| فاتن الحاج |
أضاف ملف رئيسة دائرة الامتحانات وأمينة سر لجنة المعادلات للتعليم ما قبل الجامعي، المُدَّعى عليها أمل شعبان، مادة تجاذبات جديدة إلى المشهد السياسي المأزوم في لبنان تتصل بتوزّع الصراعات والنفوذ والولاءات داخل الإدارات. أحد طرفَي النزاع هو تيار «المستقبل» الذي علّق رئيسه سعد الحريري نشاطه السياسي، مبقياً على شبكة نفوذه ضمن الدولة العميقة.
والمفارقة أن خلاف التيار لم ينفجر مع أحد خصومه الطبيعيين، بل مع «حلفاء» في السياسة على خلفية قرار وزير التربية عباس الحلبي المحسوب على الحزب الاشتراكي، والذي تدّعي مصادر «الأخير» أن «لا مونة للحزب عليه». ففور إعلان قرار إعفاء شعبان، أصدر تيار المستقبل بياناً هاجم فيه الحلبي ومرجعيته السياسية بعدما «ارتضى أن يكون في موقع التشفّي من شعبان وفي خدمة من أرادوا النيل منها». واعتبر أنه «معيب ما فعله الحلبي (الذي) قدّم نموذجاً يندى له الجبين في جعل الموظفين الأوادم والشرفاء كبش محرقة صفقات ومقايضات وترضيات وطموحات وممارسات مذهبية».
وحذّر الحلبي و«من عيّنه وزيراً للتربية» من أن ما جرى «لن يمر مرور الكرام، وعلى الباغي تدور الدوائر». وأكّدت مصادر في «المستقبل» أن ما حصل «ستكون له مضاعفات سياسية ستظهر في الأيام المقبلة».
في المقابل، زار وفد من الحزب التقدمي الاشتراكي ضمّ عضو كتلة «اللقاء الديموقراطي» النائب أكرم شهيب وأمين السر العام في الحزب ظافر ناصر ووليد صافي ورئيسة «اللقاء التقدمي للأساتذة الجامعيين» منى رسلان، وزير التربية في مكتبه، وأعلن دعمه للحلبي «في وجه بعض حملات التظلّم والظلم والافتراء على صلاحياته في إدارة الوزارة بالطريقة المناسبة»، مؤكّداً «الموقف الثابت للحزب التقدّمي بترك القضاء يأخذ مجراه في كل القضايا المثارة أمامه في ما يتعلق بوزارة التربية أو سواها، حرصاً على صدقية العمل العام بعيداً عن أي ضغوط مهما كان نوعها».
ورغم تأخّره في اتخاذ إجراء بشأن حماية الأدلة والمستندات في ملف الرشاوى في شهادات الطلاب العراقيين، حسناً فعل الحلبي بإعفاء المُدَّعى عليها شعبان من منصبيها عبر مذكّرتين كلّف فيهما الموظفين الملحقين بمديرية التعليم العالي، الأستاذ في التعليم الثانوي الرسمي، ربيع اللبان، بمهام رئيس دائرة الامتحانات الرسمية، والأستاذة في التعليم الثانوي الرسمي، سهى طربيه، بمهام أمينة سر لجنة المعادلات في المديرية العامة للتربية، «بصورة مؤقّتة إلى حين اتخاذ تدبير مخالف لهذه الناحية».
وأصدر الحلبي مذكّرة ثالثة أعطى فيها شعبان إجازة إدارية لمدة 53 يوماً براتب كامل، فيما لم تصدر مذكّرة بشأن الوظيفة التي ستلتحق بها، علماً أن شعبان كانت مكلّفة بهذين المنصبين، ولا يُعد التكليف، عدا أنه حالة غير قانونية، حقاً مكتسباً لأي موظف، فكيف إذا كانت هناك تحقيقات قضائية وحماية مصالح طلاب لبنانيين وعرب؟ وتجدر الإشارة إلى أن المذكّرات لم تشر إلى أن المكلّفين الجدد يحتفظون بمهامهم القديمة، كما أنها تلغي كل المذكّرات السابقة، أي أن تكليف شعبان السابق هو بحكم المُلغى أيضاً.
وإذا كانت الخطوة تُحسب للوزير، فإن إثارة القضية من الأساس ليست متعلقة بشخص، إنما بإصلاح بنيوي للإدارة العامة، فمن غير الممكن أن يقوم شخص واحد بعمل وحدة كاملة من دون فريق مساعد كانت عليه شبهة في تنفيذ المعادلات واستُدعي إلى التحقيقات، ما يتطلّب نفضة جذرية، أي استكمال هذه الخطوة بتدابير أخرى بحق هذا الفريق لانتظام العمل الجماعي، فالإصلاح لا ينتهي بتغيير شخص واحد.
ويأمل الرأي العام أن يحاسب الوزير كل من أساء إلى الإدارة العامة والمبنى الحكومي من الموظفين عبر المشاركة في «الزفة» التي أقيمت داخل الوزارة، وهي مؤسسة للدولة اللبنانية وليست ملكاً لأفراد ليحوّلوها إلى كانتونات حزبية وطائفية. فقد أظهر هذا العمل غير المسبوق انتماء الموظفين إلى شخص وليس إلى الإدارة التي يعملون فيها، علماً أن معظمهم ممن استُدعوا إلى التحقيق.
كما تجدر الإشارة إلى أنه لا يجوز أن يستمر عرض المعادلات في التعليم ما قبل الجامعي، سواء تلك التي تحتوي على مخالفات أو لا تحتوي، بصورة شكلية وأن تجتمع اللجنة من دون حضور رئيسها المدير العام للتربية عماد الأشقر.