جلسة مجلس النواب

الجلسة 12: انتصر بري.. إلى الحوار درّ!

/ خلود شحادة / 

انتهت جلسة مجلس النواب الثانية عشر كسابقاتها، لكن الجلسة 13 ستوقف عدّاد الجلسات، وسينتج عنها رئيس للجمهورية.

أحدثت هذه الجلسة صدمة حقيقية، فخالفت توقعات الجميع.

داعمو المرشح الرئاسي جهاد أزعور، كانوا قد أعلنوا وجزموا أن أزعور سيحصد 65 صوتاً خلال عملية الإقتراع، وهذا ما كان يخوله الوصول إلى سدة الرئاسة في الدورة الثانية، وعلى الأقل يبرهن قدرة القوى المتحالفة لترشيحه على إيصاله إلى بعبدا.

65 صوتاً كان متوقعاً لأزعور، مقابل ما لا يتجاوز 42 صوتاً لفرنجية… إلا أن رياح التصويت أتت على عكس ما اشتهت سفينة داعمي أزعور، ولم يصل إلى الـ60 صوتاً.

ثمة ما يلفت النظر في الجلسة الأخيرة لانتخاب الرئيس: عدم اعتراض النواب على تعطيل النصاب من قبل “الثنائي الوطني”. فهل هذا الصمت يعني الاستسلام للخسارة التي وقعت اليوم؟ أم أن ثمة قناعة قد ترسخت لدى الفريقين أن لا حلّ إلا بالحوار، وأن ألف جلسة نيابية لن تنتج رئيس جمهورية إلا إذا تم التوافق بين القوى اللبنانية كافة من دون إقصاء لأحد؟

رغم تحالف “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” و”الحزب التقدمي الاشتراكي” وقوى “التغيير” وغيرهم، إلا أن النتيجة كانت “خاسرة” بكل المقاييس.

عملياً، انتهت الجلسة بمجموعة حواصل:

الحاصل الأول، أن القوى التي تقاطعت على ترشيح أزعور، تلقت صفعة موجعة، لأن الأرقام التي خرجت من الجلسة شكلت مفاجأة، سواء بالنسبة لما حصل عليه أزعور أو ما حصل عليه فرنجية. وقد بدا الانفعال والتوتر والانزعاج واضحين على وجوه وسلوك هذه القوى بعد الجلسة.

الحاصل الثاني، يظهر أن جهاد أزعور، وإن بدا مستمراً في ترشيحه، إلا أن الوقائع والتحالفات الظرفية التي تقاطعت على اسمه في الجلسة 12، انتهى قسم منها:

“التيار الوطني الحر” يبدو أنه لا يستطيع التمسك بأزعور والتماسك خلف ترشيحه، بعد ما حصل من انقسام داخل “التيار” على ترشيح أزعور.

“اللقاء الديمقراطي” مرّر “قطوعاً” لا يرغب بالاستمرار فيه، وبالتالي لا ضمانة أن يستمر جنبلاط بدعم أزعور.

“القوات اللبنانية” ستضطر إلى كشف مرشحها “المستور” في جلسة تكون فعلية لانتخاب الرئيس، وليس لاستعراض القوة.

الحاصل الثالث، أن فرنجية ثابت في ترشيحه، ومن خلفه فريق سياسي متماسك، فالجلسة 12 لم تنجح بإحراق اسمه كما كان يريد المتقاطعون على اسم أزعور. وعلى الأرجح أن فرنجية سيرفع حاصله من الأصوات، في أي جلسة مقبلة مع اتجاهات عدد من النواب إلى حسم خياراتهم، وقسم لا بأس به يعتبر أن فرنجية هو مرشحه الضمني.

الحاصل الرابع، أن “الثنائي الوطني” وحلفاءه أثبتوا قدرة على التماسك خلف مرشحهم، وأنهم يشكلون لوحدهم، كفريق سياسي، القوة الأكبر على المستوى النيابي، في مقابل مجموعة قوى تتقاطع على اسم وليست متحالفة، وهي معرضة للتفكك في أي لحظة.

الحاصل الخامس، أن الرئيس نبيه بري أثبت مقدرة استثنائية، ليس فقط على إمساك مطرقة الرئاسة في مجلس النواب، وإنما أيضاً على إدارة اللعبة الانتخابية والتحكم بمسارها، وقيادة اتجاهاتها، بالشكل الذي فاجأ حلفاءه قبل خصومه. وقد ترك ذلك ارتياحاً في أوساط حلفائه وشركائه، الذين خرجوا بعبارة “إنه نبيه بري”.. “مايسترو الحل والربط”!

لا تخفي بعض الأوساط تخوفها من جلسة اليوم، وأسئلة كثيرة طرحتها حول الذهاب إلى جلسة “خاسرة” فعلياً، إلّا أن “حبكة” بري المدروسة جداً، تميزت بـ “القطب المخفية” من خلال مروحة العمل التي شغّلها، ومكّنته من الخروج من الجلسة النيابية، باعتراف الصديق قبل الخصم، أنه لا أحد يستطيع إلغاء أحد، وأن الرئيس لا يُفرض فرضاً بل بالتوافق والاتفاق.

دعوة إلى الحوار مفتوحة من قبل كل القوى السياسية، عقب انتهاء جلسة الانتخاب، ليعود الجميع إلى ما كان دعا إليه الرئيس بري منذ بداية “عهد الفراغ”.

ومع إطلاق دعوة الحوار، بدأت التحليلات تنصب من كل حدب وصوب أن بري سيتخلى عن ترشيح فرنجية مقابل عقد طاولة الحوار، ليفاجئهم من جديد ببيان مقتضب يؤكد فيه أن “الحوار سيكون من دون شروط.. لا يلغي حق أحد بالترشح”.

قطع بري الشك باليقين، مرشح “الثنائي الوطني” هو سليمان فرنجية، وهذا ما سيعيد خلط الأوراق لدى الفريق الثاني، في اختيار اسم جديد، مما سيؤدي إلى إعادة تموضع من قبل كافة الأطراف، وتحديدا الحزب “الاشتراكي” و”التيار الوطني الحر”.

عملياً، يمكن الاستنتاج في خلاصة الجلسة 12 أن قطار الرئاسة المتوّقف عند “خطوط التماس” السياسية، ربما أصبح أنطلاقه قريباً، إذا تبيّن أن المعطيات الخارجية قد اكتملت لصياغة التسويات، والتي سيكون رئيس جمهورية لبنان إحدى حلقاتها.