11.5 مليون دولار “فريش” إيجارات للمباني الحكومية

جريدة الأخبار

| فؤاد بزي | 

أقرّ مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة تصحيحاً على الزيادة التي تطاول الإيجارات القديمة للأبنية الحكومية، إذ كانت هذه الزيادة قد حُدّدت بنسبة 5% سنوياً، بينما يجب أن تكون بنسبة قصوى هي 5%، لكنّ المشكلة لا تكمن في العقود القديمة، إنما في كل الإيجارات الحكومية التي كانت تستنزف من الخزينة نحو 60 مليون دولار في عام 2018، وهي اليوم تستنزف نحو 11.5 مليون دولار (فريش)، أو نحو 1070 مليار ليرة.وكان مجلس النواب، أقرّ في قانون موازنة 2018 قانون برنامج لتشييد الأبنية الحكومية في سبيل استغناء الدولة وإداراتها الرسمية عن أعباء وأكلاف استئجار المباني والإنشاء التي تشغّلها كمراكز ومكاتب خلال 5 سنوات. ورُصدت اعتمادات بقيمة 750 مليار ليرة للتخلّص من هذا العبء من دون أن يُنفذ هذا القانون.

في الواقع، جاء صدور هذا القانون بعد أكثر من 14 سنة على الدراسة التي أعدّها يومذاك وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية محمد فنيش، إذ أوصى فنيش بإنشاء مبان حكومية على عقارات تملكها الدولة، إذ لم يرَ الوزير أنه من الطبيعي أن تدفع الدولة سنوياً أكثر من 90 مليار ليرة لاستئجار نحو 57 مبنى. وتبيّن له أن غالبية هذه المباني لا تستوفي الشروط المحددة قانونياً لإقامة المراكز الحكومية، كما أن المباني المستأجرة موزّعة مناطقياً من دون أن تلبّي الحاجة المطلوبة منها سوى تنفيع البعض وتكبيد الدولة أكلافاً إضافية غير مبرّرة. وفي الوقت نفسه، فإن الانتقال من الإيجارات، إلى الملكية، سيخفّف الكلفة السنوية على الخزينة ولا سيما أنها لن تعود مضطرة أن تكون رهينة إيجارات قديمة وجديدة ببدلات مرتفعة ثمة عدد كبير منها هو عبارة عن تنفيعات لهذه الشخصية السياسية أو لتلك. وكان اقتراح فنيش يشير إلى أن الأولويات تكمن في تحرير المباني المستأجرة قبل عام 1992 والتي تخضع لقانون الإيجارات القديم، ثم الإيجارات التي تخضع لحرية التعاقد وهنا الهدر الكبير لأن العقود الحرّة نُظمت بالدولار بشكل أساسي وبقيم كبيرة بعد تخمينات متلاعب فيها.

وبحسب إحصاء أعدّته الأمانة العامة لمجلس الوزراء قبل الأزمة، فإن الدولة تستأجر نحو 1308 قسماً وتدفع بدلات إيجار تصل إلى 63 مليون دولار سنوياً، وبدلات الإيجار هذه تزداد اليوم ربطاً بالتعديلات التي أُقرّت على قوانين الإيجار. لكن اللافت أن المستفيدين من هذه الإيجارات هم نافذون كبار في لبنان. فعلى سبيل المثال، تُستأجر أقسام في مبنى «ستاركو» المملوك من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، لوزارة شؤون التنمية الإدارية مقابل 573 ألف دولار سنوياً، وتعاونية موظفي الدولة تشغل مبنى مستأجراً من 4 طوابق في برج حمود، وتدفع 670 مليون ليرة سنوياً بدل إيجار منذ 2016، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي يشغل مقرّاً في وسط بيروت و20 موقف سيارة مستأجراً مقابل 300 ألف دولار سنوياً، ويضاف إليها 28 ألف دولار بدل صيانة سنوية، والتفتيش المركزي مقره مبنى مستأجر من 12 طابقاً في رأس بيروت، ويكلف الدولة سنوياً أكثر من مليار ليرة بدل إيجار. صحيح أن هذه الأرقام عائدة لما قبل 2019، لكنّ التصحيح سيطاولها تدريجياً لتعود مساوية بالقيمة الشرائية لما كانت عليه قبل الأزمة، ويومها سيكون قد مرّ وقت طويل على خطة الإنشاء بدلاً من الاستئجار، وقد ترغب السلطة في إعادة النقاش بعد دراسات لتمضي نحو 14 سنة إضافية.