| ناديا الحلاق |
منذ أن رفعت الدولة اللبنانية الدعم عن الأدوية في لبنان، والمرضى يرزحون تحت وطأة أزمة دوائية خانقة، ما أعاق حصولهم على علاجاتهم المطلوبة، خصوصاً من يعانون من أمراض مستعصية ومزمنة، الأمر الذي شكّل عبئاً ثقيلاً عليهم حيث أصبحوا أمام خيارين: إما تأمين الدواء بأسعار مرتفعة جداً أو الإستغناء عنه.
وعلى الرغم من التحسن الملموس الذي شهده ملف أدوية الأمراض المستعصية في وزارة الصحة، والتي وضعت آلية خاصة ليتمكن المرضى من الحصول على الدواء، اشتكى عدد كبير من مرضى السرطان مؤخراً لموقع “الجريدة” من صعوبة تلقي علاجاتهم بعد تعثّر حصولهم على الأدوية المدعومة من الوزارة.
وقبل أيام، ورد لموقع “الجريدة” إتصال من مريض سرطان رئة لم يستلم دواءه، علماً أنه سبق وحصل على الرقم الصحي الموحّد منذ 6 أشهر وعلى موافقة الوزارة، إلا أنه حتى اليوم لم يصل دواءه المدعوم إلى المستشفى الذي يتلقى علاجه فيها.
الأمر الذي طرح تساؤلات حول آلية التسجيل على المنصة ومدى توفر الدواء أصلاً، وإذا ما كان هناك أزمة أدوية في البلد أم أن جهة ما وراء فقدان الأدوية المدعومة؟
مصدر من وزارة الصحة أكد لموقع “الجريدة” أن مواجهة المرضى لمشاكل أثناء حصولهم على الأدوية المدعومة أمر وارد، ويعود ذلك لأسباب عدة، طالباً من كل مريض في حال واجه أية مشكلة التوجه إلى الوزارة للتبليغ عنها وعن المخالفات أو الاستفسار عن المعلومات من أجل مساعدته في أسرع وقت ممكن.
بدوره، كشف نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة في لبنان سليمان هارون أن بعض الأدوية المدعومة قد يتأخر وصولها إلى المستشفيات أحياناً بسبب انقطاعها من السوق، ولكن سرعان ما تقوم الوزارة بتأمينها للمرضى لاحقاً.
وهنا لا بد من طرح السؤال، هل يمكن لمريض السرطان التأخر في تلقي علاجه خصوصاً بعد أن أثبتت الدراسات بأن تأخير علاج السرطان لشهر واحد قد يزيد من خطر الوفاة بنسبة 6% إلى 13%؟.
رئيس جمعية بربارة نصار هاني نصار أوضح أنه “رغم الآلية التي وضعتها وزارة الصحة، إلا أن ذلك لا يعني وصولنا للغاية المنشودة في تأمين علاج مرضى السرطان لكل مريض في لبنان، فهناك مشاكل عدة ما زال يواجهها المريض وعلى الجهات المعنية رصدها ومعالجتها حرصاً على حياة المرضى”.
وشرح نصار تفاصيل العلاج الكيميائي لمرضى السرطان على الشكل التالي:
أولاً، فيما يتعلق بالعلاج الكيميائي الأساسي أي العقاقير التي يبلغ سعرها الـ 200 دولار تقريباً، تعتبر أدوية غير مدعومة من الوزارة، ولكن يتم إعطاؤها للمرضى من خلال المستشفيات الحكومية بشكل شبه مجاني، أما في حال كان المريض مضموناً أو يتلقى علاجه في مستشفى خاصاً فهنا يكون الدواء على نفقته، لافتاً إلى أن الضمان الاجتماعي حتى اليوم لم يقم بأي تقدم إيجابي في هذا الملف على الرغم من قراره السابق بتغطية هذه العلاجات.
ثانياً، بالنسبة للأدوية المدعومة التي تبدأ أسعارها من 200 دولار لتصل إلى 3000 دولار، فهي من المفترض أنها متوفرة، وفي حال حصل أي تأخير في التسليم فهذا لا يعني أنها مقطوعة بل هناك إجراءات معينة أخرت تسليمها، وطمأن نصار المرضى أن لا أزمة دواء تلوح في الأفق خصوصاً بالنسبة للأدوية المدعومة.
ثالثاً، أما بالنسبة للأدوية غير المدعومة وبسبب عجز وزارة الصحة عن تغطيتها فهنا تكمن المشكلة خصوصاً الأدوية التي يبلغ ثمنها 7000 دولار وما فوق، يُترك المريض لمصيره في تأمين الدواء.
ويعطي نصار مثلاً: بالنسبة لدواء سرطان الرئة والذي يبلغ ثمنه 9000 دولار وهوغير مدعوم من الوزارة، لكنها قدمت للمريض بديلاً له بسعر وفعالية أقل.
وكذلك الحال بالنسبة لدواء سرطان المبيض فالوزارة رفعت يدها كلياً عن دعمه وأعلنت عدم قدرتها تغطية 6000 دولار للعلبة الواحدة في حين أن لا بديل لهذا الدواء حيث ترك المريض يصارع وينازع بحثاً عن العلاج.
كما أشار نصار إلى أن “مشكلة تأمين الأدوية المدعومة لحالات معينة، فيما حالات أخرى لا يمكنها الاستفادة من الدعم”.
وعلى سبيل المثال، أعلنت وزارة الصحة عدم قدرتها على تغطية العلاج المناعي إلا لحالات أساسية مدرجة ضمن جدولها المعتمد”.
وشدد نصار على “ضرورة توفير التمويل الكافي لوزارة الصحة وزيادة المبلغ المرصود لشراء أدوية السرطان”.
وفي المحصلة، ما بين منصة الوزارة وصيدليات المستشفيات، ضاع المريض ولم يحصل على دوائه.