/ ندى أيوب /
بعد كثير من الأخذ والرّد بين هيئة الشراء العام وإدارة كازينو لبنان، حول عقد تلزيم الكازينو، في تشرين الثاني الماضي، ألعاب الميسر عبر الإنترنت لشركة OSS (Olive Support Systems)، حسم ديوان المحاسبة بعدم خضوع الكازينو لأحكام قانون الشراء العام. غير أنّه نسف أي حقٍّ للكازينو في تنظيم ألعاب القمار «أونلاين»، لأن لا صفة قانونية له تخوّله ذلك، وبالتالي فإن العقد المبرم مع OSS، يُعدّ تجاوزاً للقوانين، شاركت فيه وزارتا المالية والسياحة، وأضرّ بمصالح الدولة المالية.
وقد خلص ديوان المحاسبة في رأيه الاستشاري في الملف، بناءً على طلب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في نيسان الفائت، إثر البلبلة التي أثارها العقد بين الكازينو وOSS، إلى أن «لا صفة قانونية للكازينو بذلك»، استناداً إلى أنه مُنح، عام 1994، استناداً إلى قانون القمار لعام 1954، حقاً حصرياً باستثمار ألعاب القمار في النادي الوحيد في المعاملتين. وتطبيقاً لذلك، فإن العقد الأساسي الموقّع بين «المالية» والكازينو، عام 1995، يجيز للأخير تنظيم ألعاب القمار «الأرضية» حصراً، على أن تُحدد شروط الاستثمار ومدته بمرسوم يصدر عن مجلس الوزراء.
غير أن إدارة الكازينو تجاوزت القانون، استناداً إلى تعديل أدخلته وزارة المالية عام 2008، على المادة 10 من العقد، لجهة السماح للكازينو، بشكلٍ حصري، بتنظيم ألعاب القمار والمراهنات الرياضية «Online». واستند هذا التعديل إلى قرارٍ صادر عن مجلس الوزراء «لم يُستتبع بصدور مرسومٍ وفقاً للأصول». وفي 22 آذار 2023، وقّع وزيرا المالية يوسف الخليل والسياحة وليد نصّار مع الكازينو ملحقاً تعديلياً ثانياً، ومنحا الكازينو بموجبه جميع ألعاب القمار الحاضرة والمستقبلية سواء كانت مصنّفة أو غير مصنّفة بأنّها ألعاب قمار… وذلك عبر موافقة استثنائية. واستقرّ رأي الديوان على أنّ هذا التعديل «لا يشكّل الغطاء القانوني الكافي الذي يسمح للكازينو بتلزيم القمار أونلاين، ذلك أنّ إعطاء حقّ استثمارها للكازينو يشكل توسعة لنطاق الامتياز، ويحتاج إلى تعديل قانون الامتياز الصادر عام 1995 بموجب نص قانوني، عملاً بقاعدة موازاة الصيغ والأشكال». ولفت إلى أنّ «القمار أونلاين يشكّل قطاعاً مستقلاً تماماً عن القمار داخل الكازينوهات، له قوانينه الخاصة وتراخيصه المستقلّة عن تراخيص نوادي القمار. وهو قطاع يحتاج قبل كل شيء إلى تشريعه في مجلس النواب».
ولهذه المخالفة، أيضاً، شقّ آخر يتمثّل في نوعية الألعاب، إذ بدأ الكازينو بالتزامن مع انطلاق بطولة كأس العالم، العام الماضي، تنظيم المراهنات الرياضية، علماً أن الألعاب المسموح له الاستثمار فيها، حدّدها قانون القمار وفقاً للتالي: «الروليت والبكارة والفرعون والسباق والبكرة والثلاثون والأربعون والخيال الصغير… وسائر ألعاب القمار المماثلة»، وهذه كلها لا تشمل المراهنات على نتائج المباريات الرياضية التي أكّد الديوان أنها «ليست من صلاحية الكازينو إنما مديرية اليانصيب في وزارة المالية». ولفت الديوان إلى ملاحظات تؤثّر على صحة التلزيم بين الكازينو وOSS، منها أنّ مدّة العقد من 18/11/2022 إلى 4/12/2026 تتجاوز المدة المحدّدة في دفتر الشروط.
وفي الخلاف مع هيئة الشراء العام، ثبّت ديوان المحاسبة عدم خضوع الكازينو لقانون الشراء العام. ففي حين تخضع للشراء العام الشركات التي تملك فيها الدولة أسهماً، وتعمل في بيئة احتكارية، والمرافق العامة التي تديرها شركات خاصة لصالح الدولة، فإن «كازينو لبنان شركة مساهمة، صاحبة امتياز، مسجّلة في السجل التجاري، لا تملك الدولة أي أسهم فيها، وما يربطها بها هو علاقة تعاقدية لمدة محددة». كما سقط شرط اعتبار الكازينو مرفقاً عاماً يؤمّن خدمة عامّة، واعتبره «مرفقاً خاصاً يوفّر إشباع مصالح شخصية للأفراد، ولا يوفّر منفعة عامة». كذلك تحصّن الديوان بأن «رقابة وزارة المالية على الكازينو محصورة بالرقابة على عائدات الدولة وحصّتها من إيرادات الكازينو، وليست سلطة وصاية»، و«لأن الدولة لا تملك فيه أسهماً فإنّ الكازينو لا ينفق مالاً عاماً، إنّما مالاً خاصاً، وبالتالي لا تتوفر فيه شروط الخضوع للشراء العام». علماً أن المستشار إيلي معلوف خالف رأي الديوان في هذا الشق حصراً ودوّن مخالفته خطياً.