لماذا لا تتصادم الطيور في الأجواء كما البشر على الأرض؟

فيما يجد البشر صعوبة في تجنب الاصطدام ببعضهم عند الالتقاء في الشوارع المزدحمة، تطير أسراب الطيور المختلفة في الأجواء ولا تتصادم عند تقابلها مهما كثرت أعدادها.

وفي دراسة استخدم فيها العلماء طيور الببغاء، تبين أن أفراد أنواعها المختلفة جميعا تقريبا تستدير أثناء طيرانها إلى اليمين حين ترى ما يعترض طريقها.

وقال الخبراء إن هذا السلوك المتسق هام للغاية، لأن “الأنماط العشوائية بين الأفراد ستكون في غير محلها، لأنها ستؤدي إلى تصادمات بنسبة خمسين بالمئة”.

والملاحظة الأخرى المثيرة للاهتمام التي رصدها العلماء تتمثل في سرعة رد فعل الطيور التي واصلت تطورها على مدى 150 مليون عام، إذ تبين أن بإمكانها اكتشاف التصادم المحتمل وإجراء التصحيح اللازم في وقت قدره 0.42 ثانية.

ومن بين الأمور اللافتة الأخرى التي رصدها الخبراء، أن الأسراب الضخمة من الزرزور التي تظهر في الأجواء مشكلة تكوينات بهلوانية مدهشة، قد تتصادم بشكل دوري، ولكن بطريقة تتلامس فيها أحيانا من دون أن تتضرر.

وأشار العلماء إلى أن أفراد الطيور في أسرابها تجيد توقع التغييرات في اتجاه الرحلة، وهي تدرك وقت وكيفية التغيير، وكل طائر في السرب لا يرى الطائر الأقرب إليه فقط، بل يضع جميع الطيور في مجال رؤيته.

ويتفاعل كل طائر في مثل هذه المواقف أثناء الطيران بطريقة تشبه قطع الدومينو المتساقطة. ويمكن للطيور بما أن جميعها لديها نفس وقت رد الفعل السريع، الحفاظ بنجاح على ذات الوضع بالنسبة للمجموعة بأكملها، وبالنسبة للطيور المجاورة حين يغير السرب اتجاهه.

وبحسب الخبراء، يحدث ذلك لأن رد فعل الطيور فطري. مع ذلك فهي ليست مثالية مئة بالمئة، لأن بعض الطيور تتلامس لكنها لا تتصادم في الغالب بطريقة كارثية، لأن المسار يتم تصحيحه على الفور بسرعة وسهولة لا تتعدى أجزاء الثانية.

ولفت الخبراء أيضا في هذا السياق، إلى أن الطيور تبدو في السماء عند مشاهدتها عن بعد، أقرب إلى بعضها مما هو الحال عليه فعلا.

واعتقد مانديام سرينيفاسان، الأستاذ بجامعة كوينزلاند باستراليا، أن الطيور تمكنت من تطوير استراتيجية طيران خالية من حوادث التصادم تحت تأثير عملية تطور طويلة المدى.

وأشار هذا العالم المتخصص إلى أن التجارب على طيور الببغاء، أظهرت أن هذه الطيور تنحرف دائما إلى اليمين، لتتفادى ما يواجهها أثناء طيرانها، ما ساعد على سلاسة حركتها، لافتا إلى أنه خلال 120 تجربة عملية لم يحدث حتى تصادم واحد بين الطيور، وعلاوة على الحركة إلى اليمن لتفادي الطيور الاصطدام ببعضها، على عكس النحل الذي تنحرف أفراد أسرابه حين تتواجه إلى اليسار، تغير أحيانا الطيور علاوة على ذلك من ارتفاعها.

ولا يزال العلماء يجهلون ما يؤثر على الطيور لتختار الارتفاع المناسب أثناء عمليات تفادي التصادم مع بعضها.

ورأى العالم الأسترالي سرينيفاسان، أن التسلسل الهرمي للطيور في السرب ربما يؤثر على هذه المسألة.

واكتشف عالم إيطالي متخصص في الفيزياء يدعى أندريا كافاجنا، وجود نظام متطور للتواصل المتبادل بين الزرازير، تبين أن الفرد من هذا النوع من الطيور يستطيع في جزء من الثانية إرسال إشارة إلى الزرازير الأخرى، وتوجيه السرب بأكمله بعيدا عن طائر أو حيوان مفترس أو لتجاوز عقبة ما.

ولم يكشف العلماء كل أسرار حركة الطيور في الأجواء وخاصة دورانها الفردي وتغيير اتجاهها أثناء رحلتها. بهذا الشأن لا توجد حتى الآن إلا تخمينات وآراء متنوعة لا تزال البيانات العلمية تنقصها.

ويستفيد الإنسان  من براعة الطيور الفطرية في الطيران في تطوير الصناعات الجوية المختلفة. بالمقابل تصطدم الطيور الصغيرة والكبيرة بالطائرات المختلفة ولاسيما على ارتفاعات منخفضة، كما تشفط محركات الطائرات العملاقة الطيور وتطحنها. في نفس الوقت تواصل هذه لكائنات الرائعة إمدادنا بمفاتيح الأسرار.

error: Content is protected !!