/ محمد حمية /
كما اللبنانيون، لم يسّتفِق أعضاء كتلة “المستقبل” النيابية ومسؤولي “التيار الأزرق”، من صدمة انسحاب “زعيمهم” ورئيس كتلتهم الرئيس سعد الحريري، من المشهدين الانتخابي والسياسي.. فهكذا قرار غير معهود في الحياة السياسية اللبنانية، أشبه بزلزال سياسي، أعاد استحضار محطات سوداء في تاريخ “الحريرية”، كاغتيال الرئيس رفيق الحريري، واحتجاز “وريثه” في السعودية في الـ2017، وكذلك استقالته أبان أحداث 2019.. فرفاق الدرب السياسي اعتادوا على نكسات أقل قساوة وتداعيات، كأن يعلن استقالته من الحكومة، أو يعزف عن التكليف لتأليف الحكومة، أو يعتذر عن استمراره في التأليف… جُل ما كانوا يتوقعون أن يعزف الحريري شخصيًا عن الترشح، ويسمح لنواب كتلته الترشح باسم التيار، أو على لوائح تنضوي تحت لوائه، أو حتى منفردين على لوائح أخرى، لا أن يمتنع عن خوض الانتخابات النيابية، ويطلب من جميع المستقبليين أن يحذو حذوه، فيُشكل خطوة انتحارية للحريري أولًا، ولأعضاء الكتلة ثانيًا، ولتيار المستقبل ثالثًا، ولعائلة الحريري رابعًا، فضلًا عن التداعيات على الساحتين السنية والوطنية.
حال الضياع والارباك تلُف الكتلة وقيادة التيار، الذين بدأوا بإعادة الحسابات الانتخابية والسياسية، ويواجهون خيارات صعبة، بين الالتزام بقرار الحريري، وخسارة مقاعدهم النيابية، وتعريض مستقبلهم السياسي، وحيثياتهم الشعبية في المناطق، للخطر، وبين مخالفة قرار بيت الوسط وخسارة ثقة “الدار” وغطائها السياسي، وبالتالي قطع “شعرة معاوية” معها، فلربما عاد الحريري أقوى مما كان على جناح ملكي – خليجي في مراحل سياسية لاحقة، فلا شيء ثابت في السياسة، لذلك فضلوا إرجاء قرارهم حتى عودة الحريري لعلهم يتلمّسون تبديلًا ما في قراره في ربع الساعة الانتخابي الأخير.
“نلتزم بقرار الحريري وننتظر”.. هكذا حال معظم أعضاء الكتلة الزرقاء، بحسب ما تشير أوساط المستقبل لموقع “الجريدة”، فالجميع سمِع كلام الحريري الحاسم، لكن للحديث تتمة مع الشيخ سعد… هكذا فهموا منه، ولم يقفل الباب كلياً على الترشح، كما تقول الأوساط التي تكشف أن “قرار أعضاء الكتلة المستقبل والتيار، هو الالتزام بعدم الترشح تحت عباءة المستقبل، لكن لم يحسم بعد أمر عدم الترشح مطلقاً”، وتحدثت عن أن “الكتلة ستجري لقاءات ومشاورات مع الحريري، بعد عودته الى بيروت خلال أسبوعين، لحسم هذا الموقف، ومن المبكر الحديث، وهناك متسع من الوقت حتى إقفال باب الترشح للانتخابات”.
وبحسب معلومات “الجريدة”، فقد دعا الحريري نواب الكتلة خلال اللقاء الأخير لعدم الترشح تحت عباءة المستقبل، لكنه لم يدعوهم لعدم الترشح منفردين! ما دفع بعض النواب للاقتراح على الحريري الترشح منفردين وليس تحت لوائح تحمل اسم التيار.
المحسوم، أن النواب الذين حسموا عزوفهم هم: سمير الجسر الذي في الأصل أيد خيار الحريري ومبرراته، أما محمد الحجار فأعلن أنه لن يترشح في البداية قبل أن يعدل موقفه ويعلن أنه سيترشح بعد التشاور مع الحريري.
وتشير المعلومات أن “النظام الداخلي لتيار المستقبل يمنع الترشح للنيابة، هذا ينطبق على المستقبليين، أما غير الحزبيين فشأن آخر، ولا ينطبق عليهم النظام الداخلي، وبالتالي لهم حرية القرار”.
النائب وليد البعريني مثال على ذلك، فهو يؤكد التزامه بقرار الحريري، لكنه ينتظر أن “يروق” الشيخ سعد “لكي نتحدث معه”، ويقول لـ”الجريدة”: “لن نترشح حتى نفهم القرار النهائي للحريري إذا كان سيأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات التمثيلية في مناطقنا، أما في حال رفض ترشيحنا وفق أي عنوان فسنلتزم بقراره”.
وينفي البعريني المعلومات التي نقلت عنه أنه سيترشح ويضيف: “قلت للحريري وأكرر، أنا أمثلك في عكار واعمل لمصلحتك، ولن أنقلب أو أنقل البارودة من كتفٍ الى كتف من أجل كرسي النيابة”. وكذلك الأمر بالنسبة للنائب طارق المرعبي الذي يتريث لحسم خياره. وكذلك نواب آخرون في الشمال والبقاع كعاصم عراجي. أما رولا الطبش المقربة من الحريري، فبالتأكيد ملتزمة بقراره.
بالنسبة لهادي حبيش فهاتفه مغلق، لكن المعلومات تشير الى أنه لم يحسم قراره، وهو لديه خصوصية عائلية ومناطقية وأي قرار سيتخذه سينسقه مع رئيس الكتلة.
النائب بهية الحريري حسمت أمرها بعدم الترشح تضامناً وتلبية لقرار الحريري، أما النائب سامي فتفت فينتظر بدوره الكلمة الأخيرة للحريري. وفيما أفيد أن الوزير السابق أحمد فتفت يحضّر لخوض الانتخابات بلوائح موحدة مع اللواء أشرف ريفي والقوات اللبنانية، يؤكد النائب سامي فتفت لـ”الجريدة” أن والده لن يترشح للانتخابات ولا علاقة لذلك بقرار الحريري، بل بقرار اتخذه فتفت في وقت سابق بترك الحياة النيابية والسياسية.
أما الرئيس الأسبق للحكومة فؤاد السنيورة فعكست موقفه التغريدة التي خاطب بها الى الحريري، “أخي سعد، معك رغماً عن قرارك، ومعك رغماً عنهم”.
بيد أن أوساطًا سياسية تهمس بأن الرئيس نجيب ميقاتي سيخالف قرار الحريري ويترشح للانتخابات، علمًا أنه وبحسب المعلومات فإن ميقاتي أبلغ السنيورة خلال اجتماعهما منذ أيام بعدم ترشحه!
ثمة من يقول إن بهاء الحريري هو “الوريث السياسي” لسعد الحريري ولتيار المستقبل، ويجري تحضير الساحة الداخلية لهذا المخطط للسيطرة على القرار السني، بالتعاون مع أخصام الحريرية في السنّة والقوات اللبنانية، لكن تجيب أوساط المستقبل: “مع احترامنا له كإبن رفيق الحريري، لكن لا نعرف عنه شيئًا، فكيف سينصّب نائبًا او سياسيًا او زعيمًا وهو لم يزُر لبنان الا مرات نادرة، ويقيم في الخارج أغلب حياته؟”.
ولا تحبذ الأوساط تأجيل الانتخابات، وتؤكد أن “التيار يؤيد حصولها وفق أي قانون، ولن يطلب تأجيلها، لأنها شأن وطني وليس طائفي”.