/ جورج علم /
يحضر السفير السوري علي عبد الكريم الى وزارة الخارجيّة، ليدقق معلوماته حول الضمانات الأميركيّة لعبور الغاز المصري الى لبنان عبر الأراضي السوريّة. السفيرة دوروثي شيا تحدثت عن رسالة خطيّة. السفير السوري يبحث عن مدى إمكانية التفلّت من عقوبات “قانون قيصر”. أما بيروت، فالأولوية للنكد السياسي، قبل أن يصل الغاز، بدأ الخلاف حول هويته، هل هو مصري، أم إسرائيلي؟!
كانت إسرائيل المبادرة، تحدثت صحافتهاعن “تطبيع مقنّع”، وعن مناخ جديد يهبّ على لبنان. وسائل التواصل في بيروت لم تقصّر، وضعت الرئيس ميقاتي أمام موقف صعب، وهو العائد من شرم الشيخ بوعد ماسي من الرئيس عبد الفتاح السيسي، كثّف إتصالاته، فاستيقظت وزارة الطاقة، وأكدت في بيان موجز بأن “الغاز مصري”، ونقطة عالسطر.
دخل الأوروبيّون على الخط، وتحديداً الفرنسيون، “الغاز مصري، الضمانات أميركيّة، وسوريا الممر الآمن”، فأين الشراكة الأوروبيّة ـ المتوسطيّة، ولبنان حجر الزاوية فيها؟ والسؤال الأبرز ـ وفق صحيفة “لو موند” ـ ” نحن أمام مشهد، لكن ماذا عن سائر فصول المسرحيّة؟ ومن هم القابعون خلف الستارة، واللاعبون الآخرون على المسرح؟!”.
يعتقد الأوروبيوّن أن واشنطن لا تعطي مجاناً، ورسالة الضمانات جزء من مهمة آموس هوكشتاين، وسبقت وصوله لإستكمال مهمته حول ترسيم الحدود البحريّة، والإستثمار في ثروة الغاز والنفط في المياه الإقليميّة.
كانت شركة “توتال” السبّاقة، وقد اختبرت مهنيتها في الحقل رقم 4، وتضمنت التقارير العلميّة مواصفات غير مطابقة مع تقارير الأجهزة، الأولى تتحدث عن كميات واعدة، الثانية تمعن بتشويه الحقائق لغايات مصلحيّة، إنطلاقا من أن “لبنان القاصر، أعجز من بسط سيادته كاملة على هذا القطاع الحيوي!”.
يعوّل الأوروبيّون على موقف الحكومة، حجتهم أنها صنيعة دعمهم، وبالتالي عليها أن تكون مستجيبة. إلاّ أن الأوروبي ـ وخلافا للمزاج السائد ـ تاجر طامح بإمكانات متواضعة، لم يعد ذلك الغيور الشهم، إنه هنا ليبيع ويشتري، واضعاً مصالحه فوق أي إعتبار.
يتقمص هنا دور “أم السبعة أعين”. عين على النفط والغاز، وأخرى على المرفأ، وثالثة على قطاع الكهرباء، ورابعة على البنى التحتيّة، وخامسة على القطاع المالي ـ المصرفي، وسادسة على القطاع التربوي التنويري الجامعي، وسابعة على القضاء.
يجاهر العدو الإسرائيلي بمطامحه ومطامعه، لكن هناك من هو أدهى، ويتلطّى بثوب الحمل، ويمصّ ما تبقى من عافية البلد بأنياب “دراكولا!”. الإتحاد الأوروبي في هذا الموقع تحديداً، بعض دوله تدّعي الحدب على لبنان ومصالحه، وتمنّن بالمساعدات الإنسانية، لكن حتى الآن “ما عرفنا وينيّة الورشة!”، وأين تذهب هذه المساعدات؟ ومن هي الجهات المستفيدة؟!
منّنتنا فرنسا بمبادرة خاصة “لإنقاذ لبنان”، ونشرت غسيلها على صنوبر قصر الصنوبر، فيما الملفات الأكثر تعقيداً يلفّها تجاهل متعمّد. السفراء الأوروبيّون منهمكون بالإنتخابات، يحرصون على أن تكون نزيهة وشفافة وتنشر رياحها معالم التغيير! كل هذا جيد، وليس من اعتراض داخلي حتى الآن على ما يقال ويعلن. الإعتراض على النوايا، على الإزدواجية المتقمّصة ثوب الحمل. يريد الأوروبيّون التغيير، ولغاية الآن لا أحد يعرف ماهيته في ظلّ الإصرار على دمج مليوني نازح في لبنان، عملاً بمندرجات القرار الأوروبي الذي يقضي “بدمج النازحين في الدول المضيفة”! هل تدرك هذه الدول، الصديقة، العطوفة، ما معنى دمج مليوني نازح في لبنان الذي يفرّ شعبه عبر قوارب الموت، بحثاً عن “مرقد عنزة ” في رياح الأرض الأربع؟!
تريد الازدواجيّة الأوروبيّة ـ الغربيّة الإمساك بمقدرات لبنان من خلال صندوق النقد الدولي، وشروطه “المعلّبة”. حجتهم أن اللبنانيين ذبحوا وطنهم من الوريد الى الوريد. فاتهم ان لبنان الذبيح لم يهجر الفلسطيني من أرضه، وأن تكلفة النزوح التي تحملها منذ آذار 2011، لغاية اليوم، قد تجاوزت الـ70 مليار دولار!