه بالعلاج جرّاء إصابته بمرض السرطان.
وشرح بعاصيري في كتاب استقالته تفاصيل العمل الذي قام به لجهة انتدابه لوضع تصور للحل يمكّن المصرف من “إنشاء إدارة مصرفية محترفة”. وتحدث عن نتائج التدقيق الجنائي الذي أرسله إلى الهيئة المصرفية العليا والنائب العام التمييزي جمال الحجّار بناءً على طلب الأخير.
والاستقالة ليست الأولى، إذ سبق أن طلب بعاصيري قبل نحو شهرين إنهاء خدماته نهاية آب، لكنّ حاكم المصرف المركزي طلب منه التريّث. وحسم بعاصيري قراره بالمغادرة بعدما عيّنته الهيئة المصرفية العليا في 14 آذار 2024 ليتولى مهام إدارة أزمة “الاعتماد المصرفي” في 19 من الشهر نفسه. يومها عُيِّن مديراً مؤقتاً لـ”إعادة المصرف إلى السكّة الصحيحة جرّاء العجز الحاصل في رأسمال المصرف، وسط شبهات للجنة الرقابة وهيئة التحقيق الخاصة بشأن عمليات تهريب أموال”.
وفور تسلّم بعاصيري، وإثر اطلاعه على بعض تقارير لجنة الرقابة على المصارف بشأن وضعية المصرف التي تُثير العديد من التساؤلات بشأن عمليات مصرفية حصلت، قرّر إجراء تدقيق جنائي.
وأفادت معلومات، أن عمليات التدقيق الجنائي لم تنته بعد، إنما أُنجز قسمٌ كبير منها اطّلع عليه حاكم المركزي والنائب العام التمييزي الذي سبق أن أشار بفتح تحقيق عدلي إثر اطلاعه على نسخة من تقارير.
وبحسب مصادر اطّلعت على التقرير الجنائي، فقد حُدِّدت مواطن الخلل الأساسي التي بموجبها أصرّ بعاصيري على أن يتعهّد رئيس مجلس إدارة الاعتماد المصرفي طارق خليفة ويُقِرّ بمسؤوليته الشخصية عمّا حصل.
وبناءً على النتائج الأولية، طُرِحت ثلاثة حلول على ثلاث مراحل، آخرها بُحِث الثلاثاء الماضي أمام الهيئة المصرفية العليا. وخلاصة الحل أن يتعهّد المساهمون بإعادة تكوين رأس المال. كما تضمّن الاتفاق أن يلتزم خليفة بنتائج التدقيق الجنائي ويُلزَمَ هو والمساهمين بتكوين رأسمال المصرف خلال سنة واحدة، بحسب المادة 136 من قانون النقد والتسليف.
وفي حال قبلت الهيئة المصرفية العليا بالحل، يتوجّب تقديم دفعة خلال شهرين قوامها ما يوازي عشرة ملايين دولار (Fresh Dollars). كما اتُّفق على أن يكون قسمٌ من هذا المبلغ على شكل أصول عقارية قابلة لأن تُسيَّل لدى المصرف المركزي، شرط أن تكون جميعها من خارج حسابات وأصول بنك الاعتماد المصرفي.
وأجرى بعاصيري مفاوضات مع المساهمين في المصرف للوصول إلى تسوية، لأن البديل كان مساراً يشمل رفع دعاوى قضائية أمام المحاكم المختصة قد تستغرق سنوات طويلة قبل الوصول إلى نتيجة، ونجح في إقناعهم بالأمر، ما يجعل الطريق مفتوحة أمام تسوية ملف “الاعتماد المصرفي”.
وعقب استقالة بعاصيري، يُفترض بحاكم المركزي أن يعيّن مديراً مؤقتاً مكانه. وفي حال رفض المساهمون الالتزام بتفاصيل العرض المقدم الذين تعهّدوا به، بإمكان الهيئة المصرفية العليا مقاضاتهم.