/ مرسال الترس /
“لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين”، من منطلق أنه يتعظ بالتجارب، ويتنبه للأخطاء فلا يكررها.
أما الصرح البطريركي الماروني في بكركي، فيبدو أن “اللسعة” الأولى التي تلقاها، في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، حين اقتنع البطريرك نصر الله صفير من مستشاريه بأن يقترح ثلاثة أسماء لرئاسة الجمهورية، ما لبثت أن تبخرت بين الداخل والخارج من دون أن يؤخذ بصفاء نوايا المرجع الروحي.
بعد ثلاثة عقود، يعيد التاريخ البطريركي ـ الرئاسي نفسه. فمن حرص البطريرك بشارة الراعي على الدور المسيحي، وعلى أبناء الطائفة المتناحرين إلى حد الصراعات حول كرسي تمثلهم ولم يتبقَ من صلاحياتها إلاّ الفتات، يسعى لأن يجد المخرج المناسب لتقاربهم، وهو لم يوفَّق بأي مخرج مناسب، فأوكل إلى راعي أبرشية صربا المارونية المطران أنطوان أبي نجم أن يجدد السعي، علّه يحظى بشرف الوصول إلى نتيجة.
شدّ أبي نجم الرحال، متكئاً إلى حالٍ “ثورجية” متأصلة، وإلى عصا الرعاية التي ورثها من سلفه المطران يوسف بشارة الذي كان صنواً لتجمع “قرنة شهوان” لسنوات، مقتنعاً “أن مسؤوليات جسام ستلقى على عاتقه”.
جال على القيادات المارونية المتناكفة، منهم من تلقفه بالأحضان ومنهم من عامله بجفاء، مقترحاً عليهم استنساب أسماء لتكوين لائحة تكون قاسماً مشتركاً بينهم، ليجد نفسه حاملاً لائحة تضم عشرة أسماء، هم: سليمان فرنجية، ميشال معوض، جهاد أزعور، نعمة إفرام، جوزاف عون، زياد بارود، صلاح حنين، إبراهيم كنعان، روجيه ديب، جورج خوري.
ولأن بعض الأسماء أثارت حساسية لدى بعض الأطراف، أضيفت إلى اللائحة ستة أسماء أخرى هي: شبلي الملاط، ناجي البستاني، ألان عون، نجاة صليبا، ترايسي شمعون، كريم بيطار.
وعلى خلفية أن الصلاة قد تفتح ذهن النواب على الاختيار الصحيح، دعت بكركي النواب المسيحيين الـ64 للقاء في مقر “بيت عنيا” في حريصا، في 5 نيسان المقبل، المصادف “يوم أربعاء أيوب” الذي اشتهر بالصبر، علّهم يتوصلون إلى تفاهم مسيحي ـ مسيحي، على سلة محدودة، يكون منطلقاً لانتخاب رئيس للجمهورية كمفتاح للحلول.
لكن بعض المراجع بدأت تشكك بجدوى مثل هذه الخطوة، استناداً إلى المثل القائل “لو بدها تشتي في بيت عنيا كانت غيّمت في بكركي”.
وبالتالي، هناك تقاطع كبير بين العديد من المراقبين، على أن ما يحصل لا يعدو كونه “جمهرة” فقط من دون مردود إيجابي، لأن الأفكار المتنافرة أكبر من أية خيوط مرشحة للجمع.
صحيح أنها ليست الأولى من حيث جمع المتناحرين، ولكن عسى أن لا تكون الأسوأ، حيث سيتضاعف التشرذم والتفكك حتى يحلّ على اللبنانيين “طائف” أو “دوحة” أو أية تسمية جديدة!