/ ستيفن أندرسون /
تعصف بالولايات المتحدة الأميركية، أزمة كبيرة متعلقة برفع سقف الدين، لكن وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، لا تزال تأمل في إمكانية الوصول إلى حل لمنع تعثر سداد الدين لأول مرة في تاريخ البلاد.
ونشر موقع “معهد ميسز” الأميركي تقريرًا تطرق فيه لتداعيات أي إفلاس محتمل للولايات المتحدة الأميركية في أعقاب أزمة “الدّين الفيدرالي” التي تعصف بها.
وقال الموقع إن “الدين الفيدرالي” الحالي للولايات المتحدة يبلغ 31.7 تريليون دولار وفقًا لموقع الويب “US Debt Clock”، بما يعادل حوالي 94,726 دولارًا لكل رجل وامرأة وطفل من المواطنين، حتى 24 نيسان/ أبريل 2023.
وذكر تقرير صادر عن فرع الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس في 6 آذار/ مارس 2023، رقمًا مشابهًا لإجمالي “الدين الفيدرالي” المعروف بحوالي 31.4 تريليون دولار اعتبارًا من 31 كانون الأول/ ديسمبر 2022، ما يعني أن حجم الدين الفيدرالي ضخم ولا يمكن أبدًا سداده في شكله الحالي.
لجأت بعض العائلات أو الشركات التي لديها ديون مالية لا يمكن سدادها، عندما تكون هناك تعديلات مثل خفض النفقات وزيادة الدخل، إلى إعادة التفاوض بشأن سداد الديون للمقرضين وبيع الأصول لجمع الأموال لسداد القروض، لكن ذلك لم يكن كافيًا. وفي الواقع، فإنهم ما زالوا غير قادرين على سداد الديون المستحقة للمقرضين، وهذا يؤدّى إلى رفع دعوى الإفلاس بموجب قوانين الإفلاس الفيدرالية التي تشرف عليها محكمة إفلاس فيدرالية.
الفصل 7 من “قانون الإفلاس”، المعروف أيضا باسم “الإفلاس المباشر أو التصفية”، هو إجراء تصفية متاح للمستهلكين والشركات، حيث يتم من خلاله تحصيل أصول المدين غير المعفاة من الدائنين وتصفيتها (يتم تحويلها إلى أموال)، ويتم توزيع العائدات على الدائنين. ويتلقّى المدين المستهلك إبراء ذمة كاملة من الديون بموجب الفصل 7، باستثناء بعض الديون التي يُحظر فيها إبراء الذمة بموجب قانون الإفلاس.
في المقابل، يتيح الفصل 11 من “قانون الإفلاس” إجراءً يمكن من خلاله للفرد أو الشركة إعادة تنظيم الديون مع الاستمرار في العمل. يتم رفع الغالبية العظمى من قضايا الفصل 11 من قبل الشركات، حيث ينشئ المدين – غالبًا بمشاركة الدائنين – خطة لإعادة التنظيم يتم بموجبها سداد جزء من الديون أو كلها.
ووفقًا لاجتهادات في المحاكم في بعض الولايات الأميركية في عدد من قضايا الإفلاس، فإن الغرض من “الفصل 9” هو توفير حماية البلدية التي تعاني من ضائقة مالية من دائنيها أثناء قيامها بوضع خطة لتسوية ديونها والتفاوض بشأنها. وعادة ما يتم إعادة تنظيم ديون البلدية إما عن طريق تمديد آجال استحقاق الديون أو تقليل مبلغ رأس المال أو الفائدة، أو إعادة تمويل الدين من خلال الحصول على قرض جديد.
وعلى الرغم من تشابهه مع الفصول الأخرى في بعض النواحي، إلا أن “الفصل 9” يختلف اختلافًا كبيرًا من حيث أنه لا يوجد نص في القانون لتصفية أصول البلدية وتوزيع العائدات على الدائنين.
وقد أدى إفلاس مقاطعتين ومدينة رئيسية وإقليم سيادي، إلى عدم سداد حملة السندات بالكامل للخسائر المالية، فضلًا عن الإصلاحات التي تم إجراؤها في كل كيان حكومي. كل من هؤلاء خرج من الإفلاس، وهو متواضع وأكثر قدرة على إدارة شؤونه المالية.
وأفضل حل تقدمه الحكومة الفيدرالية لحملة السندات ودافعي الضرائب والأطراف المعنية الأخرى هو التخلف عن السداد وإعلان الإفلاس السيادي وإجراء التغييرات المطلوبة لترتيب الأعمال المالية. ويفترض في هذه الحالة “الفشل في الوفاء بالالتزامات المالية أو المحاسبة بشكل صحيح.
إن حالات التخلف عن سداد الديون الحكومية السيادية ليست جديدة، فقد حدثت مع الأرجنتين في سنوات 1989 و2001 و2014 و2020، وأيضًا في كوريا الجنوبية وإندونيسيا وتايلاند في سنة 1997 فيما يعرف باسم “الأنفلونزا الآسيوية”، ثم اليونان في سنة 2009 وكذلك روسيا سنة 1998.
تؤدي بعض نتائج هذا التخلف عن السداد إلى خفض تصنيفات سندات الديون الحكومية السيادية من قبل وكالات التصنيف الخاصة، وفقدان حاملي السندات القيمة على ممتلكاتهم، وإعادة التفاوض على مدفوعات الديون مع مقرضي البنوك، وحصول العديد من البلدان على قروض مع خطة سداد من صندوق النقد الدولي، بالإضافة إلى الإصلاحات المطلوبة لبرامج استحقاق الدول ورفع عدد من الضرائب الحكومية، مما يسبب فقدان عملتها القيمة في تبادل العملات ويصبح تضخم الأسعار أكثر واقعية للمواطنين، وأسعار فائدة أعلى يتم تقديمها على عروض سندات الدين الحكومية المستقبلية.
قلّة قليلة من الأشخاص فقط في عالم المال يتحدثون عن نتائج التخلف عن سداد ديون الحكومة الفيدرالية الأميركية. وكانت إحدى نتائج التخلف عن السداد في سنة 2011 هي خفض “ستاندرد آند بورز” تصنيف السندات الفيدرالية AAA إلى AA +. فما هي المنظمة التي ستشرف على تنفيذ التخلف عن سداد ديون الحكومة الفيدرالية الأميركية، وما هو التفويض الذي سيتم منحهم للتعامل مع الوضع؟ لم يتم تقديم أي اقتراحات حتى الآن لأن الولايات المتحدة استخدمت الديون كـ”عقارها” المفضل للجرعة الزائدة على الواقع المالي.
ستكون بعض النتائج عبارة عن تخفيض تصنيف السندات الفيدرالية من قبل وكالات تصنيف السندات الخاصة الثلاث، حيث لا يمكن تجاهل حقيقة أسعار الفائدة المرتفعة المقدمة على الديون الفيدرالية الصادرة حديثًا. وسوف تتطلب وقائع القانون الاقتصادي إجراء تخفيضات في إنفاق الحكومة الفيدرالية بشكل ما، التي تشمل تخفيض عدد الموظفين الفيدراليين، وإلغاء الوكالات الفيدرالية، وخفض الميزانيات العسكرية وإصلاحها، وبيع ممتلكات الحكومة الفيدرالية، وتفويض البرامج الفيدرالية للولايات، وإصلاح برامج الاستحقاق الفيدرالية للمساعدات الطبية للفقراء ومساعدة كبار السن والضمان الاجتماعي. وسترتفع إيرادات ضرائب الحكومة الفيدرالية لتسديد الدين المعروف مع الفائدة كنسبة مئوية من الميزانية الفيدرالية المستقبلية لكل عام.
ويتمثّل أحد التأثيرات الحقيقية للتخلف عن سداد ديون الحكومة الفيدرالية، أن الدولار الأميركي لن يعود عملة الاحتياطي العالمي، مع عودة الدولار في العديد من البنوك الاحتياطية الوطنية إلى الولايات المتحدة. وسيكون الاحتفاظ بالدولار حينها بمثابة حمل بطاطا ساخنة. الدول التي تمتلك أوراق دين فيدرالية – مثل الصين (859 مليار دولار)، وبريطانيا العظمى (668 مليار دولار)، واليابان (1.11 تريليون دولار)، ودول أخرى اعتبارًا من أرقام كانون الثاني/يناير 2023 التي نشرتها وزارة الخزانة الأميركية – بالإضافة إلى العديد من الصناديق المشتركة وغيرها، ستنخفض قيمة ممتلكاتها مما يؤدي إلى بيع أوراقها بحجم لا يمكن تخيله، وسيتأثر العديد من أصحاب الصناديق المشتركة مثل المتقاعدين وأنظمة التقاعد في المدن والولايات.
ومع ذلك، فإن المدن والمقاطعات والأقاليم السيادية تختلف عن الأفراد والعائلات والشركات الخاصة في الخروج من الإفلاس الفيدرالي، وما ستكون عليه نتيجة التخلف عن سداد الدين الفيدرالي الحكومي غير معروفة، رغم أننا يمكن أن نستخلص ذلك من واقعنا.