مقدمات نشرات الاخبار المسائية ليوم الخميس 25/1/2024
هل صحيح ان اسرائيل ارسلت الى حزب الله رسالة شديدة اللهجة فحواها : إما ان توقف عملياتك العسكرية من الان الى نهاية الشهر الجاري واما سنشن حربا على لبنان ؟ المعلومات المتقاطعة والتحركات الديبلوماسية المكثفة تشير الى ذلك ، ما يطرح احتمالات دقيقة لا بل خطرة. فماذا سيكون موقف حزب الله ؟ هل سيوقف جبهة الاسناد لغزة ، ام ان ما كتب قد كتب ، وبالتالي سيكون لبنان أمام امتحان صعب ، وخصوصا ان تل ابيب تلوح بأنها بدأت تسحب بعض الالوية من قطاع غزة وذلك بهدف اعادة نشرها على الحدود اللبنانية – الاسرائيلية ؟ في الاثناء الاتصالات الديبلوماسية مستمرة إن في لبنان او خارجه . ففي اليرزة اجتماع لافت لسفراء الدول الخماسية في دارة السفير السعودي وليد البخاري ، وفي الخارج حراك لدول الخماسية تحقيقا لهدفين : تخفيف التوتر اللبناني – الاسرائيلي على الحدود ، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية.. توازيا ، الخطب النارية تواصلت في ساحة النجمة انتقادا للموازنة ولضرائبها الظالمة ولافتقارها الى اي رؤية اصلاحية , لكن الخطب في مكان ، والتصويت سيكون في مكان آخر . انه نموذج آخر عن الانفصام الذي تعانيه الطبقة السياسية عندنا ، ونعاني نحن من نتائجه المدمرة علينا.
كلام بكلام وأرقام بأرقام، والمواطن يتفرج على المطولات وعلى هطول الأرقام، كالأمطار، لكن جيوبه فارغة لأن قيمة عملته أصبحت ضعيفة مقارنة بالدولار الأميركي خصوصا.
المواطن يدرك أنه سواء صدرت الموازنة بقانون أو بمرسوم، أو كان الصرف على القاعدة الإثنتي عشرية، فأن الأمر سيان.
بالنسبة إلى السلطة، فهي تستهدف جيب المواطن من خلال تحميله المزيد من الأعباء الضريبية… يعني المواطن أن تعويضه من الضمان، على سبيل المثال لا الحصر، سيحتسب على أساس دولار 15000 ألف ليرة، أي أن الذي كان تعويضه قبل أواخر 2019 مئة مليون ليرة، يساوي قرابة ال66 ألف دولار، اليوم هذا التعويض يساوي ألف دولار أو أكثر بقليل.
هذا المثل كاف ليدرك المواطن أن الدولة تذبحه من الوريد إلى الوريد، وهو المواطن الذي فقد وديعته وفقد قيمة تعويضه، ولا يسعه سوى أن يقول: “مرحبا موازنة”!.
اجرى النواب قطع حساب سياسيا ماليا للحكومة وموازنتها انطلاقا من كونهم دولة تشريعية رقابية محايدة وجزيرة ترأسها الأرانب وبانفصال نيابي عن الواقع الحكومي، وتحت سحر الهواء المباشر، قدم اعضاء المجلس مداخلات لم تبق في السلطة “ستر مغطى” فتم التنكيل بها وبموازنتها وكتبتها وصناعها وضرائبها، ولعن سلسفيلها وضربت من بيت ابيها…
ولكنها موازنة موعودة بعبارة صدق على علاتها واكثر القرارات المعتلة المسحوبة من بنود الموازنة جاءت لتلغي بنودا تؤمن إيرادات للدولة فقد ربح التجار والشركات مرتين..
واحدة من السوق وصيرفة وثانية عندما راعتهم لجنة المال والموازنة وأعفتهم من ضريبة السبعة عشرة بالمئة على الارباح، فاللجنة التي ترعى مصالح الكبار أزالت عنهم عبء دفع الضريبة من مشروع الموازنة الأساسي.
وكان من شأن المواد هذه رفد الخزينة بمئات الملايين من الدولارات وبينها المادة 58 التي كانت تنص على تحصيل الضريبة من إيرادات الأموال المنقولة وغير المنقولة للبنانيين في لبنان والخارج صفق الصرافون والمتاجرون واصحاب شركات تحويل الاموال لسحب هذه التعديلات.
وقد يطلقون الرصاص ابتهاجا عندما يقر مجلس النواب في جلسته العامة مشروع قانون الموازنة ويدخل حيز التنفيذ.
وكاد المريب ان يأخذ النواب الذين لم يرتابوا من هذه التعديلات التي خاض حملة استعادة ودائعها النائب وائل ابو فاعور وسارت الجلسة اليوم على جمر سياسي ونيران حربية وبضع ملاحظات مالية.
وأما التفاصيل فقد طردت الشياطين وغابت عن اليوم الثاني خطابات التوتر التي سادت افتتاحية الأمس فظهر النائب علي حسن خليل بصيغة المؤمن بالتعايش والشراكة والحوار وعدم الغاء الآخر، وهو الذي قال لهم بالامس “مش قاريكن” وبقراءات دبلوماسية ابعد من الجلسة.
اجتعمت الخماسية اليوم على مستوى سفرائها، وقاربت الاستحقاق الرئاسي من بوابات التأسيس للخماسية الوزارية ففي دارة السفير السعودي وليد بخاري في اليرزة “خيم” السفراء الخمسة.
ولم يزيدوا واحدا وأجروا تداولا رئاسيا كانت علاماته المشتركة الاتفاق على وحدة الصف تجاه الاستحقاق المقبل.
وشكل الاجتماع مقدمة اعادة تفعيل الملف الرئاسي بدفع سعودي، إذ نجح بتحريك الاستحقاق في الداخل والخارج.
واكدت معلومات هذا الاجتماع ان اللجنة الخماسية لن تكون بديلا عن إرادة القوى السياسية، وهي لا تسعى لسياسة الفرض وتحديد الاسماء أو الضغط وانما تتحرك كعامل مساعد للبنانيين.
وكشفت معلومات الجديد ان اجتماع الخماسية الوزاري قد يعقد في الرياض منتصف شباط المقبل اذا ما تمت الدعوة اليه.
وبعد التئامه سيصل الموفد الفرنسي الى بيروت لاعلان المواصفات في مؤتمر صحفي ووفقا لخريطة الطريق الرئاسية هذه، فإن سفراء لبنان يوفرون شبكة امان, الخماسية العليا تجتمع في الرياض, الموفد الفرنسي يتولى اعلان دفعة المعايير.. والرئيس نبيه بري يدعو الى الجلسات المفتوحة.
ويكون كل هذا المسار مفصولا عن تطورات الاقليم وحرب غزة وتطبيق القرار 1701 لكنه وباختبار التجارب مع القوى السياسية اللبنانية فإنهم لن يسيروا بمعايير ومواصفات من دون اسماء.
واذا كانت الدول الخمس الراعية للاستحقاق قد ارادت تأمين منطقة عازلة عن الخلاف.. فإنها مدعوة الى إدراج المرشحين مع مواصفاتهم ومعاييرهم فالمزايا وحدها.. لا تنجب رؤساء ولاجل ان تخرج الجلسات المفتوحة بمولود رئاسي.. بات عليها الدخول في مرحلة الاسماء والتصويت .. وليربح من تطابقت عليه المواصفات.
من “أمن المجتمع المسيحي فوق كل اعتبار”، الى “الدفاع عن حكومة تسطو على صلاحيات رئيس الجمهورية المسيحي” فوق كل اعتبار…
ومن توحيد الموقف للحفاظ على ما تبقى من ميثاق وشراكة، الى تفتيت المفتَّت من دستور، وتبديد المبدَّد من صلاحيات، بتكليف سياسي واضح من المتربصين بالهوية اللبنانية، وطبيعة النظام… من جماعة الBUSINESS AS USUAL في ظل الفراغ الميثاقي لا الاداري في سدة الرئاسة…
هكذا حولت سياسة القوات جلسة مناقشة الموازنة، لتِصدُمَ بعضاً كبيراً من جمهورها، التائق أولاً الى نقاش علمي بالخطط والارقام، والطامح ثانياً الى جمع الكلمة المسيحية والوطنية، والرافض ثالثاً لتكرار تجارب انقلاب السحر على الساحر منذ الثمانينات الى اليوم…
وعلى سيرة السحر والساحر: من الذي انتفض عام 1986 ثم أذعن في ال1990؟ ومن الذي قاوم في السبعينات، ثم سهَّل في 13 تشرين؟ ومن الذي تنازل السيادة والصلاحيات، قبل ان ينقلب السحر عليه عام 1994؟
من الذي دشَّن عهد الاستقلال الثاني عام 2005 بالتحالف الرباعي مع حزب الله وأمل والمستقبل والاشتراكي، قبل ان ينقلب السحر عليه بحكومات الوزير الواحد؟
من الذي بصم على البيانات الوزارية لمعظم الحكومات التي شارك فيها الى جانب حزب الله، مع تحفظ شكلي، وبحصص وصلت الى نائب الرئيس واربعة وزراء، وغطى كل السياسات الخاطئة، واعتبر رياض سلامة انجح حاكم مصرف مركزي رافضاً تعيين بديل، قبل ان ينقلب السحر عليه وعلى الشعب اللبناني، بالانهيار الكبير؟
من الذي همش قضية المناصفة بين المسيحيين والمسلمين، وصولاً الى تطيير قانون اللقاء الارثوذكسي، قبل ان ينقلب السحر عليه بتمثيل نيابي متواضع؟
من الذي اعتبر الارهاب ثورة، وبشَّر بالربيع، قبل ان ينقلب السحر عليه وعلى الناس تمدداً لداعش، واحتلالاً لجرود لبنان؟
من الذي انقلب على عهد الرئيس عون، وطالب مراراً باستقالة رئيس الجمهورية، بدل المطالبة برحيل المتسببين الفعليين بالكارثة؟
من الذي رفض عودة النازحين السوريين، وقلل من اهمية المشكلة، رابطا بين حلها وسقوط الرئيس السوري، قبل ان ينقلب السحر عليه وعلى اللبنانيين والسوريين بمأساة النزوح؟
من الذي اطلق الوعود الفضفاضة، كخفض سعر الدولار في اليوم التالي للانتخابات، قبل ان ينقلب السحر عليه وعلى اللبنانيين ارتفاعاً غير مسبوق في سعر صرف الدولار بعد خروج الرئيس عون من بعبدا؟
اما بعد الفراغ، فمن الذي هدد بتعطيل النصاب منعاً لوصول مرشح من 8 آذار ثم تراجع، ثم هدد، ثم تراجع من جديد؟ ومن الذي زايد برفض تشريع الضرورة قبل أن يزيد عدد القوانين التي اسهم في تشريعها الى ما يفوق ال119؟
ومن الذي يغطي اليوم كل ارتكابات حكومة نجيب ميقاتي اللادستورية واللاميثاقية التي تقضي على ما تبقى من صلاحيات الرئيس؟
ولماذا فضلت القوات تحييد معظم الاطراف، والتصويب فقط على من وضع النقاط على حروف الميثاق والدستور؟ ولماذا باتت كل قضية القوات منذ سنوات تختصر بالتهجم على طرف واحد ومسايرة كل الآخرين؟
سؤال برسم جميع اللبنانيين الذين تابعوا امس كلمة جبران باسيل.