| مرسال الترس |
منذ وضع الفراغ الرئاسي رحاله في قصر بعبدا، قبل عشرة أشهر، وتحاول مجموعات من الأفرقاء السياسيين التقاطع على توليف تشكيل معين، إلاّ أنها في كل مرة تقع في دوامة التصارع على المصالح الشخصية الضيقة، إلى أن أسقط بعض “المنظّرين” عليها إسم “المعارضة”.. من دون أن يكون هناك حكم أو سلطة تعارضها!
فبعد انهيار تحالف “قوى 14 آذار”، التي لم تعمر أكثر من عقد من الزمن نتيجة الخلاف الحاد بين رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الذي خطّط لتزعمها كقوة مسيحية فاعلة وبين رئيس تيار “المستقبل” رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الذي انكفأ عن الساحة السياسية في لبنان جراء ظروف اقليمية معروفة، “انفخت دفّ” تلك القوى و”تفرّق عشاقها” من دون أن تستطيع إعادة اللحمة إلى ما كان يجمعها إثر استشهاد الرئيس رفيق الحريري في العام 2005.
حتى أن نواباً يصنفون أنفسهم “معارضين”، أكدوا حديثاً أن ظروف قيام جبهة سياسية على غرار جبهة “14 آذار” غير متوافرة حالياً، ولا يبدو أنها ستكون متوافرة في المدى المنظور.
ظهرت أولى المحاولات في السعي لبناء “خيمة” جديدة تضم تلك المجموعات المتناثرة التي تفتش عن إطار يجمعها، عندما بدأت مرحلة الانتخابات الرئاسية في خريف العام الماضي، حيث تجمعت حول ترشيح رئيس حركة “الاستقلال” النائب ميشال معوض. ولكن فرحتها لم تصل إلى “باب الدار”، حيث أنه بعد بضع جلسات في ساحة النجمة بدأ التضعضع يتغلغل في صفوفها، إلى أن سقط الخيار بسبب تضارب المواقف والمصالح والنوايا.
ولم يطل الوقت حتى باشر العديد من هذه القوى التصفيق طويلاً عندما “تقاطع” رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل مع بعض تلك القوى على دعم ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، الاّ أن “نقلها” لم يكتمل “بالزعرور” بعدما لاح أن باسيل “تقاطع” لظروف خاصة مع تلك الفئة، التي لا يثق بها وتبادله بالمثل مع زيادة “حبة مسك”، وذلك من أجل توجيه رسائل إلى “حزب الله” الذي لم يطل به الشوق ليعيد فتح خطوط التواصل لإنعاش “اتفاق مار مخايل” ومحاولة إعادة وصل ما كان مهدداً بالانقطاع.. والسعي مستمر.
من مجموعة من الأسباب الجوهرية في الفشل بتكوين الإطار المشار إليه، سببان: الأول، أن أفرقاء الطائفة السنية يقفون متفرجين، بعدما خرج الرئيس الحريري من العمل السياسي الى أجل غير منظور. والسبب الثاني، أن حزب “القوات اللبنانية” يحاول فرض هيمنته على مختلف المجموعات الأخرى، والتي لم تهضم بعد تلك الهيمنة وتعتبر نفسها أنها بمساواته على الرغم من أن تمثيلها النيابي ليس بمستواه، ولكن في اعتقادها أن لا شيء يدوم، وما كان مستحيلاً في ظروف إقليمية معينة قد يصبح ممكناً في ظروف إقليمية مختلفة!
انطلاقاً من ذلك، قد يجتمع هؤلاء الفرقاء على “أزعور آخر”، ولكنهم لن يستطيعوا استعادة أمجاد “14 آذار” من دون محفز ملموس لا يبدو أنه متوافر في المدى المنظور!