كهف كل من يدخله يموت.. ما قصة “بوابة الجحيم”؟

قبل آلاف السنين توافد العديد من الناس على كهف قديم لمعبد روماني في هيرابوليس الموجودة حالياً في منطقة باموكالي بـ”تركيا”، هذا الكهف عُرف على مدار قرون ببوابة العالم السفلي أو بوابة الجحيم، بسبب العديد من القصص التي تسبب بها.

على مدار سنين، تسبب الكهف في وفاة العديد من الحيوانات والطيور التي تتساقط ميتة عند مدخل الكهف باستثناء كهنة المعبد الذين كانوا يقودون تلك الحيوانات إلى فتحة الكهف، سُمي بكهف بـ “بلوتونيوم” نسبة إلى بلوتو، إله العالم السفلي في المعتقدات الرومانية.

وأشارت قناة “CNN” الأميركية إلى ان المؤلف الروماني والمؤرخ الطبيعي “بليني الأكبر” وصف هذه الظاهرة بأنها “مجاري شارون” المركب الأسطوري الذي جذب النفوس عبر نهري Styx و Acheron وفي أعماق العالم السفلي.

وقد تأسّست المدينة حوالي 190 قبل الميلاد، كما اشتهرت بالبلوتونيوم وكذلك بينابيعها الحارة التي لا تزال تجتذب آلاف السائحين حتى يومنا هذا إذ تشتهر بغسم باموكالي.

ووصف الجغرافي اليوناني عاش من سنة 64 قبل الميلاد إلى حوالي 21 بعد الميلاد يدعى “سترابو”، مشهد الكهف قائلاً: “أيُّ حيوان يمر بالداخل يواجه الموت الفوري، على أي حال، فإن الثيران الذين تم اقتيادهم إليها يسقطون ويتم جرهم ميتين، وألقيت في العصافير وعلى الفور تنفسوا أخيرهم وسقطوا”.

وقد أدرك سترابو أن رد الفعل هذا مرتبط بانبعاث الغاز، إذ قال: “الفضاء مملوء ببخار ضبابي وكثيف لدرجة أن المرء بالكاد يستطيع رؤية الأرض”، لكن السؤال الأصعب هو أنه يؤثر فقط على الحيوانات ولكن ليس الكهنة، متسائلاً عما إذا كان كان بسبب عنايتهم الإلهية أو لمجرد أنهم حبسوا أنفاسهم.

الى ذلك وحسب موقع “time” الأميركى تمكّن العلماء من سنة 2013 من كشف سر كهف بوابة الجحيم في تركيا، إذ تعود أسباب نفوق أعداد كبيرة من الحيوانات إلى ارتفاع نسبة ثنائي أكسيد الكربون في الهواء داخل الكهف؛ إذ يصل إلى 53% في مدخل الكهف أما بالداخل فقد تتجاوز 91% وهي نسبة كافية لقتل أي كائن حي.

وبحسب العلماء، تصل قدرة الثدييات بمن فيها البشر على استنشاق هذا الهواء إلى 5% فقط فيما تؤدي الإقامة لمدة أطول بنسبة 7٪ وأكثر إلى التعرق والدوخة وعدم انتظام دقات القلب، أما في حال زادت النسب عن ذلك فقد تسبب الاختناق بسبب نقص الأوكسجين وبسبب تحمض الدم والجسم أو خلايا المخ.

لذلك لا عجب أن الحيوانات التي دخلت الكهف وصلت إلى نهايتها بسرعة، خلال فترة البحث وحدها، يقول العلماء -حسب نفس المصدر- إنهم عثروا على العديد من الطيور النافقة والفئران وأكثر من 70 خنفساء ميتة.

الى ذلك فانه لطالما شغل بال العلماء كيف استطاع الكهنة الصمود أمام الارتفاع المهول لغاز ثنائي أكسيد الكربون أثناء تقديم القرابين، فخلال آخر الدراسات التي أجريت على الكهف سنة 2018 تبين أنه بحكم ثقل وزن ثنائي أكسيد الكربون فهو يرتكز في الأسفل أكثر مما هو في الأعلى.

ولهذا طول الإنسان البالغ الذي يتجاوز قليلاً طول بعض الحيوانات يجعله أعلى بقليل من النسبة المميتة من الغاز، بالإضافة إلى أن هناك فرضيات تقول إن الكهنة كانوا على علم بوجود غاز سام بالكهف ما كان يدفعهم إلى كتم أنفاسهم خلال تقديم القرابين.

ويوجد الكهف في منطقة سياحية داخل تركيا، إذ وجد بجانبه مسرح روماني قديم بالإضافة إلى العديد من ينابيع المياه الحارة التي لا يزال الزوار يتوافدون إليها من مختلف أنحاء العالم إلى يومنا الحالي.