ارتباك دولي في لبنان.. وتحذير من التصعيد والمماطلة!

| غاصب المختار |

لم تنضج بعد “طبخة” اللجنة الخماسية العربية ـ الدولية لتقديم “وجبة” انتخاب رئيس للجمهورية للبنانيين. ويبدو أن مبادرة “تكتل الاعتدال الوطني” تترنح تحت ضغط الشروط والشروط المضادة، الشكلية والإجرائية، حول آلية انعقاد التشاور أو الحوار، الذي يفترض ان يُمهّد لجلسات انتخاب رئيس الجمهورية.

وبحسب مصادر نيابية متابعة للحراك الرئاسي الجاري، فإن كلام عضو “تكتل الاعتدال” النائب وليد البعريني مؤخراً حول احتمال نعي مبادرة “التكتل”، استوقف عدداً من النواب، فقال أحدهم: إن التشاؤم بعدم نجاح المبادرة والمساعي لإنتخاب رئيس، صار قائماً بين أعضاء التكتل. كما أن ما ظهر من حراك اللجنة الخماسية والمواقف التي تعلنها، يدل على أنها تتحرك لملء الوقت الضائع، لكنها لا تخفي استياءها الشديد من المماطلة اللبنانية في إنجاز الاستحقاق.

ووفق مصادر دبلوماسية غربية تعمل على خط التقارب بين القوى السياسية، فإن اللجنة الخماسية غير معنية بتفاصيل آليات الدعوة للتشاور أو الحوار، بل ترى أن مبدأ الحوار هو الهدف، وهو الضروري، ومن دونه لا تفاهم ولا توافق. وتعتبر المصادر أن رفض فكرة الحوار يعني عدم رغبة السياسيين اللبنانين بتحمل مسؤولياتهم في التفاهم على انتخاب الرئيس، بل استمرار الاعتماد على الخارج وما يطرحه من أفكار او حلول، فإن توافقت مع رغبة وأهداف ومصالح السياسيين اللبنانيين، يسيرون بها، وإلّا لن يسيروا بأي اقتراح للحل!

في الكواليس أيضاً، ما تنقله مصادر نيابية على صلة بحركة السفراء، عن تحذير مبطّن بأن المماطلة اللبنانية قد تدفع الدول المعنية إلى ترك الملف الرئاسي، ولو مؤقتاً، والتفرّغ أكثر إلى معالجات الأسباب الخارجية للإستعصاء اللبناني، عبر مواصلة السعي لوقف الحرب على غزة وامتداد مواجهاتها إلى جبهة الجنوب اللبناني، خشية توسعها أكثر بعد الضربات المتبادلة بين إيران والكيان الاسرائيلي، والتي تُنذر بحرب إقليمية لا زالت نُذُرها قائمة، على الرغم من أن الطرفين اكتفيا بالمواجهة الصاروخية التي حصلت.

المعطيات لا زالت تشي بأنّ الحلول ليست في متناول اليد حالياً، بل إن الجهد منصب على إيجاد مقاربات جديدة مقبولة لتحقيق أكبر قدر ممكن من ضبط النفس العسكري والتوافق السياسي اللبناني الداخلي. ومع ذلك، تبقى الكلمة للميدان في غزة وفي جنوب لبنان والجبهات الأخرى، من سوريا إلى العراق واليمن، والتي تتحرك على إيقاع نوايا الكيان الاسرائيلي وخطواته العسكرية المقبلة، سواء في اجتياح رفح “المؤجل” بطلب أميركي مُلحّ، ولكن حتى إشعار آخر، أو بتصعيد المواجهات في جبهة الجنوب.

وما يثير القلق أكثر، أن ارتباط وضع لبنان حالياً بوضع غزة، بات قناعة لدى أعضاء اللجنة الخماسية، وهي تحاول في مسعاها الأخير فصل مسار الحرب عن مسار الرئاسة، وهو أمر بدا مستحيلاً بعد تغيير المعادلات في المنطقة، ورد ايران الذي وصف بأنه غير مسبوق على قصف قنصليتها في دمشق، بحيث أنها دخلت المواجهة مباشرة وليس عبر حلفائها، فخلقت قواعد اشتباك جديدة عبر تكريس معادلة الردع القوية، ولفت نظر العالم إلى أن طهران لن تسكت على تجاوز الكيان الاسرائيلي للخطوط الحمر، وقد مارست “الصبر الاستراتيجي” طويلاً، بحسب تعبير مصادر في حلف المقاومة والممانعة. وقد خلق الرد الإيراني القوي حالة من الإرباك الدولي حيال كيفية التعامل مع الوضع اللبناني، معطوفاً على الاستياء من ربط المسؤولين اللبنانيين مصير بلدهم بما يجري في الإقليم!