| ندى أيوب |
أحد أوجه انحلال الدولة ومؤسساتها يعكسه الاعتماد على هرطقات قانونية لإدارة المرافق العامة بحجة استمرارية تسييرها، كما يحصل في أكثر من مستشفى حكومي (ومنها مستشفى بيروت)، تُسيّر أمورها، بـ«حكم الاستثناءات»، لجان طبية هجينة ابتُدعت من دون أيّ نص قانوني، لتخلف مجالس الإدارة المنحلّة، حتى بات الاستثناء هو القاعدة.
منتصف آذار الماضي، عيّن وزير الصحة فراس الأبيض أربعة أعضاءٍ إضافيين في لجنة إدارة مستشفى بيروت الحكومي، في خطوة أثارت تساؤلات عن سبب التعيين بعد عامٍ من تأليف اللجنة التي تضم أربعة أعضاء، وأعادت إلى الواجهة ملف إدارة المستشفى من قبل لجنة لا صفة لها، ولا يلحظها القانون في النصوص المتعلّقة بإدارة المؤسسات التابعة للدولة.تعود القصة إلى أيلول 2021، عند تعيين الأبيض الذي كان مديراً عاماً للمستشفى وزيراً للصحة. إذ كان ينبغي على الحكومة المكتملة الصلاحيات حينها تعيين مدير عام جديد يخلف الوزير المعيّن باعتباره مستقيلاً من إدارة المستشفى، وهو ما لم يحصل.
فيما جمع الأبيض مجلس الإدارة، وطلب من أعضائه مواصلة العمل إلى حين اتّضاح الصورة. وعمد المجلس، بشكلٍ مخالفٍ للقانون، إلى تعيين العضو الأكبر سناً الدكتور جلال الناطور رئيساً له ومديراً عاماً، ورئيسة مصلحة التمريض وحيدة غلاييني «مساعدة المدير العام للمُستشفى»، وهو منصب مستحدث وغير ملحوظ في ملاك المستشفى، متعدّياً على صلاحيات الحكومة بصفتها الجهة الوحيدة التي لها حقّ إجراء تعيينات دائمة. إلا أن مجلس الوزراء لم يؤدّ واجبه بملء الشغور عبر تعيين مدير أصيل، ولا وزير الصحة ضغط في هذا الاتجاه. وثمّة من قرأ في هذا الوضع محاولة من الأبيض للاستمرار في إدارة المستشفى عن بعد، وإبقاء المنصب محجوزاً له بعد انتهاء ولايته الوزارية، وهو ما ينفيه الأبيض رامياً الكرة في ملعب الحكومة.
واصل مجلس الإدارة عمله إلى أنّ استقال العام الماضي، فأصدر الأبيض، بصفته وزير الوصاية، قراراً بتشكيل لجنة إدارية مؤقتة للمستشفى برئاسة الدكتور جهاد سعادة، وعضوية ثلاثة أطباء «راعى قرار تعيينهم التوازنات الطائفية» وهو ما تتوقف عنده أوساط معنيّة، مشيرةً إلى أن الاختيار خضع للمحاصصة الطائفية والحزبية، كما توقفت عند تكليف أطباء بإدارة مستشفى يعملون فيه هم أنفسهم، ما «يخلق تضارباً في المصالح لجهة إمكانية اتخاذهم قرارات تصبّ في مصلحتهم».
في آذار الماضي، عيّن الوزير أربعة أعضاءٍ جدد في مجلس الإدارة وفق الاعتبارات الطائفية نفسها لأن «البلد برمّته محكوم بالتوازنات الطائفية، وإذا لم نأخذ ذلك في الاعتبار إلى جانب الكفاءة، فسنُتّهم بالانحياز»، وفق ما قال لـ«الأخبار». وعن توسيع اللجنة من أربعة إلى ثمانية بما يوحي بتشريع باب المستشفى للتنفيعات، أشار الأبيض إلى أنّ التجربة «أظهرت أنّ النموذج القديم في إدارة المستشفيات من قبل أطباء فقط لا يفي بالغرض، لذلك طعّمنا اللجنة بأفرادٍ لديهم إلمام بالإدارة، وخصوصاً في ما يتعلق بالمشتريات والمالية وإدارة الموارد.
ورست تركيبة اللجنة على 6 أطباء وإداريين اثنين، بعضهم يعمل في المستشفى»، لافتاً إلى أنه «لا يوجد نص قانوني يحظر على أفراد الطاقم الطبي في المستشفى تولي إدارته، علماً أنهم الأقدر على معرفة مشاكله». وشدّد على أن أكثر من مستشفى حكومي «يُدار بلجان شبيهة بعد استقالة مجلسه الإداري»، محمّلاً مسؤولية عدم التعيين إلى الحكومة التي «تتفادى اتخاذ قرارات التعيين في الظرف الراهن».