الخلاف الماروني علّة تعثّر انتخاب الرئيس!

| غاصب المختار |

بدا من التصريحات المتتالية والمتناقضة بين أركان القوى المسيحية، “التيار الوطني الحر” وتيار “المردة” و”القوات اللبنانية”، ان الوضع المسيحي ذاهب نحو مزيد من التأزم، بعد نعي مبادرة بكركي لعقد لقاء لهذه القوى وغيرها، وبالتالي ضرب إمكانية إصدار “وثيقة بكركي الوطنية” بموافقة كل الأطراف.

وبحسب التصريحات المعلنة، غاب تيار “المردة” عن لقاء بكركي الأسبوع الماضي لأسباب كثيرة “في الشكل والمضمون”، كما قال النائب طوني فرنجية. أما رئيس حزب “القوات” سمير جعجع فقد استبق صدور الوثيقة بالقول في مقابلة تلفزيونية إنه “لا يعوّل على صدور نتائج عن لقاء بكركي، وغير مقتنع به”، وهو ما استند عليه موقف “المردة” بعدم حضور اللقاء، إضافة إلى اعتباره أن “مستوى تمثيل الجهات المدعوّة غير لائق بموقع بكركي ومكانتها، ويعكس نقصاً في الجدية”، مُستغرباً أن لا يكون أحد من ممثلي الأحزاب المشاركة على مستوى قيادي “ففضّلنا عدم حضور الاجتماعات، على أن نكون جزءاً من مشاركة شكلية لا تقدّم ولا تؤخر”.

وحسم النائب طوني فرنجية الموقف بالقول، قبل أيام قليلة، في حديث صحافي: “هل هناك من يصدّق أنّ مثل هذه الاجتماعات مؤهلة لتحديد مصير المسيحيين عموماً، والموارنة خصوصا؟”.

هذه الخلافات المسيحية، وتحديداً المارونية ـ المارونية، هي، بنظر المتابعين لمسار الاستحقاق الرئاسي، السبب الأساسي لتعذر انتخاب رئيس الجمهورية، ما دفع أوساط بكركي إلى إعلاء الصوت، وتكثيف المسعى، من أجل ضمان موقف ماروني موحّد، أو توافق على آلية انتخاب الرئيس، إن لم يكن التوافق على أسماء المرشحين، لكن طالما هذا الطرف يرفض مرشح ذاك وبالعكس، فلا مجال للتوافق، ولا يقع اللوم فقط على رئيس المجلس النيابي ونواب المجلس كلهم، كما قال البطريرك الراعي، فثمة مساعٍ حميدة بذلها الرئيس نبيه بري وعدد من النواب والكتل اصطدمت بالرفض المسيحي، أو بالشروط المسيحية صعبة التحقيق. حتى أن بكركي، والكتل المسيحية الأساسية، رفضت مبادرات الحوار أو أي مسمى آخر، التي أطلقها الرئيس بري و”تكتل الاعتدال” للتوافق.

وإذا كانت بكركي، كما تقول اوساط مطلعة على موقفها، “تعترض على الحوار لانتخاب رئيس الجمهورية المسيحي، وتتساءل عن عدم عقد أي حوار لانتخاب رئيس المجلس الشيعي وتكليف رئيس الحكومة السني، وتعتبر ذلك خرقاً للميثاقية وللمشاركة وإقصاء للمسيحيين عن القرار”، فإن المشاركة يجب أن تبدأ من البيت الماروني اولاً ليمشي وراءها الآخرون، وسبق أن ألمح الرئيس بري مراراً لهذه الناحية بدعواته القيادات المارونية للتفاهم والتوافق.

صحيح أن هناك آليات دستورية للانتخاب، كما قال البطريرك الراعي، لكن عدم الالتزام بها يقع على عاتق القيادات المسيحية كما على غيرها، إذ طالما ساهمت جميع القوى، مسيحية وإسلامية، خلال مشاركتها في الحكم، بخرق الدستور أو تجاوز آلياته، منذ التسعينيات وحتى اليوم، والتفاهمات التي جرت من فوق الطاولة وتحتها بين كل القوى ما زالت ماثلة حتى اليوم، وبخاصة مؤخراً، في جلسات اللجان النيابية وجلسات التشريع، لطبخ الموازنات العامة وغيرها من قوانين جاءت أغلبها على حساب الشعب ومن جيبته.

ويخلص مصدر سياسي ماروني إلى التأكيد أن الأمور ستبقى معلّقة حتى إشعار آخر، بانتظار التوافق السياسي الداخلي ونضوج التسويات الكبرى، وعندها “منحكي بانتخاب الرئيس”.