/ خلود شحادة /
شكّلت زيارة وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح إلى بيروت، فرصة لرمي كرة ترميم العلاقة مع دول مجلس التعاون الخليجي في مرمى لبنان، لكنها كرة مفخّخة بألغام ثقيلة لا يستطيع لبنان تفكيكها، كما أنه غير قادر على حملها.
ترك الوزير الكويتي الكرة في بيروت، وغادر إلى بلاده لإبلاغ دول مجلس التعاون، وخصوصاً السعودية، بما سمعه من المسؤولين اللبنانيين من حرص على أفضل العلاقات مع أشقائه العرب، والخليجيين على وجه الخصوص. لكن الجواب الذي يريده المسؤولون في السعودية سينتظر حتى نهاية الشهر الجاري حين يجتمع وزراء الخارجية العرب في الكويت.
لكن، وكما أن رسالة الشروط الخليجية لاستعادة العلاقة مع لبنان تمت قراءتها من عنوانها، فإن الجواب اللبناني أيضاً مقروء سلفاً من العنوان الذي سمعه وزير الخارجية الكويتي من رؤساء الجمهورية ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي، ومفاده “نعم.. نريد أفضل العلاقات.. ومستعدون للتعاون إلى أقصى الحدود.. ولكن…”. تلك الـ”لكن” مرتبطة تحديداً بطلب الخليجيين تسليم سلاح “حزب الله”، مع علمهم المسبق أن هذا الطلب هو أقرب إلى المستحيل في ظل الوقائع الراهنة داخلياً وخارجياً وعلى مستوى الصراع مع العدو الإسرائيلي الذي لم يستطع، على مدى 33 يوماً من حرب شعواء شنّها على لبنان في عدوان العام 2006، فرض نزع سلاح “حزب الله”.
من هنا، فإن رسالة الشروط الخليجية تضع اللبنانيين بين خيارين: إما استمرار الحصار والضغوط على لبنان بمختلف أشكالها، وإما استسلام “حزب الله” وأن “يرفع العشرة” ويسلم سلاحه، طوعاً إذا شاء، أو كرهاً ولو أدى ذلك إلى فتنة داخلية!
على ذلك، يمكن، منذ اليوم، قراءة البيان المقبل لدول مجلس التعاون الخليجي، بعد أن يتبين لهم أن لبنان يستطيع تحمّل الضغوط المالية والاقتصادية التي ترخي بثقلها على اللبنانيين اجتماعياً، لكنه حتماً لا يستطيع تحمّل فتنة لا أحد يستطيع التنبؤ بما ستؤول إليه، ولا أحد من المسؤولين اللبنانيين قادر على تحمّل مسؤولية سقوط الدماء في ما بين اللبنانيين.
تبعاً لذلك، تبدو الساحة اللبنانية مقبلة على تطورات صاخبة، وربما ساخنة، في ضوء صدى تلقّي دول الخليج الأجوبة الرسمية اللبنانية على رسالة الشروط ببنودها الـ12، والتي يمكن التفاهم على غالبيتها، باستثناء ما يمسّ منها التوازن العسكري مع العدو الإسرائيلي.
النص الحرفي لرسالة الشروط الخليجية
“انطلاقاً من السعي إلى رأب الصدع في العلاقات الخليجية – اللبنانية، وبناء جسور الثقة مع الجمهورية اللبنانية الشقيقة، ووفقاً للمعطيات الناتجة عن الأزمة الأخيرة، والتي تتطلب اتخاذ إجراءات وخطوات ثابتة لإزالة أي خلاف، متمثلة في التالي:
1- التزام لبنان بكافة استحقاقات مؤتمر الطائف.
2- التزام لبنان بكافة قرارات الشرعية الدولية وقرارات جامعة الدول العربية.
3- التأكيد على مدنية الدولة اللبنانية وفق ما جاء في الدستور اللبناني.
4- سياسة النأي بالنفس يجب أن تكون قولاً وفعلاً.
5- وضع إطار زمني محدد لتنفيذ قرارات مجلس الأمن رقم 1559 (2004) والخاص بنزع سلاح الميليشيات في لبنان، والقرار رقم 1680 (2006) بشأن دعم سيادة واستقلال لبنان السياسي والتأييد التام للحوار الوطني اللبناني، والقرار 1701 (2006) الخاص بسلاح حزب الله ومنطقة الجنوب اللبناني وفق المبدأ الأساسي في سيطرة الدولة على وجود السلاح خارج سلطة الحكومة اللبنانية.
6- وقف تدخل حزب الله في الشؤون الخليجية بشكل خاص والشؤون العربية بشكل عام والتعهد بملاحقة أي طرف لبناني يشترك في أعمال عدائية ضد دول مجلس التعاون.
7- وقف كافة أنشطة الجماعات المناوئة لدول مجلس التعاون وملاحقة كل من يحاول التحريض على العنف أو يشارك فيه من المواطنين أو المقيمين في لبنان ضد حكومات مجلس التعاون الخليجي.
8- الالتزام بإجراء الانتخابات النيابية في شهر أيار/مايو 2022 ومن ثم الرئاسية في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2022 وفق المواعيد المقررة دون تغيير.
9- التدقيق على الصادرات اللبنانية إلى دول مجلس التعاون عبر آلية تواجد مراقبين بشكل ثنائي لضمان خلو الصادرات من أي ممنوعات، وبشكل خاص المخدرات التي تستهدف الأمن الاجتماعي لدول المجلس، ويمكن في هذا الصدد اعتماد نفس الآلية الأوروبية.
10- بسط سيطرة السلطات الرسمية اللبنانية على كافة منافذ الدولة.
11- وضع نظام تبادل معلومات أمنية بين دول مجلس التعاون والحكومة اللبنانية.
12- العمل مع البنك الدولي لإيجاد حلول لمسألة عدم تمكين المواطنين اللبنانيين من استلام ودائعهم في البنوك اللبنانية.”