هل تمنع السعودية عن سنّة لبنان “الإمامة”؟

/ نورما أبو زيد /

على بعد ساعات من إعلان سعد الحريري قراره النهائي لناحية الترشّح في انتخابات 2022 من عدمه، يبدو أركان الطبقة الحاكمة كسلسلة فقدت إحدى حلقاتها، وفقدت بالتالي توازنها، لعدم قدرتها على الالتفاف بأريحية حول عنق اللبنانيين، جراء احتمال غياب أو تغييب أحد مكوّناتها.

في التمسّك بسعد الحريري، يتساوى أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصر الله مع رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع (ولو إعلامياً) على الرغم من تباعدهما. ويتساوى رئيس المجلس النيابي نبيه بري مع رئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل على الرغم من تنابذهما. وتكرّ سبحة المتمسّكين حتى آخر زعيم لتشمل سليمان فرنجية ووليد جنبلاط… ولكلٍّ أسبابه في التمسّك.

  • بالنسبة لحزب الله سعد الحريري حاجة لوأد الفتنة السنية ـ الشيعية، كونه ما يزال يمثّل الأكثرية.
  • بالنسبة لنبيه بري هو جزء من تركيبة الدولة العميقة، أضف إلى كونه الأكثر طواعية.
  • جنبلاط بدوره ينظر إليه على أنّه أحد قوائم “السيبة” الثلاثية، ويعكّز عليه انتخابياً في الشوف الأوسط.
  • سمير جعجع لا يزال يعوّل على تحالف انتخابي مع تيار “المستقبل” يعوّمه عددياً في برلمان 2022.
  • جبران باسيل ما يزال يأمل بتعويمه رئاسياً.
  • وسليمان فرنجية سيخسر بدوره صوتاً مضموناً في صندوق الاقتراع الرئاسي.

يشبّه قيادي في “8 آذار” حالة سعد الحريري بـ “بيضة ممودرة”، ويقول “على الرغم من ذلك هو بيضة القبان حالياً”.

في مقابل حاجة الداخل له، ليس سراً أنّ سعد الحريري أُحرِج سعودياً فأُخرِج من رئاسة الحكومة، في تموز الفائت، بعد تسعة أشهر تقريباً على تكليفه تشكيل الحكومة. وليس سراً أن سعد الحريري موجود في أبو ظبي بوساطة إماراتية لدى السعودية، تسمح له بالانغماس في عالم الأعمال، وتمنعه من العودة إلى عالم السياسة. وليس سراً أنّ سعد الحريري احتُجز في السعودية عام 2017، بسبب استحقاقات مالية، وإن لم يبق بحصته بعد. وعليه، التمسّك به داخلياً لن يفيده في ظلّ التخلّي عنه خارجياً.

مجموعة أسئلة تتزاحم، مستبقةً قرار الحريري، على رأسها: هل سيفاجئ اللبنانيين بعزوفه عن العزوف؟ وفي حال العكس، هل سعد الحريري الشخص هو الذي سيعزف.. أم الشخص و”التيار” معاً؟

تردّد في إحدى حلقات “المستقبل” الضيقة، أنّ الحريري عرض، قبل فترة، على السعوديين، من خلال الإماراتيين، تنحّيه، مقابل ترشيح عمته بهية في بيروت وترئيسها كتلة “المستقبل”، فأتاه الجواب سلباً، وطلبت الرياض تجيير الرئاسة لرئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة!

إذا صحّت الرواية، فهذا يعني أنّ السعودية تريد صقراً على رأس التيار الأزرق، لا يمتّ إلى عائلة الحريري بصلة دم، ولا يهادن حزب الله، وتريد بالتالي تصفية آل الحريري سياسياً، ونقل إرثهم الشعبي إلى حليف موثوق اختُبِر وتجاوز الامتحان بجدارة العصيان بحكومة منزوعة الميثاقية، ولديه قدرة على تأدية صلاة الجمعة في السرايا الحكومية.

وسط هذه المعمعة المجهولة الخواتيم، ضيف خليجي طارئ حطّ في بيروت السبت، بمبادرة مفاجِئة، تشي بهدوء دولي وسكون خليجي، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل: هل حجز سعد الحريري مساحةً لنفسه في التسوية الكويتية ـ الخليجية ـ العربية ـ الدولية التي حملها وزير خارجية الكويت الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح إلى بيروت؟ أو هل حُشر الحريري من قبل مطلقي المبادرة، في إحدى زواياها، سيّما وأنّ حشر الحريري سعودياً، سيُترجم حشراً للطائفة السنيّة؟

قرار الحريري المرتقب، سيكشف ما إذا كان هو سـ”يؤمّ” السنّة في الفترة المقبلة، أم ما إذا كانت السعودية ستعيّن لهم “إماماً سياسياً” جديداً، أو حتى ما إذا كانت ستمنع عنهم “الإمامة”.. لتحقيق “فضيلة اختلاف الأئمة”؟!