/ علاء حسن /
شهدت مدينة أربيل، قبل يومين، هجوماً صاروخياً استهدف، بحسب المعلومات المتداولة، مركزاً تجسسياً تابعاً للموساد الإسرائيلي، وما لبثت التكهنات توغل في تحليلاتها حتى أصدر الحرس الثوري الاسلامي في إيران بياناً تبنى فيه العملية، وكذلك ألمحت وزارة الأمن الإيرانية إلى ضلوعها في الأمر..
وبين مؤيد للعملية ومستنكر لها، تبقى هناك مجموعة من النقاط التي ينبغي الالتفات إليها عند قراءة هذا الحدث، والذي لم يكن الأول من نوعه، فقد شهدت مراكز أخرى ضربات إيرانية مماثلة في السنوات الماضية، وقد لا تكون الأخيرة، بحسب تصريح السفير الإيراني في بغداد ايرج مسجدي الذي صرّح بوجود مراكز أخرى تابعة للموساد، حيث طالب حكومة بغداد بالعمل على إزالتها قبل أن تقوم إيران بذلك. لكن العملية هذه المرة جاءت في توقيت حساس للغاية في المنطقة والعالم، مما أثار ردود أفعال متفاوتة، وأصواتاً عالية طالبت بإدانة العملية.
مما لا شك فيه أن استهداف أراضي دولة ذات سيادة من قبل دولة أخرى، يُعدّ انتهاكاً لها وفق القوانين الدولية، إلا في حال كانت أعمالاً “انتقامية”، وفق تعبير القانون الدولي العام الذي يسمح بالدولة التي تتعرض لأعمال عدائية من قبل دولة أخرى أو انطلاقاً من أراض دولة أخرى، بالرد على مصدر الاعتداء من دون أن يعد ذلك خرقاً للقانون الدولي.
هذا الأمر حصل بالفعل في ما يخص الهجوم الصاروخي الإيراني على أربيل. فالمعلومات المتوافرة تشير إلى أن هذه القاعدة كانت منطلقاً للهجوم على قاعدة الطائرات المسيرة الإيرانية في مدينة كرمانشاه غربي البلاد الشهر الفائت.
ذلك الهجوم يعني أن أراضي كردستان العراق أصبحت منطلقاً لأعمال عدائية ضد إيران، وهو ما يطرح التساؤل الكبير حول قدرة العراق على بسط سيادته على جميع أراضيه، بما فيها إقليم كردستان الذي يعد مركزاً تجسسياً متقدماً للصهاينة والأميركيين تجاه الجارة إيران.
إلى ذلك، لا تنتهي الأعمال العسكرية التركية في شمالي العراق، والذي تعتبره امتداداً لأراضيها، وعمقاً استراتيجياً يحمل فرصة البترول وتهديد الأكراد المناوئين لأنقرة في آن معاً. الأمر الذي أثار حفيظة أحزاب وتيارات عراقية متعددة طالبت أولاً بالتحرر من الاحتلال الأميركي، واستنكار كافة أنواع الأعمال العسكرية التي تستهدف الأراضي العراقية من دون أي تمييز.
وبالعودة إلى الهجوم الصاروخي، فقد حمل هذا الهجوم رسائل متعددة في هذه اللحظة الحاسمة، ففي حين تدرك إيران أن المطالب الأميركية في المفاوضات ستطال القدرة الصاروخية لديها، فإنها بهذا الهجوم أوصلت رسالة للمعنيين أن هذا السلاح سيكون على الطاولة ولكن ليس للتفاوض، بل كورقة قوة بيد الفريق الايراني المفاوض.
من جهة أخرى أرادت إيران التأكيد على أمنها القومي وأهميته في معادلة الصراع مع الكيان الصهيوني، وكانت هذه الرسالة أن على الكيان أن لا يقترب من الأمن الإيراني، وإلا ستكون النتائج قاسية عليه.
الرسالة الأخرى التي أرادت إيران إيصالها كان لحكومة اقليم كردستان، ومفادها أن لا تذهب بعيداً في خياراتها المعادية لإيران، لا سيما أن القاعدة المستهدفة كانت في أحد قصور مسرور البارزاني، بحسب ما تم تداوله، وهي تبعد أقل من كيلومتر واحد من قناة كردستان التلفزيونية التي لم يسمح لها بالذهاب إلى نقطة الاستهداف وتصوير ما جرى على الأرض.
في المحصلة، يبدو أن الاشتباك العالمي الحالي سيفتح المجال على المزيد من تصفية الحسابات النارية، كالاستهداف الاسرائيلي لمقر إيراني في سوريا، والضربة الصاروخية لمقر الاستخبارات الصهيوني في كردستان العراق، وإعدام أكثر من أربعين شاباً من أهالي القطيف والاحساء في السعودية… وكل هذا ينذر بمزيد من الأيام الساخنة في المنطقة.