نقل خبراء شاركوا في التفاوض مع صندوق النقد الدولي مخاوفهم من فشل التفاوض مع الصندوق بسبب تقييم سلبي للمعنيين في إدارته لأداء حاكم مصرف لبنان واسلوبه في إدارة الحسابات، وقالوا إن تعثر التدقيق الجنائي ناجم عن هذا الأسلوب الذي قد يؤدي الى انسحاب شركة ألفاريس ومارشال، وينقل الخبراء عن مسؤولين في صندوق النقد استغرابهم لاستسلام السلطتين التشريعية والتنفيذية لتعديات نافرة قام بها الحاكم على صلاحيات السلطتين عدا صلاحيات وزارة المال.
ورأى الخبراء في ما يجري على ساحة دفع رواتب الموظفين بالدولار ثم تحويلها الى الليرة اللبنانية، بدعة قانونية يحتاج تطبيقها الى قانون عن مجلس النواب ومرسوم عن مجلس الوزراء وقرارات ادارية تنفيذية من وزارة المال، قام بها حاكم المصرف بشطحة قلم، دون أن يرف له جفن وهو لا يبالي بردود الأفعال، بل يصنف أعماله كما وصف الهدنسات المالية التي بددت مليارات الدولارات ووهبتها للمصارف، بأنها أعمال إنقاذية.
وقال الخبراء إن ما أورده مسؤولون في صندوق النقد من ملاحظات كثير جداً، ومنها على سبيل المثال قيام حاكم المصرف منفرداً بالسيطرة على قرار طباعة كميات من النقد تعادل خمسة أضعاف الكمية الموجودة في الأسواق، وهو قرار يعادل عدة مرات من حيث قيمته وأهميته قانون الموازنة وحجم العجز فيها، دون أن يخرج أحد ويسأله أو يسائله، او يقول ان الأمر يحتاج الى قانون اذا كان القانون السابق قد وضع لظروف طبيعيّة ومنح صلاحيات للحاكم على اساسها، فهذا ما عاد مقبولاً في الظروف الجديدة، كما في كل بلاد العالم حيث طباعة كميات من النقد تتعدى هامش 10% يحتاج لتوافق السلطتين التشريعية والتنفيذية مع السلطة النقدية.
ويستغرب مسؤولو الصندوق كيف ان الحاكم في عمل عجائبي نادر يسجل قيمة كميات النقد المطبوعة ارباحاً في حساب المصرف بعد حسم كلفة الطباعة، فيردم فجوة الخسائر بها، بدلاً من الاعتراف بالخسائر، علما ان قيمة كميات النقد الجديدة يتم قيدها في كل دول العالم في حساب وزارة المال وتردم بها عمليات عجز الموازنة وديون الدولة، إلا في المعجزة اللبنانية.
ويضيف الخبراء، عن مسؤولي الصندوق، استغرابهم على سبيل المثال أيضاً كيف أن مجلس النواب والحكومة تركا للحاكم، دون قانون ودون مرسوم، ودون لوائح تنظيمية، إدارة إنفاق مليارات الدولارات تحت عنوان دعم أسعار السلع. ومعلوم أن هذا شأن خارج نطاق صلاحيات اي مصرف مركزي في العالم. وكما هو معلوم أيضاً فإن آلية فعل ذلك تبدأ بتخصيص موازنة يقرّها مجلس النواب بالليرات اللبنانية توضع بتصرف الحكومة، التي تقرّر وجهتها ونوع السلع وكمياتها وكيفية الإنفاق بدعم الاستيراد أو دعم ما بعد الاستيراد، وتشتري بالموازنة المخصصة لهذه الغاية كمية من الدولارات من مصرف لبنان لتولى القيام بعملية الدعم. أما أن يصبح حاكم المصرف في مرحلة كان لا نواب للحاكم فيها، بديلا للبرلمان والحكومة ووزارة المال، فهو بذلك قد اصبح بمثابة ملك متوج ينقصه العرش فقط.
واستبعد الخبراء نجاح المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، بسبب وجود نظرتين مختلفتين جذريا للحاكم بين داخل لبناني يعتبره عبقرياً، وخارج دولي ينظر له كفاشل او كمطلوب مفترض للعدالة، ولذلك يرجح الخبراء بقاء المفاوضات في المراوحة الى ما بعد نهاية ولاية الحاكم العام المقبل.