/ غاصب المختار /
بعد طرح نائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب، إثر لقائه رئيس المجلس نبيه بري “التفكير جدياً بالتوجه الى انتخابات نيابية مبكرة، لأن المجلس الحالي عاجز عن انتخاب رئيس للبلاد”، والذي جاراه فيه النائب فيصل كرامي بقوله: “الخيارات محدودة اليوم للخروج من دوامة الفراغ، وأبرزها إما انتخاب رئيس للجمهورية، وإما الحوار، وإما اللجوء إلى انتخابات نيابية مبكرة، أو انتظار ما سيحصل في الخارج ويُفرض علينا”، وكذلك النائب أشرف ريفي ولو من منطلقات وأسباب وأهداف أخرى.
وطرحت أوساط مراقبة سؤالاً مفاده أنه في ظل الإنقسام الحاصل، وتمسك عدد من الفرقاء السياسيين بوضعهم النيابي، هل توافق الأكثرية النيابية والقوى السياسية المعارضة، لا سيما “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” و”الكتائب” وحركة “تجدد” وغيرهم، على عقد جلسة نيابية، سواء بطلب من رئيس الجمهورية عبر الحكومة (المادة 55) أو بإقتراحات قوانين نيابية،كما ينص الدستور، لتقصير ولاية المجلس؟ أم هل يذهب نصف أعضاء المجلس وأكثر، لا سيما نواب طوائف بأكملها إلى الاستقالة، بحيث يفقد المجلس ميثاقيته ويتم فرض إجراء انتخابات مبكرة؟
لكن المادة الدستورية تقول إنه “وفي حال عدم إجراء الانتخابات ضمن المهلة المنصوص عنها في المادة الخامسة والعشرين من الدستور، في مدة لا تتجاوز الثلاثة أشهر، يعتبر مرسوم الحل باطلاً وكأنه لم يكن، ويستمر مجلس النواب في ممارسة سلطاته وفقاً لأحكام الدستور”.
وأوضح المراقبون أن من بين الأسباب الموجبة لإجراء انتخابات مبكرة بحسب الدستور، أن يكون مجلس النواب عاجزاً عن انتخاب رئيس والقيام بمهامه التشريعية، ومنها عدم اقرار الموازنة العامة. لكن في كل الحالات يبقى القرار بيد الهيئة العامة للمجلس.
في اعتقاد الكثيرين، أن اقتراح الانتخابات المبكرة قد يكون أحد المخارج المنطقية لوقف حالة الإنهيار في مؤسسات الدولة الدستورية، منذ أن أصبح انتخاب رئيس للجمهورية موضوع انقسام وتعذّر وتعثّر، ما يُبقي البلاد رهينة شغور طويل في الموقع الدستوري الأول للدولة.
لكن من وجهة نظر أخرى، فإن هدف الاقتراح هو محاولة قلب التوازنات الحالية في المجلس، والتي تعتبرها المعارضة لمصلحتها، مع أن بعض التسريبات أشارت إلى أن بعض نواب “التغيير” لا يمانع الاقتراح، لكن من وجهة نظرهم “إذا كان سيُنهي حالة الإستعصاء القائمة، وإذا كان يمكن أن يؤدي إلى إعادة نظر الناخبين بالتصويت للقوى السياسية التقليدية المسؤولة عن حالات الإنهيار”.
وذهب البعض إلى أن الإقتراح هدفه حشر رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، في زاوية التحالفات الجديدة التي يمكن أن يُجريها في حال حصول انتخابات مبكرة، ودفعه إلى إعادة حساباته وتحالفاته وتموضعه وتقاطعه مع قوى المعارضة، ولو مؤقتاً أو من باب المناورة، ذلك أن البلاد لم تعد تحتمل مناورات وتشاطراً وتذاكياً ولعباً على التناقضات.
وعليه، فإن انتخابات مبكرة من دون التحالف مع ثنائي “أمل” و”حزب الله” وحلفائهما، في دوائر انتخابية مثل بعبدا والبقاع الغربي والشمالي وجزين وحتى الجنوب، ستُفقد التيار عدداً من النواب يقلل من رصيده في اللعبة السياسية ويجعل خصومه المسيحيين في موقع أقوى وأفعل.
وثمة من وجّه الإتهام إلى رئيس المجلس بأنه وراء الإقتراح لحشر باسيل، لكن بو صعب ينفي للمتصلين به ذلك ويؤكد أن الإقتراح “من بنات أفكاره”، وأن السبب الأساسي وراءه، هو استحالة عقد حوار بين مكونات المجلس للتوافق على انتخاب رئيس، والبحث في الخلافات المستحكمة حول القضايا الكبرى الوطنية والإجرائية، عدا عن أنه سبق وطرح الفكرة في أعقاب ما سمي “ثورة 17تشرين” لوقف حالة الإنهيار التي بدأت وقتها.
وفي كل الاحوال، فإنه من المبكر الحكم على كل هذه السيناريوهات، قبل اتضاح أهدافها الحقيقية وإمكانيات تحقيقها، في ظل المساعي والإتصالات الخارجية القائمة، والتي تتحدث معطياتها عن مقاربات جديدة للإستحقاق الرئاسي وتوابعه، فرنسية وسعودية وقطرية، وفي الظل أميركية بشكل خاص.