جلسة “هرج ومرج” بامتياز.. وانفجارات المغازي أحالت جنود العدو إلى أشلاء!

مقدمات نشرات الاخبار المسائية ليوم الاربعاء 24/1/2024 

 

جلسة الموازنة تحولت جلسة هرج ومرج  بامتياز ، وجلسة مواقف شعبوية واستعراضات كلامية . فنواب الموالاة والمعارضة “واقفين على سلاحن” كما يقال بالعامية ، وهم  انتظروا بعضهم بعضا “على الكوع” .  فما ان يتلفظ احد النواب  بموقف نافر ، حتى ينبري  نائب آخر لمهاجمته واتهامه بأشنع الصفات . حتى وصل الأمر بعلي حسن خليل الى أن يتهم احد نواب التغيير بالتافه  قائلا له: انتو قرطة مافايات . فهل من يصدق ان متهما بجريمة تفجير مرفأ بيروت يطلق بحق زملاء له هذا الاتهام؟ هذا في الشكل … اما في المضمون فالواضح ان الموازنة التي تبحث في الهيئة العامة ليست تلك التي قدمتها الحكومة .  فالتغييرات التي ادخلتها عليها لجنة المال والموازنة كثيرة وكبيرة ، وتكاد نسبتها تصل الى 90 في المئة . مع ذلك فانها لا تزال موازنة سيئة بكل معنى الكلمة ، لأنها لا تتضمن اي رؤية اصلاحية ولا اي خطة  اقتصادية مستقبلية ، لأن هم من وضعها كان واحدا لا غير : سد عجز الدولة من خلال وضع ضرائب ورسوم لا تنتهي . فهل عدنا الى زمن الولاة العثمانيين الذين كانوا يفرضون على الناس ضرائب ظالمة ومجحفة ومن دون اي تقديمات مقابلة؟.

لن يخرج الصهاينة من نفق المغازي، وان حاول جيشهم الانتقام ومراكمة المجازر بحق الفلسطينيين في خان يونس كسلم معنوي للخروج. فالانفجارات التي احالت جنوده الى اشلاء في المغازي احالت مشاريع المنطقة العازلة التي يعمل عليها عند اطراف القطاع الى اوهام، والارتجاج الذي احدثته انفجاراتها داخل الاروقة السياسية والعسكرية سيكون من الصعب اخفاؤه.
حديث عن جدوى استمرار العملية البرية عاد بقوة الى واجهة التحليل والاعلام العبري، وسؤال عن سبب العجز عن تحقيق اي من اهداف المعركة يطرق مسامع الجميع. وجميع الصهاينة باتوا يطرحون السؤال نفسه: ماذا بعد؟
ابعد من المكابرة عاد الحديث الصهيوني عن مفاوضات جدية في قطر، وازداد تقاطر المواقف التي تدعو حكومة بنيامين نتنياهو الى ابرام صفقة تعيد اسراهم احياء قبل فوات الاوان..
وقبل ان تكتمل الوجهة الصهيونية على الجبهة الشمالية كانت رسالة المقاومة الاسلامية التي وصلت للمرة الثانية الى ميرون بالامس حاضرة بقوة خلال اجتماع اعضاء الكابينيت مع رؤساء مستوطنات الشمال، فالقصف الذي اصاب المقر الاخطر والاهم في الشمال جاء خلال انعقاد الاجتماع الذي خرج منه المستوطنون أكثر قناعة بانعدام القدرة الصهيونية على ايجاد الحلول، فالصواريخ القادمة من جنوب لبنان لن تستطيع ان تعالجها رشوة بمليار دولار اقترحها نتنياهو لمستوطني الشمال.
لكن الحل ما زال عند نتنياهو، فأمن مستوطنيه مرتبط بقراره وقف الحرب على غزة.. وهو ينسحب على الكثير من النيران التي تسعرها مجازره المستمرة بحق اهل القطاع، من مياه البحر الاحمر التي تغلي الى ارض العراق التي تتقلب على تطورات، ولن يغير من مساندة الشعبين الوفيين للفلسطينيين لا الاعتداءات الاميركية الصهيونية البريطانية، ولا قرابين الشهداء الذين يقدمهم اليمنيون والحشد الشعبي العراقي..
اما الشعب اللبناني فقد فتحت له جلسة الموازنة في المجلس النيابي جبهة ثانية، استعرضت خلالها الاسلحة المعتادة، على ان النتيجة واحدة، ضيق بالخيارات المتاحة امام اللبنانيين في ظل المشهد السياسي الحالي…

 

يتكثف حراك سفراء دول اللجنة الخماسية في لبنان في محاولة لانعاش ملف رئاسة الجمهورية، وفي هذا الاطار، علمت الLBCI ان اجتماعا لسفراء اللجنة سيعقد غدا في السفارة السعودية .
فهل فعلا سيشهد الملف تطورات ملموسة، ام ان ما لم يحل قبل السابع من اوكتوبر لن يحل ببساطة بعد السابع منه؟
لعبة الامم بعد هذا التاريخ، تخطت الشرق الاوسط لتطال العالم ولبنان، عبر حرب الاستزاف على حدوده مع اسرائيل، دخل فيها.
لعبة تشهد تطورات متسارعة، من اسرائيل الى البحر الاحمر الى سوريا التي شهدت تطورا بالغ الاهمية اذ نقلت صحيفة ” الواشنطن بوست ” الاميركية ان الولايات المتحدة لم تعد مهتمة بالبقاء هناك، وهي تبحث في شكل مكثف توقيت انسحاب قواتها وكيفيته.

عندما يكون العالم يرسم مصير منطقة ومستقبلها، تصبح رئاسة الجمهورية في لبنان من خارج الاولويات ويترك للبنانيين الدوران في الحلقة المفرغة التي كانت جلسات مناقشة الموازنة اليوم احدى محطاتها .

جلسة طغت فيها الشعبوية والصراعات السخيفة على عمق المشكلة الاقتصادية وكيفية حلها …والجمهور اصطف سريعا وراء زعمائه الذين نجحوا مجددا بالهائهم عن مشكلتهم الحقيقية، وهي مستقبل اقتصادهم ودولتهم ….

 

خضعت جلسة الموازنة لشروط التهشيم العامة  فكانت طبعة غير منقحة عن حكم متناثر وقوى سياسية محشوة بالديناميت السياسي قررت الانفجار في قاعة مجلس النواب.  فمنذ الدقائق الاولى ما بعد جرس الانذار لبدء الجلسة ..

دق النواب ببعضهم كالأجراس  وسجل المحضر ما استوعبه من خطاب دخل المنطقة المحظورة وارتفعت عبارات ثقيلة  متأثرة بالمسافة صفر  وخلفية الإشكال مجرد كلام بالنظام طلبه النائب المقيم في مجلس النواب ملحم خلف ليذكر المجلس ورئيسه والرأي العام بأن الاولوية لانتخاب الرئيس. لم يخطىء خلف ولم يعتد على القوانين وكان حقه ان يتحدث بالنظام كما في كل الجلسات العامة…

ولكن وبعدما  وعده بري بالكلام  لاحقا  وصل الغيارى على روح الدستور والقانون وأطلقوا وابلا من الاجتهادات التي تحولت فجأة الى اتهامات والقاب عارية من آدابها  ولعل اكثر النواب الذي استنفروا في الميدان كان النائب علي حسن خليل الذي وصف نواب التغيير بالمافيا فعاجلته النائبة بولا يعقوبيان من المثلث الاحمر مستغربة كيف أن نائبا مطلوبا من العدالة يتحدث عن المافيات. ومن لم يتحدث تحت سقف القاعة العامة التجأ الى وسائل التواصل الاجتماعي حيث عقدت جلسة رديفة للرد وتوجيه الاتهامات  لكن الجلسة بعد الحرب حصلت على هدنة مؤقتة مع تبادل اسرى حيث برزت علامات مودة بين بعض الأضداد لاسيما عندما أعجب نائب القوات جورج عدوان بأداء وزير حزب الله علي حمية وأشغاله العامة وموازنته المعطاءة إيرادات للدولة.

وبرز التنسيق كذلك بين عدوان والتيار عبر قناة النائب الياس بوصعب  فيما قرأ النائب جميل السيد في خطاب موازنة النائب ابراهيم كنعان .. طيفا من غازي كنعان ومشروعا لخطاب القسم. هو الزمن الجميل كما عبر احد النواب داخل القاعة  والذي أسس في الجلسة المسائية لتثبيت قواعد الاشتباك بين الرئيس نبيه بري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.

وقال باسيل  الا رئيس للجمهورية لا بالعروض ولا بالضغوط، ونريد رئيسا بالتفاهم وليس بالفرض،

فرد بري: ” هاي اول شغلة منيحة بتعملها “.

اما حزب الله فأطلت مواقفه بموازنة تحريرية عبر النائب حسن فضل الله الذي  اختار تثبيت قيمة الشهادة والشهداء  الذين حملوا عبء تحرير الأرض وحمايتها،

واليوم يدفعون بدمهم عن بلدنا الشرور، والمخاطر، والأطماع الاسرائيلية  وبعد محضر في التاريخ المقاوم سحب فضل الله الرئيس نجيب ميقاتي الى الميدان “،  فسانده في محنته و طلب ملاقاة الموقف الرسمي بعيدا عن الشعبوية. وتستمر الجلسة الليلة وغدا قبل اقرار الموازنة.

ولكن ادق توصيف لمشروعها هو الخارج من بيت ابيها عندما أعلن النائب ابراهيم كنعان كلاما شطب من المحضر : دولة بلا حسابات هي دولة بلا ذمة، ودولة بلا ذمة هي دولة بلا شرف.وهذا ما ينطبق عليه …الختام صدق .