| علاء حسن |
تصاعدت حدّة المناوشات بين المقاومة في لبنان والعدو الصهيوني في الآونة الأخيرة، في أكثر من نقطة حدودية، بعدما كان الهدوء سيد الموقف سنوات عديدة. لكن حصل في الأشهر الماضية تصاعد تدريجي لحدّة هذه المناوشات، في حين تشهد المنطقة تهدئة إقليمية وإعادة صياغة نظام عالمي جديد على المستوى الدولي.
ميدانياً، نصبت المقاومة خيمتين في “مزرعة بسطره” في مزارع شبعا، مما أثار حفيظة العدو والقوات الدولية، لكن موقف الدولة اللبنانية والجيش كانا حاسمين في هذا الخصوص، في رسالة مفادها أن المقاومة نصبت الخيم في الأراضي اللبنانية وضمن السيادة اللبنانية، ما أثار استياءً “إسرائيلياً” تمثّل بأعمال التوسع التي حاول القيام بها في تلال كفرشوبا، والتي تصدى لها المواطن اسماعيل ناصر، وبعدها تقدّم الجيش اللبناني الذي منع العدو تحت عدسات الإعلام، وآخرها توسيع السياج التقني في ما يسمى بـــ”خط الانسحاب” ليشمل الجزء اللبناني من قرية الغجر، وهي منطقة غير متنازع عليها ومثبتة كأراضٍ لبنانية لدى الأمم المتحدة.
على أنه حصل إطلاق صاروخ قصير المدى صباح الخميس، ليرد العدو بعدد من القذائف المدفعية التي أحدثت حريقاً في تلال كفرشوبا.
وفي هذا السياق يمكن القول إن مستوى التصعيد الذي يمارسه العدو الصهيوني في منطقة الجنوب، لا يعدو كونه هروباً من أزماته الداخلية، من خلال إنتاج عملية إلهاء للرأي العام الداخلي والخارجي، وتحريكاً للجيش في أكثر من نقطة، محققاً بذلك تهدئة على مستوى الصراعات الداخلية، وتعزيزاً لقوة الردع التي تتآكل بفعل ضربات المقاومة الفلسطينية المتتالية.
لكن ما يلفت النظر في هذا السياق، هو صمت الدولة اللبنانية، ومعها القوى السياسية، عن هذا الخرق الكبير للسيادة اللبنانية، والتعدي الواضح على أراضيها، في حين أن هذه القوى تكون حاضرة ومستنفرة في قضايا أخرى حتى قبل تبيان الحقيقة.
وفي سياق متصل، يرى المراقبون، وفي ظل أجواء التهدئة القائمة في المنطقة وانشغال الولايات المتحدة بملفات أكثر سخونة، أنه من المستبعد قيام العدو بجولة تصعيد كبيرة تؤدي إلى حرب مفتوحة في نهاية المطاف، خصوصاً أنه لم يحقق نتائج إيجابية في ساحات أقل قدرة وتسليح بكثير من الجبهة الشمالية لفلسطين، والتي كانت آخرها محاولة كسر “كتيبة جنين” قبل أيام والتي باءت بالفشل.
في المقابل، يعتقد البعض أن الأسباب المانعة للحرب هي نفسها المؤدية إليها، لكون العقل الصهيوني لا يتحمل هذا الكمّ من الفشل وتضييق الخناق، فبعدما كان يهدّد الدول البعيدة قبل القريبة، أصبح منشغلاً بجولات قتالية مع غزة المحاصرة، والعمليات الفردية في الضفة الغربية، وهو الأمر الذي سيؤدي في نهاية المطاف إلى ضرب قدرة الردع لديه بالكامل، مما سيحدو به إلى قلب الطاولة ونقل المعركة إلى خارج الأراضي الفلسطينية التي يحتلها، مبتزاً بذلك الأطراف الغربية التي ستجد نفسها مرغمة على الوقوف خلفه، وبالتالي اندلاع معركة واسعة النطاق قد تشمل إيران أيضاً.
يبقى احتمال ثالث، وهو محاولة العدو التفاوض على إزالة الخيمتين من خلال عملية التوسع التي قام بها في قرية الغجر، كي يحصل الانسحاب من الطرفين وتنتهي المسألة.
وفي جميع الأحوال، فإن النتيجة النهائية لكلا الاحتمالين، الأول والثاني، ستكون منطقة خالية من الكيان الصهيوني، وهو ما يعد له المقاومون منذ زمن بعيد، وهذا ما يمكن قراءته من بيان “حزب الله” والذي بدا وكأنه يهيئ الرأي العام ويلفت انتباه الأطراف كافة إلى ما سيقوم به من إجراءات دفاعية تردع العدو عن القيام بمثل هكذا أعمال.
قال الشهيد مصطفى شمران في يوم من الأيام: “عندما تقرع طبول الحرب، يتبين الرجال من الجبناء”، وإلى ذلك الحين فإنه من الواضح أن لعبة الحسابات الدقيقة لمنع الأخطاء الكبيرة ستكون هي المعادلة الحالية.