السجون الموقوفين

زيادة الوفيات في السجون اللبنانية.. و”العفو الدولية” تدقّ جرس إنذار

رفعت منظمة العفو الدولية الصوت حول وضع السجناء في لبنان وذلك في ظلّ تضاعف عدد الوفيات في السجون، وغياب أدنى الحقوق الإنسانية والصحية والمعاملة السيئة التي تكثر الشكاوى حولها من دون تحرّك السلطات الرسمية.

وقالت منظمة العفو الدولية، في تقرير، اليوم الأربعاء، إنه “يتعيّن على السلطات اللبنانية أن تعطي الأولوية بصورة مُلحّة لصحة السجناء مع تضاعف عدد الوفيات في السجون التي تديرها وزارة الداخلية في عام 2022 مقارنة بعام 2018، وهو العام الذي سبق بداية الأزمة الاقتصادية الحادة المستمرّة”.

ورأت المنظمة أنّ على السلطات القضائية “إجراء تحقيقات سريعة ونزيهة وفعّالة في كافة حالات الوفاة في الحجز لتحديد مدى إسهام سوء تصرف موظفي السجن أو إهمالهم في حدوث هذه الوفيات، ومساءلة أي شخص يتبيّن أنه يتحمّل المسؤولية”.

كما طالبت المنظمة السلطات اللبنانية بـ”التحقيق في مدى ارتباط الزيادة الحادة في الوفيات بعوامل بنيوية، مثل الاكتظاظ، وقلة الموارد الوافية، والإفلات من العقاب على المعاملة السيئة وهي عوامل جميعها تفاقمت بفعل الأزمة الاقتصادية”، وفق تعبير المنظمة.

ونقل التقرير عن نائبة مديرة المكتب الإقليمي لمنظمة العفو الدولية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا آية مجذوب، قولها إنّ “الزيادة الحادة في الوفيات في الحجز يجب أن تكون جرس إنذار للحكومة اللبنانية بأنّ السجون اللبنانية بحاجة إلى إصلاح عاجل وهائل، وينبغي على الحكومة تخفيف الاكتظاظ في السجون، بما في ذلك من خلال استخدام التدابير غير السالبة للحرية كبدائل للحجز الاحتياطي وتخصيص موارد إضافية لضمان تلقّي السجناء رعاية صحية كافية وحصولهم الفوري على الرعاية الطبية الطارئة”.

ورأت مجذوب أنّ “الأزمة الاقتصادية ليست عذراً تسوّقه سلطات السجن من أجل حرمان السجناء من الحصول على الأدوية، أو إلقاء كلفة الاستشفاء على كاهل عائلات السجناء، أو تأخير نقل السجناء إلى المستشفيات، وينبغي على القضاء أن يجري تحقيقاً سريعاً ونزيهاً في كل حالات الوفاة في الحجز، ويجب معاملة أي تقصير وإهمال من جانب السلطات بما في ذلك بحسب مقتضى الحال من خلال مقاضاة المسؤولين عن ذلك”.

ولم تقدّم وزارة الداخلية أي تفسير لأسباب هذه الوفيات في الحجز، على حدّ تعبير مجذوب.

وأجرت “العفو” الدولية، بين سبتمبر/ أيلول 2022 وإبريل/ نيسان 2023، مقابلات مع 16 شخصاً، من ضمنهم سجناء وأفراد عائلات أشخاص توفوا في الحجز، واستعرضت عدة تقارير طبية، علاوة على صور ومقاطع فيديو التقطها أشخاص في السجن، وقد بعثت المنظمة برسائل إلى وزارتي الداخلية والصحة تضمنت أسئلة حول الوفيات في الحجز، فأرسلت كلتا الوزارتين رديهما اللذين أدرجا في التحقيق.

وفي حين ألقت السلطات باللوم عن تدهور صحة السجناء على الأزمة الاقتصادية في 3 حالات وفاة في الحجز على الأقل حدثت في 2022، أبلغت عائلات المتوفين المنظمة بأنّ موظفي السجن تجاهلوا شكاوى أولئك المحتجزين وأعراضهم قبل وفاتهم، ما أخّر تقديم العلاج لهم ونقلهم إلى المستشفيات وأدى إلى تدهور حالتهم الصحة.

وتوفي خليل طالب (34 عاماً) في سجن رومية المركزي في 21 أغسطس/آب 2022. وبحسب شقيقه، بدأت صحة خليل بالتدهور لدى وصوله إلى السجن، ومع أن عائلته قدمت المال اللازم لمعالجته، إلا أنها أبلغت المنظمة بأنّ المسؤول عن صيدلية السجن تجاهل آلامه وأنّ حراس السجن أخّروا نقله إلى المستشفى.

وقال شقيقه “لقد وصل ميتاً أصلاً أو فاقد الوعي إلى المستشفى… دخل خليل السجن، وبدلاً من أن يحظى بإعادة تأهيل، لقيَ حتفه”.

وتتجاوز السجون في لبنان طاقتها الاستيعابية بنسبة 323% ويقبع حوالي 80% من المحتجزين في الحجز الاحتياطي.

في المقابل، انخفضت القيمة الحقيقية لميزانية وزارة الداخلية المخصصة لتقديم الرعاية الصحية إلى السجناء من 7.3 ملايين دولار أميركي في عام 2019 إلى حوالي 628 ألف دولار أميركي في عام 2022، ونتيجة ذلك لا يوجد عدد كاف من الموظفين في السجون، وتفتقر صيدلياتها إلى الأدوية الأساسية مثل المسكنات والمضادات الحيوية.

ومنذ بداية الأزمة الاقتصادية تقاعست الحكومة عن تسديد فواتير المستشفيات المتعلقة بعلاج المحتجزين ما أدى إلى رفض العديد من المستشفيات قبول المرضى الوافدين من السجون أو اشتراط دفع مبلغ مالي مقدماً، حتى في الحالات التي تتطلب علاجاً طارئاً، ما يشكل انتهاكاً للقانون اللبناني.

وبحسب الأرقام التي أطلعت وزارة الداخلية منظمة العفو الدولية عليها فقد أدخل 846 محتجزاً إلى المستشفى في عام 2018، و107 فقط في عام 2022.

وفي لبنان، 25 سجناً، 22 من تلك السجون محلية، و3 سجون مركزية، وتشكو وزارة الداخلية من النقص في كميات الطعام والمواد الغذائية وتراجع نوعيتها، وحاجة المطابخ إلى إعادة تأهيل، كما النقص في مستلزمات النظافة الشخصية الأساسية إلى جانب مشكلات في مكافحة الحشرات، وتعلن دائماً الحاجة إلى خدمات ومعدات تنظيف، والحاجة الماسّة إلى أدوية الأمراض المزمنة، وتنطلق من أوضاع السجون لتطلب المساعدة من الجهات الدولية.