بدأت المصارف اللبنانية في قبرص بحزم حقائبها استعداداً لإقفال أبوابها ومغادرة قبرص، في ضوء الإجراءات التي اتخذها المصرف المركزي القبرصي والتي هي أقرب إلى عملية “طرد” لقطاع المصارف اللبنانية من الجزيرة.
وتعمل في قبرص 9 فروع لتسعة مصارف لبنانية، وهي: بنك لبنان والمهجر “BLOM”، بنك بيروت “BLC”، بنك البحر المتوسط “MED”، بنك بيمو “BEMO”، بنك بيروت والبلاد العربية “BBAC”، بنك بيبلوس “Byblos”، بنك الاعتماد اللبناني “Crédit Libanais”، بنك أنتركونتيننتال “IBL” وبنك لبنان والخليج “LGB”. بينما يملك كل من بنك سوسيتيه جنرال “SGBL” والبنك اللبناني ـ الفرنسي “BLF” والشركة المصرفية العربية “SBA”، تراخيص عمل كمصارف مستقلة وليس كفروع، وبالتالي فإنها مستثناة من هذا الإجراء.
ويطلب المصرف المركزي القبرصي التزام المصارف اللبنانية بوضع احتياطات إلزامية لديه بنسبة 105 في المائة من إجمالي الودائع المدرجة في ميزانيات الفروع القبرصية للبنوك اللبنانية، وفرض رسم سنوي بنسبة 5 بالألف على هذه الضمانات، وهو ما يجعل عائدات هذه المصارف سلبياً بسبب كلفة التشغيل التي يفترض في هذه الحالة تأمينها من خارج قبرص، مع تحمل الكلفة البشرية والتقنية لإدارة أموال المودعين.
وكان البنك المركزي القبرصي قد بدأ ممارسة ضغوط على المصارف اللبنانية منذ مطلع العام الماضي 2021، ملوحاً بتنفيذ هذه الشروط، ودخل مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف وجمعية مصارف لبنان في مفاوضات مع المصرف القبرصي، لكنها لم تنجح في تعديل شروطه التعجيزية بحجة ارتفاع حدة المخاطر الناتجة عن الأزمات المتفاقمة في لبنان، وكذلك الضغوط السياسية الداخلية والقضائية في لبنان على القطاع المالي، وما أنتجته من انتشار الشكوك لدى السلطات النقدية القبرصية حيال الوجود المباشر لمؤسسات مصرفية لبنانية.
ومع الاتجاه شبه المحسوم لخروج المصارف اللبنانية التسعة من السوق القبرصية بإقفال فروعها في الجزيرة، فإن ودائع هذه المصارف ستنتقل ـ على الأرجح ـ إلى كل من بنك “سوسيتيه جنرال” و”البنك اللبناني ـ الفرنسي” والشركة المصرفية العربية “SBA” الذين يملكون تراخيص عمل كمصارف مستقلة وليس كفروع.
قرار “المركزي” القبرصي سبقه، قبل نحو سنة ونيّف، المصرف المركزي العراقي الذي فرض على المصارف اللبنانية زيادة ميزانياتها بنحو 210 ملايين دولار، مشترطاً عليها الاحتفاظ بـ 70% من الودائع داخل العراق، و30% خارجه. أما إذا أرادت أن تودع 20% من رأس المال خارج العراق، فعليها إيداعها في مصارف تحمل تصنيفاً ائتمانياً درجة B وما فوق. ولم يسمح “المركزي العراقي” بتحويل الأرباح المحققة لثلاثة أعوام متتالية. ولم يتمكن تحمّل شروط المصرف المركزي العراقي إلّا اثنان من أصل 10 مصارف لبنانية كانت تعمل في السوق العراقية.
وتتحدّث مصادر مصرفية لبنانية عن استشعارها بوجود توجّه في فرنسا أيضاً لفرض شروط قاسية على المصارف اللبنانية التي تملك فروعاً في فرنسا.