جاء في “النهار”: حتى المعلومات القليلة التي تسرّبت من باريس في السّاعات الماضية لم تكن كافية لتبديد ملامح التخبّط الحاصل في الأجواء التي تواكب التحرّك الفرنسي المتجدّد على خطّ أزمة الاستحقاق الرّئاسي في لبنان وفي ظلّ استقبال أحد المستشارين الرئاسيّين الفرنسيّين لمرشّح الثنائي الشيعي رئيس تيار المردة سليمان فرنجيّة الجمعة الماضي في باريس. إذ انه وسط طغيان الأجواء السلبية حيال فرص ترشيح فرنجيّة لم يكن منتظراً أن تقرّ باريس مبكراً بإخفاقها في فتح المسالك أمامه لبلوغ قصر بعبدا لأنّ ذلك سيعني حتماً الإقرار بإخفاق متجدّد للدور الذي تتطوّع له باريس في هذا الاستحقاق المصيري اللّبناني. ولذا ظلّت باريس تتحدّث في إطار يوحي باستكمال مساعيها لتسويق فرنجيّة في حين برزت في الدّاخل مواقف قياديّة وسياسيّة على جانبي معادلة الصّراع الرئاسي والسياسي تثبت أنّ الأمور لا تزال في عز تأزمها كما تترك ايحاءات إضافية حيال التراجع الكبير لفرص بقاء اسم فرنجية في الإمكانات الجدية المتاحة. أبرز هذه المواقف كانت لرئيس حزب “القوّات اللّبنانية” سمير جعجع الذي بدا جازماً وقاطعاً في التعهد بمنع وصول أيّ مرشح لمحور الممانعة إلى قصر بعبدا في حين برز في المقابل كلام لـ”حزب الله” عبر النائب محمد رعد يوحي للمرّة الأولى بوضع فيتو على من وصفه “مرشح الخلفية الاقتصادية” من دون أن يسمّيه.
وقبل تناول هذه المواقف البارزة التي أضفت مزيداً من السخونة على تحرّك الملف الرئاسي يبدو لافتاً ما نقلته مراسلة “النهار” في باريس رندة تقي الدين أمس عن مصدر فرنسي رفيع من أنّ المستشار الرئاسي الفرنسي الديبلوماسي المستشرق باتريك دوريل الذي استقبل الجمعة رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية والوزير السابق روني عريجي حصل على بعض الضمانات المطلوبة فرنسيّاً ليعرضها على الجانب السعودي. وساد الكتمان الجهتَين الفرنسيّة واللبنانيّة حرصاً على المحادثات مع الجانب السعودي. ولكن الجانب الفرنسي أكّد لـ”النهار” أنّ المعلومات التي نُشِرت عن دعوة فرنجية من الرئاسة الفرنسية لكي تقول له أن ينسحب خاطئة وأنّ باريس تعمل على خط إنجاح هذه الصيغة.
من جهته، أعطى فرنجية لدوريل ضمانات حول عدم تعطيل عمل الحكومة الإصلاحية، معرباً عن رغبته بإنقاذ البلد من أزمته الاقتصادية مع التأكيد أنّه يُريد أفضل العلاقات مع السعودية.
وقال المصدر الفرنسي الرفيع لـ”النهار” إنّ باريس مستمرّة على العمل بالاتّجاه نفسه، أيّ ضرورة ملحّة لإجراء الإصلاحات في لبنان مع رئيس حكومة إصلاحي ينفّذها، ورئيس مقبول من الأطراف اللبنانية الأساسية التي تلتزم بعدم تعطيل العمل الإصلاحي للحكومة الجديدة.
في المقابل، بدا لافتاً غداة بروز الإخفاق الذي يواجهه واقع مرشّح “الثنائي الشّيعي” فرنجيّة أنّ النائب محمد رعد لفت إلى أنّ “هناك خبراً نُشر في إحدى الصّحف ولم يتطرّق له البعض وهو أن الإدارة الأميركية غيّرت وجهة نظرها تجاه مرشّح الرّئاسة في لبنان وهي لا تُفكّر بشخصيات ممن اعتاد عليها الجمهور اللّبناني بل تفكّر بشخصيّة لها خلفية إقتصادية”.
وسأل رعد: “ماذا يعني لديه خلفيّة إقتصادية؟ يعني أنّ البنك الدولي يستطيع أن يتفاهم معه، كما صندوق النّقد الدّولي، لمصلحة التّعليمات والتّوجيهات والسياسات التي يرسمها النافذون الإستكباريّون للعالم من خلال هذه المؤسّسات الإقتصاديّة الدولية”.
ولفت إلى أنّه “تحت عنوان التّواصل مع صندوق النّقد الدولي قُلنا بأنّ 3 مليارات لن تنفع البلد، فلا “تتعبوا قلبكم” ، ويجيبون بكلّ ثقة المسألة ليست مسألة مليارات بل هي فتح أبواب الدول من أجل مساعدتكم، وعليه يجب أن تركَنوا لسياسات تلك الدول من أجل أن نوفّر لكم المساعدات دائماً”.