/ إيناس القشّاط /
تكررت حوادث سقوط الأطفال في الآبار المكشوفة خلال الفترة الماضية، وتمكنت فرق الدفاع المدني من إنقاذ بعض هؤلاء الأطفال في حين لم تنجح هذه الفرق في الوصول إلى أطفال آخرين. وقد أضاءت قصة الطفل المغربي ريان على هذه المشكلة التي تصيب العديد من دول العالم.
أرقام مفزعة!
تُعرِّف منظمة الصحة العالمية “حالات السقوط” بكل حدث يُفضي بالشخص إلى الانطراح بدون قصد على الأرض أو على أي سطح أو أي مكان من ارتفاع أعلى، مثلما حدث مع الطفل ريان، ويمكن أن تكون الجروح الناجمة عن حوادث السقوط مميتة، رغم أنها ليست كذلك في معظم الأحيان.
وتقع كل عام 37.3 مليون حادثة سقوط غير مميتة لكن درجة خطورتها تستدعي تلقي عناية طبية، فيما تقدّر منظمة الصحة العالمية عدد ضحايا “حالات السقوط” سنوياً بنحو 684 ألف حالة وفاة، مما يجعلها السبب الثاني للوفاة بجروح غير متعمدة، بعد حالات الوفاة بجروح ناجمة عن حوادث الطرق.
ويُسجّل أكثر من 80 بالمئة من الوفيات الناجمة عن حوادث السقوط في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل، وتمثل منطقتا غرب المحيط الهادئ وجنوب شرقي آسيا 60% من هذه الوفيات، وتسجل أعلى معدلات الوفيات بسبب هذه الحوادث في أوساط البالغين الذين تزيد أعمارهم عن 60 سنة.
من ريان المغربي.. إلى حيدر الأفغاني
كانت آخر الحوادث قصة الطفل حيدر البالغ من العمر 6 سنوات، والذي سقط في بئر ارتوازي يبلغ عمقه حوالي 25 متراً في منطقة جالداك في ولاية زابل جنوبي أفغانستان.
وبعد 3 أيام من محاولات انتشاله، أعلنت السلطات الأفغانية وفاته، حيث فشلت عناصر الإتقاذ من الوصول اليه، بسبب الأرض الصخرية الوعرة التي عرقلت تقدمهم.
وأعاد حيدر الى الأذهان، قصة الطفل المغربي ريان الذي حبس انفاس العالم اجمع.
وكان ريان قد سقط في بئر عميق في مطلع شهر شباط الجاري، وبعد قضاء الطفل ابن الخمس سنوات مدة خمسة أيام في قاع البئر، التي تجاوز عمقه 30 مترًا، استطاعت السلطات المغربية انتشاله، ولكن جثة هامدة، وسط متابعة الملايين عبر منصات التواصل الاجتماعي.
حوادث شبيهة
ووقعت حوادث مشابهة في شتى أنحاء العالم، وتشهد مناطق عديدة سقوط أطفال في آبار، لكن حالات السقوط لا تنحصر فقط في مثل تلك الحوادث، إذ تُفقد مئات الآلاف من الأرواح حول العالم في “حوادث سقوط” مختلفة، من بينها أيضاً السقوط من أعلى المباني، كما تتنوع الفئات العمرية المعرضة لتلك الحوادث، لكن الأطفال وكبار السن هم الأكثر عرضة دائماً.
الطفل هيثم
ومن تلك القصص، الطفل الليبي، هيثم مسعود حيدر، الذي توفي إثر سقوطه، في بئر سطحي، بأحد المساجد في المنطقة الشرقية من ليبيا.
وكان قد اعلن والد الطفل في منشور على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، إنه يبحث عن ابنه الذي فقده في وقت سابق، ولا يعرف وجهته ولا مصيره، ليتبين لاحقا أنه سقط في البئر، وفارق الحياة.
أطفال سوريا
وشهدت سوريا حادثة مشابهة لذلك أيضا، وتم ابلاغ فوج الإطفاء السوري بسقوط فتى يبلغ من العمر 16 عاما، وبعد عملية البحث، تم العثور عليه جثة غارقة في بئر يبلغ عمقه 64 مترا.
ولم يكن هذا الفتى وحده السوري الذي قضى في الآبار، ففي ادلب قضى الطفل حسن الزعلان ذي العشر سنوات بعد سقوطه في بئر ارتوازي على عمق 21 متراً في بلدة كفروحين شمالي إدلب. استغرقت عملية الحفر للوصول إليه نحو خمسة وخمسين ساعة، تناوبت فيها خمس فرق من الدفاع المدني ليتمكنوا من إخراج جثة الطفل.
كما أنقذ فريق الدفاع المدني السوري، في وقت سابق، طفلة تبلغ من العمر 5 سنوات، إثر سقوطها في بئر جاف، في منطقة الباب شرقي مدينة حلب، حيث نُقلت الطفلة إلى مستشفى مدينة الباب بعد إنقاذها لإجراء الفحوصات الطبية اللازمة لها والتأكد من سلامتها.
طفل كركوك
وقبل شهور، سقط طفل عراقي في بئر عميق في كركوك، ولكن استطاعت فرق الإنقاذ سحبه وإنقاذه سالما.
https://youtu.be/bThPNcnO2mg
عياش الجزائر
وفي الجزائر، كان شاب ثلاثيني يُدعى عيّاش قد سقط في بئر قديم يصل عمقه إلى 100 متر بينما لا يتجاوز قطرها 35 سنتيمترا.
وظل عياش محاصرا في تلك البئر مدة أربعة أيام، قضى أول يوم منها دون أن يفطن أحد إلى سقوطه حتى سمع طفل صراخه.
وعلى غرار عملية إنقاذ الطفل المغربي ريان، شرع العاملون في الدفاع المدني الجزائري في الحفر حول البئر حتى الوصول إلى المكان العالق فيه عياش الذي لم يستطع العيش في مكانه أكثر من أربعة أيام بينما استمرت أعمال الحفر تسعة أيام حتى وصلت إلى جثته.
وحظيت قصة عياش أيضا باهتمام واسع على منصات التواصل الاجتماعي.
فريق الكهف التايلاندي
أما في تايلاند، كان الكثيرون حول العالم يحبسون أنفاسهم وهم يتابعون عملية إنقاذ 12 طفلا هم فريق كرة قدم حوصروا في كهف رفقة مدربهم.
وكان الفريق يتفقد الكهف عندما انهمرت عليه مياه الفيضانات وسدّت مخارجه ليُحبس الفريق في المكان 17 يوما.
وقد شارك في عملية الإنقاذ 90 غواصًا، بينهم 40 من تايلاند، والباقي من دول أخرى.
فاجعة في لبنان
وفي لبنان، توفي 5 لاجئين سوريين اثر سقوطهم في بئر يزيد عمقه عن 11مترا في طرابلس.
وبحسب التفاصيل، فإن 4 منهم سقط في البئر اثناء عملهم في تنظيفه، ليقوم الشخص الخامس بمحاولة انقاذهم الا انه سقط فوقهم.
وفي حادثة أقل ما يقال عنها أنّها مأساوية، توفيت رولا بحلق ابنة الـ 14 عاماً في حي السلم، بعدما إنخسفت الارض وهي نائمة وسقطت في فجوة من مياه المجارير.
وفي التفاصيل، الفتاة كانت نائمة في غرفتها في منزلها في حي السلم، اهتزت الأرض تحتها وما لبث أن انخسفت فظهرت فجوة كبيرة من مياه المجارير يصل ارتفاعها إلى متر ونصف تقريباً، سقطت رولا في هذه الفجوة وسقطت بعض محتويات المنزل عليها.
وبعد 15 دقيقة نجح أهالي المنطقة بانتشالها من مياه المجارير، ونقلوها إلى المستشفى، الا انها فارقت الحياة نتيجة الإختناق والتسمم، ووريت الثرى في بلدتها يونين البقاعية.
وليس الأطفال وحدهم ضحايا الآبار، فكبار السن أيضا تبتعلهم الآبار. حيث توفي رجل سبعيني في بلدة صريفا اللبنانية بعد انتشاله من خزان مياه في منزله.
قصة الطفلة لمى الروقي
سقطت الطفلة لمى الروقي في أحد الأبار عندما كانت ترافق عائلتها في رحلة ترفيهية إلى مدينة تبوك وتحديدًا في وادي الأسمر في السعودية، وعلقت هناك لمدة 13 يومًا.
تدخلت فرق الإنقاذ والجهات المعنية في عملية إنقاذ لمى والتي استمرت لأيام، وخلال الانقاذ تبين لهم أن البئر عبارة فتحة ضيقة وبعمق وصل إلى 30 متر، ولا يتجاوز قطر البئر الـ50 سنتمتر، على النحو الذي تصعب معه محاولات الدخول لانتشال الطفلة.
وبعد مضي 13 يوم على سقوط الطفلة في البئر، ظهرت مؤشرات قوية تؤكد الوصول لمكان قريب من جثة الفتاة تتمثل بالرائحة القوية المنبعثة من الجثة جراء تحللها، إلا أنه لم يتم العثور بشكل فعلي وملموس على الطفلة.
وبعد مضي 20 يومًا متواصلة من العمل المضني، تمكنت فرق الإنقاذ من الوصول للمستوى المطلوب من الحفر، وتم فتح الممر الواصل بين البئرين، حيث تم انتشال جثة لمى الروقي.
بئر في إندونيسيا
في حزيران 2020، سقط شاب يدعى جاكوب روبرتس في بئر اثناء فراره من كلب كان يطارده في جزيرة بالي الإندونيسية.
وكان عمق البئر هذه المرة يبلغ أربعة أمتار، وقد انكسرت ساق روبرتس لدى سقوطه فيها فلم يستطع مبارحتها مدة ستة أيام كاملة.
وقد استعان الشاب ذو الـ 29 ربيعا بقليل من الماء كان في قاع البئر للبقاء على قيد الحياة.
وساق القدر إحدى المواشي لترعى حشائش على مقربة من البئر وكان صاحبها يبحث عنها، وهنا صاح روبرتس مستغيثا حتى سمعه المزارع وتم إنقاذه.
واستعان القائمون على عملية إنقاذ روبرتس برافعة لانتشاله من البئر قبل نقله إلى المستشفى.
سقوط من غرفة النوم
في ولاية فلوريدا الأميركية، اختفى رجل ثلاثيني يدعى جيفري بوش بينما كان في غرفة نومه التي ابتلعتها حفرة بعمق ستة أمتار نتجت عن انزلاق أرضي.
وحال استمرار الانزلاق في المكان، نظرًا لاتساع قطر الحفرة الذي بلغ نحو 30 مترًا، دون الوصول إلى بوش وتعليق مهمة البحث عنه.