| مرسال الترس |
أكثر من 53 سنة مضت على جلسة انتخاب الرئيس الراحل سليمان فرنجية، في 17 آب 1970، وما تزال الحَيرة من العدد الحقيقي الذي منحه رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” آنذاك كمال جنبلاط، من كتلته، لفوز فرنجية على حاكم مصرف لبنان الياس سركيس بفارق صوت واحد.
بعد اغتيال الزعيم الدرزي في 16 آذار 1977، وارتداء إبنه وليد “عباءة الزعامة”، ظلّت العلاقة على نمط إيجابي بين ورثة جنبلاط وفرنجية الذي انفصل عن “الجبهة اللبنانية” التي أنشئت على هامش حرب السنتين، ولاسيما بعد مجزرة إهدن على يد عناصر كتائبية.
إثر وفاة الرئيس فرنجية، وتولي أمور العائلة الحفيد سليمان، مرّت العلاقة بين آل فرنجية وآل جنبلاط بمطبات عدة، منها الحادة كموقف وليد جنبلاط الخارج عن المألوف تجاه سوريا، ولا سيما بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري في العام 2005، ولاحقاً بعد اندلاع الحرب على سوريا. ومنها السياسية المرتبطة بالعلاقة الجيدة بين فرنجية مع كل من الأمير طلال إرسلان، والوزير السابق وئام وهاب اللذين يسببان حساسية مفرطة للزعيم الجنبلاطي.
وعندما حل الفراغ في قصر بعبدا منذ 15 شهراً، سارع جنبلاط إلى عدم تأييد ترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، الذي ظهر أنه مدعوم بقوة من “الثنائي الشيعي”، وأوكلت مهمة حياكة “التخريجة” إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي سرّب، من أول الطريق، أنه سيأخذ على عاتقه “صديقه اللدود” وليد جنبلاط، والذي ظل يناور ويبتدع الأسباب والظروف للبقاء بعيداً عن هذا الترشيح، حتى أعلن استقالته من المراكز الحزبية وإيكالها الى نجله تيمور.
في بداية توليه مسؤولياته الحزبية، أرسل تيمور رسائل عتب إلى بنشعي، لكنه في آخر زيارة له إلى عين التينة قال علناً إن والده “أوصاه بالتنسيق مع الرئيس بري”، وأتت بعد ذلك مسألة تعيين رئيس للأركان في قيادة الجيش، فأوفد ممثلين عنه للقاء النائب طوني فرنجية، ثم قام على رأس وفد حزبي بزيارة فرنجية في بنشعي، وتنحى عن الكلام لصالح النائب أكرم شهيّب الذي ركّز على أن البحث تمحور حول شؤون المؤسسة العسكرية، لكنه استدرك بالتأكيد أنه “إذا كان هناك بعض التباين في المواقف فهذا لا يلغي الود والاحترام والتقدير والتواصل في ما بيننا تأكيداً على العلاقة التاريخية والوطنية”.
لكّن فرنجية الإبن قال: “في كل مرة نقوم بالبحث عن الحلول المجتزأة، في حين أن الحلّ الفعلي هو بالتوصل الى انتخاب رئيس للجمهورية يعيد الانتظام الى المؤسسات اللبنانية”.
غياب سليمان فرنجية وتيمور جنبلاط عن الكلام ترك أكثر من علامة استفهام، فهل سيعمل تيمور على إعادة حياكة العلاقة بعيداً عن الأضواء، حتى لا يتم حرق المراحل، واستجلاب مكونات مسيحية إلى جانب انتخاب فرنجية خلال الأشهر المقبلة؟