الآمال معلقة على الموفد القطري لانتخاب الرئيس!

اليوم ينتهي الشهر الحادي عشر على خلو كرسي قصر بعبدا ولم تفض كل الجهود الداخلية والمساعي الخارجية حتى الآن الى انتخاب الرئيس الرابع عشر للجمهورية اللبنانية ما بعد الاستقلال.

والتعويل خلال شهر تشرين الأول أي قبل اكتمال عام على الشغور الرئاسي هو على حركة الموفد القطري أبوفهد-جاسم آل ثاني الذي ينشط في اتصالاته ولقاءاته للأسبوع الثاني على التوالي في لبنان ممهدا من جهة لزيارة وزير الدولة للشؤون الخارجية القطرية محمد عبد العزيز الخليفي لبيروت ومن جهة ثانية بحسب أوساط نيابية لبنانية لانخراط  سعودي كامل في المساعي والجهود الرامية الى بلورة أجواء تشجع الأفرقاء اللبنانيين على انتخاب الرئيس.. حتى أن هذه الأوساط وصفت نشاط الموفد القطري بكاسحة ألغام تفتح المسار وتوصل الفرصة الى مفترق طريقين:

طريق النتيجة السلبية المحفوفة بمخاطر أمنية عالية أو نحو طريق تفاهم مستمد من أجواء إقليمية-دولية يتلقفها الأفرقاء السياسيون المحليون وتؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية… وأوضحت أن حركة الموفد القطري منسقة مع اللجنة الخماسية وقبلها مع الموفد الفرنسي جان إيف لودريان لافتة الى أهمية العلاقة الحسنة لقطر مع السعودية وكذلك مع فرنسا وإلى لسان حال الدوحة مع طهران.

في الغضون على المستوى اللبناني-المحلي وحتى هذا اليوم لا يزال كل فريق متمسكا أو متمترسا بموقفه ولم تظهر أي تعديلات في المواقف ولا أي بارقة حوار.

 

فرح اللبنانيون لأمين معلوف، ومع أمين معلوف، فرحوا لناديي الحكمة وبيروت في كرة السلة ، فرحوا لفرقة مياس يفرحون لكل إنجاز يحققه لبناني سواء في الداخل أو في الخارج. البلد بحاجة إلى جرعات من الفرح والأمل لأنها المحفز إلى إعادة النهوض والتقدم.

لكن مع هذا الفرح هذا الأسبوع ، جاء من ينغص عليهم فرحتهم آخر الأسبوع ، إنهم الغوغاء على دراجات نارية تصدوا لمجموعة مواطنين في مسيرة ” دعم الحريات” كان يفترض أن تتوجه من وسط بيروت في اتجاه وزارة الداخلية، لكن غوغاء الدراجات النارية، بغطاء من رجال دين، اعتدوا على المسيرة، حتى أنهم ” أخذوا في دربهم ” رجال الأمن ، وقد جهر هؤلاء الأوغاء بأنهم سيمنعون المسيرة وسيتصدون لها ، وهذا ما فعلوه.

وفي موسم تألق الكبار، كبير هوى، الياس الديري، زيان، الصحافي والأديب اللامع، صاحب كتاب ” الفارس القتيل يترجل ” صار هو اليوم صاحب عنوان الكتاب ، ترجل وانكسر قلمه، ليدخل إلى نادي الكبار الذين غابوا.

في الشأن الدولي، ملف التطبيع بين السعودية وإسرائيل إلى الواجهة، المتحدث باسم البيت الأبيض كشف أن المفاوضات الرامية إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية تواصل التقدم، مشيرا إلى التوصل إلى “إطار أساسي” لاتفاق مستقبلي.

وفي دردشة مع صحافيين، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي إن “الطرفين وضعا على ما أعتقد هيكلية أساسية لما يمكن أن نسير باتجاهه”.

 

ما سر الهدوء المسيطر على الساحة السياسة ، وتحديدا أكثر على الملف الرئاسي؟ وهل الهدوء سيستمر طويلا، ام انه هدوء ما قبل العاصفة؟ الاجابة عن السؤالين صعبة في ظل الضبابية التي تحجب الرؤية ، بل في ظل الالتباسات التي تحكم المواقف ان في الداخل او في الخارج . ففي الداخل الثنائي ، وتحديدا حزب الله ، يقدم اشارات متناقضة عن الانتخابات الرئاسية. فتارة يقول انه مع سليمان فرنجية “حتى اشعار آخر”، وطورا يؤكد ان لا مرشح لديه سواه، وانه لن يتخلى عن ترشيحه مهما حصل. فاي الموقفين هو الاصح والادق ؟ ثم ان حركة المبعوثين العرب والاجانب محكومة  بكثير من الغموض. فلا احد يدري ما اذا كان المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان سيعود ام لا. كما ان لا احد يعرف متى يأتي وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد الخليفي الى بيروت لمباشرة لقاءاته واتصالاته مع الفرقاء السياسيين. فاذا اضفنا الى ذلك فشل المسعى الحواري للرئيس بري واصراره في المقابل على عدم فتح ابواب مجلس النواب، يتأكد ان الاستحقاق الرئاسي ليس موضوعا على نار حامية، وان الاشهر الثلاثة المتبقية من 2023 قد لا تظهر صورة الرئيس المقبل للبنان.

في الاثناء جبران باسيل يجول اليوم وغدا في منطقة البقاع ، حيث اكد من هناك ضرورة تحقيق اللامركزية الادارية والصندوق الائتماني. والملاحظ ان رئيس التيار الوطني الحر تخلى عن مصطلح اللامركزية الادارية والمالية وصار يكتفي باللامركزية الادارية. فهل التخلي نتيجة رفض حزب الله اللامركزية المالية، علما ان الحوار بين الطرفين يسير ببطء شديد؟ أمنيا، لفت الاعتداء على مسيرة سميت بمسيرة الحريات، كان مخططا لها ان تنطلق من ساحة رياض الصلح باتجاه وزارة الداخلية. التظاهرة التي جاءت بحسب منظميها من اجل ضمانة كاملة للحريات وردا على الانتهاكات المتتالية للحريات ووجهت بالعنف والتخويف ورمي الحجارة واطلاق الشعارات المعادية والاتهام بالمثلية. هكذا حوصرالمشاركون في التظاهرة ولم يتمكنوا من التظاهر و تعرض بعضهم للضرب. ولم ينته الاشكال الا باستقدام آليات لقوى الامن الداخلي لتنقل المتظاهرين المحاصرين. لكن هذه الاليات تعرضت هي الاخرى للمحاصرة والاعتداء!! فاين لبنان، بلد الحريات، مما حصل اليوم ؟ واين حقوق الانسان التي تكفل لكل فرد الحق في التجمع والمشاركة في الشؤون العامة؟ وهل عدنا، في الاتهامات التي تلقى جزافا، الى زمن محاكم التفتيش في القرون الوسطى؟ بل، هل نحن نعيش في بيروت ام في قندهار؟

 

لا معطيات تؤشر إلى أي اختراق للأزمة الرئاسية بعد موجة التعطيل الأخيرة التي استهدفت المبادرة الحوارية للرئيس نبيه بري. والمساعي الحالية لا تبدو ناضجة وهي تكاد تقتصر على حراك الموفد القطري في بيروت خلف الكواليس وسط ندرة في المعلومات الأمر الذي لا يوفر ما يكفي من عناصر للبناء عليها. أما الموفد الفرنسي فإن الجميع في حال ترقب لخطوته التالية بعد زيارته الأخيرة للسعودية. وبالنسبة للرئيس بري فإنه على استعداد لأن يدعم كل من يريد ان يساعد لبنان ويعتبر ان طريق الحل الرئاسي مبتدأه وخبره الحوار.

وفي السياق عينه تأكيد من معاونه السياسي النائب علي حسن خليل على تسهيل كل المبادرات سواء كانت فرنسية أو قطرية أو خماسية قائلا اننا ملتزمون بتسهيل كل المحاولات لكن الأساس هو تلاقي اللبنانيين.

في الأمن هدوء تام وارتياح واسع في عين الحلوة بعد نجاح خطوة انتشار القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة في حي التعمير وإخلاء مدارس الأونروا من المسلحين تمهيدا لتسليمها إلى الوكالة المكلفة برعاية اللاجئين. وسيكون على هذه الوكالة الأممية مسح الأضرار الناجمة عن الاشتباكات الأخيرة في المخيم وإجراء أعمال الترميم اللازمة.

 

الثابت الوحيد حتى اليوم، هو تمسك الثنائي الشيعي بترشيح سليمان فرنجية. اما الحراك الخارجي، الفرنسي ثم القطري، فلم ينجح حتى اللحظة في إحداث الخرق المطلوب، بدليل عدم انتخاب رئيس.

وفي غضون ذلك، تكثر التسريبات حول البحث في سلال توافقية، حول بعض المرتكزات السياسية والتعيينات الاساسية. غير ان المطلوب في مكان آخر:

اولا، تطبيق وثيقة الوفاق الوطني واحترام الدستور نصا وروحا، وتجاوز عقدة التفسير او التعديل اذا لزم الامر
ثانيا، الاتفاق على خريطة طريق انقاذية للمرحلة المقبلة حتى يتحول انتخاب الرئيس من ملء لكرسي شاغر في القصر الجمهوري، الى ملء للفراغ في الجمهورية.
ثالثا واخيرا، التشدد في ارساء العدالة والمساءلة والمحاسبة تحت سقف القانون، تزامنا مع إطلاق جدي للإصلاح على المستويات التشريعية والتنفيذية والقضائية.

وفي غضون ذلك، سلسلة مواقف مرتقبة اليوم وغدا لرئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل خلال الجولتين اللتين يقوم بهما في زحلة وبعلبك-الهرمل، بمشاركة الرئيس العماد ميشال عون. جولة باسيل اليوم، لفتت في الشكل والمضمون. ففي الشكل، شملت الزيارات معظم فاعليات المدينة الروحية والسياسية، ولقاءات بالأهالي. اما في المضمون، فجرى التطرق الى جوهر الازمة وسبل الخروج منها، علما أن باسيل يلقي الليلة كلمة في العشاء الذي تقيمه هيئة قضاء زحلة، تنقلها الاوتيفي مباشرة على الهواء وعبر منصاتها الرسمية على مواقع التواصل.

 

فيما التنقيب عن رئيس للجمهورية لا يبشر بخبر قريب، فان التنقيب عن النفط والغاز احيا الآمال بخير وفير. فطغت رائحة الغاز على رائحة العفن السياسي، وبشر وزير الطاقة اللبنانيين بان المؤشرات التي ترسلها الحفارة من البلوك رقم تسعة تحمل جديدا. هو ليس استعجالا او حرقا للمراحل ، الا ان ما قيل تأكيد ان الامور تسير بالاتجاه الصحيح وان المهلة المتبقية من الايام السبعة والستين التي حددتها توتال لاعلان النتيجة الاولية لن تكون ثقيلة على اللبنانيين.

وحتى انتهاء الحفر الاستكشافي وبدء الحفر الحقيقي سيكتشف اللبنانيون انهم حققوا انجازا تاريخيا عبر وحدة موقفهم، وان تمسكهم بسلاح قوتهم اي معادلتهم الذهبية – جيش وشعب ومقاومة – سيدر على البلد وأهله الكثير من الذهب الاسود الذي كان ممنوعا عنهم بقرار من الثعبان الاسود – الكيان العبري وسيده الاميركي.

بالعودة الى الملف الرئاسي فان الانتظار سيد الموقف، وان القرار الداخلي عند البعض لا يزال التعطيل، فيما المسعى الخارجي يسير على ارض رخوة لا يمكن ان يحط عليها الخلاصات التي تتناقلها منابر الاعلاميين وبعض السياسيين. فالحقيقة الوحيدة الثابتة على ارض صلبة أن سليمان فرنجية هو المرشح الجدي المؤيد من الثنائي الوطني.

في كفرشوبا ترجم القرار الجدي بفتح الطرق امام اللبنانيين الى اراضيهم في تلال المنطقة، وانتهى تعبيد الطريق التي شقتها وزارة الاشغال من كفرشوبا الى ما يسمى بخط الانسحاب قرب بركة بعثائيل عند حدود الاراضي اللبنانية المحتلة، فسار عليها الاهالي بآمالهم نحو تحرير ما تبقى من اراضيهم.