كل الحراكات التي حاولت وضع الملف الرئاسي على سكّة الإنفراج باءت بالفشل. وعلى ما تؤكّد مصادر موثوقة لصحيفة “الجمهورية”، فقد كان الرهان في الفترة الاخيرة على خرق رئاسي تحقّقه “اللجنة الخماسية”، فإذا بهذه اللجنة تصطدم بالاختلاف في ما بينها وعدم التقاء اعضائها على رأي واحد، وهذا معناه انّ “الخماسية” نعت مهمّتها، ووجّهت رسالة بالغة الصراحة والوضوح بأنّ الملف الرئاسي عاد الى الإقامة الطويلة في دائرة الاستعصاء.
واما موضع الاختلاف فتلخّصه المصادر عينها بقولها: انّ “الخماسية” تؤكّد في العلن على توافق اللبنانيين على رئيس، ولا “فيتو” على أي مرشح ولا تزكية او تفضيل لأي مرشح، فيما في داخلها موزعة ثلاثة اتجاهات؛ الإتجاه الاول لا يزال يضع “الفيتوات” على بعض الأسماء، ويشدّد على الذهاب الى “الخيار الثالث”. والإتجاه الثاني لا يرى جدوى من الحوار بين المكونات السياسية، بذريعة أنّ هذا الحوار ليس محل إجماع بين هذه المكونات، ومرفوض من قبل قوى سياسية اساسية، وتبعاً لذلك، فإنّ الجدوى يمكن ان تتحقق من خلال حركة الوسطاء وجهودهم بين هذه المكونات بعيداً من الاضواء، والتي سبق لها أن حقّقت بعض التقدّم في فترات سابقة.
واما الاتجاه الثالث، فلا يبدو مستعجلاً لحسم الملف الرئاسي. ومعلوم انّ الفرنسيين يشدّون في هذا الاتجاه، فيما الطرف الاكثر فاعلية في اللجنة، “غير متحمّس لإجراء الانتخابات الرئاسية في الوقت الحالي، بل هو مع ترحيلها الى ما بعد ترتيب الوضع في منطقة الحدود الجنوبية”.
وكشف مطّلعون على أجواء الحراك الأخير لسفراء دول الخماسيّة لـ”الجمهوريّة”، أن ليس في برنامجهم في الوقت الراهن أيّ نية لتحرّك جديد. والأمر نفسه اكّد عليه مرجع مسؤول بقوله لـ”الجمهورية”: “يبدو انّ مهمّة اللجنة قد أُدخلت الى البرّاد.. استبشرنا خيراً بتحرّك السفراء، جاؤوا الينا متفقين، واكّدوا لنا انّ اللجنة على قلب واحد وموقف واحد ونظرة واحدة الى الملف الرئاسي بضرورة حسمه سريعاً، وإرادة واحدة لمساعدة اللبنانيين على التوافق في ما بينهم على رئيس للجمهورية، ولكن لم يطل الأمر حتّى تكشّفت لنا اختلافات عميقة بين اعضاء اللجنة، وخصوصاً بين الاميركيين والفرنسيين. والنتيجة الطبيعية لهذا الامر، هي تطويل عمر الفراغ الرئاسي والعودة الى الانتظار الطويل في مربّع التعطيل”.
والملفت في هذا السياق، انّ المرجع المسؤول عينه رجح انّ زيارة جان ايف لودريان التي قيل انّه سيقوم بها الى بيروت قد اصبحت في حكم الملغاة، ربطاً بالاختلاف بين اعضاء الخماسية، وعدم اجماعهم على اعتباره وسيطاً يتحرّك باسمها، الاّ انّه في المقابل لم يستبعد أن يستأنف الموفد القطري تحرّكه على الخط الرئاسي،