التاريخ يعيد نفسه: فوندرلاين.. بعد دين براون!

| مرسال الترس |

لم يفاجأ اللبنانيون بالضجة التي أحدثتها المقترحات الأوروبية بشأن النازحين السوريين، فالغرب، بشكل عام، لديه دائماً خطط لتقديم الخدمات إلى الدولة اليهودية، والتي في صلب دستور كيانها السعي لإقامة دويلات طائفية ومذهبية في هذا الشرق، كي تبقى هي الأقوى والمسيطرة على الجميع، ومتحكمة بخناقهم.

ولكن ما فاجأ اللبنانيين هو موقف كبار المسؤولين اللبنانيين، وفي طليعتهم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي تعامل مع الطرح وكأنه “حج خلاص” من كابوس النازحين، فيما عادت الذاكرة بأهل الوطن إلى مواقف كبار المسؤولين اللبنانيين، في منتصف سبعينيات القرن الماضي، عندما واجهتهم مصيبة أعتى، وربما توازيها بالحقارة.

ففي العام 1976، وعلى هامش حرب ضروس بين مكونات الوطن، مطعمة بدعم اللاجئين الفلسطينيين لفئة منهم، جاء موفد أميركي يدعى دين براون يعرض على الزعماء المسيحيين، وعلى رأسهم رئيس الجمهورية آنذاك سليمان فرنجية، بأن يسهّل نقلهم إلى كندا عبر البواخر، وبذلك ينتهي جزء محوري من قضية الشرق الأوسط، فما كان من الرئيس فرنجية الاّ أن أسمعه ما لا يرغب من الكلام، ومعلناً انتهاء الاجتماع!

أما في الأسبوع الفائت فكان اللقاء مريحاً بين ميقاتي من جهة، وكل من رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فوندرلاين والرئيس القبرصي نيكوس خريستو دوليدس من جهة ثانية، واللذين عرضا دعم لبنان بمليار يورو لتعزيز إبقاء النازحين على الأراضي اللبنانية. فما كان من رئيس حكومة تصريف الأعمال إلاّ أن خرج إلى اللبنانيين “ليبشّرهم” بأنه ستكون لهم فرص عمل موسمية في بعض الدول الأوروبية، والتي فسّرها البعض على أنها تحفيز للبنانيين على التوجه إلى القارة الأوروبية وربما مع الوقت العيش هناك لفترة مستدامة، فيما يتعزز بقاء النازحين السوريين على أرضهم بدعم مالي أوروبي واضح.

والرئيس ميقاتي، الذي دخل في ثنايا الخطة، بمعرفة او بتطنيش، ولأسباب غير واضحة، حاول تغطية “السماوات بالقباوات”، فاجرى اتصالاً بالبطريرك الماروني بشارة الراعي لوضعه في تلابيب ما حصل. ولكن بكركي، التي “لُدغت” من ميقاتي في أكثر من مناسبة وعضّت على الجرح، أكملت في طريق الدعوة إلى عقد لقاء رسمي واختصاصي جامع للبحث في خلفيات ودوافع الطروحات التي لا تخلو من القطب المخفية.

لا يأتي أي موفد غربي إلى هذا الشرق، إلاّ وفي قرارة نفسه كيفية دعم كيان الاحتلال. وبالتالي ما على المسؤولين اللبنانيين، في السلطتين التنفيذية والتشريعية، إلاّ وعي هذه الحقيقة المجردة، والتعامل مع أي طرح غربي، إن جاء أميركياً على لسان دين براون أو أوروبياً على لسان فوندرلاين، إلاّ على أنه مفخخ، ويجب الحذر منه بوعي، لأنه على المؤمن أن لا يلدغ من جحر مرتين!