/ مرسال الترس /
في المفهوم العام يُقال “التاريخ يكرّر نفسه”، فهل سيعيد هذا التاريخ نفسه في الانتخابات الرئاسية في لبنان، بعد خمسة عقود ونيّف؟.
في خريف العام 1969، سعت استخبارات الاتحاد السوفياتي إلى خطف طائرة ميراج فرنسية الصنع من مجموعة يملكها لبنان عبر أحد الضباط الذي فضح الخطة، وجرى تسهيل خروج العميلين الروسيين من لبنان بعد ضغوط سوفياتية وعربية.
ولأن أهل الكرملين لمسوا ان المخابرات اللبنانية (المكتب الثاني) كانت أقرب إلى الأميركيين، فقد تمنوا على زعيم “الحزب التقدمي الاشتراكي” كمال جنبلاط بأن لا يسهّل انتخاب المرشح الشهابي الياس سركيس في الانتخابات الرئاسية في صيف العام 1970.
تجاوب جنبلاط جزئياً، وعمد إلى توزيع أصوات نواب حزبه، الأمر الذي ساهم في فوز مرشح الوسط سليمان قبلان فرنجية بالرئاسة، بفارق صوت واحد عن سركيس.
بذلك ربط المراقبون بين “حادثة” الميراج وخروج الشهابيين من قصر الرئاسة في لبنان، بعد إثنتي عشرة سنة من الحكم عبر الرئيسين فؤاد شهاب وشارل حلو.
أما في انتخابات العام 2022، التي امتدت ذيولها إلى العام الحالي، بسبب الجلسات النيابية غير المنتجة، فيردد المتابعون للاتصالات والتجاذبات الجارية حول الرئيس الرابع عشر للجمهورية اللبنانية منذ الاستقلال، أن رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب تيمور جنبلاط بدأ بالتمايز عن والده رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، الأمر الذي يوحي وكأنهما يوزعان الأدوار إزاء المرشحين المطروحين أكثر من سواهما على بساط التنافس، وهما رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزاف عون، بحيث يخرج “الجنبلاطيون” بـ “حمّص من المولدين”، مهما تقلبت الظروف وتنوعت التحديات.
وفي هذا السياق، يرى المراقبون أن “حبل السرّة” لم ينقطع بين المختارة وموسكو، على الرغم من المتغيّرات الجذرية التي حصلت مع انهيار الاتحاد السوفياتي قبل ثلاثة عقود، يقول المسؤولون الروس في التصريحات العلنية أنهم لا يتدخلون في الشأن اللبناني، وحصراً في ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية، ولكنهم لا يتسترون على الصداقة التي تربطهم بفرنجية، والتي تُرجمت في التواصل المباشر أو غير المباشر بين الطرفين في غير لقاء أو زيارة، ويرون فيه أن لديه القدرة على القيام بأية مهمة توكل إليه على أكمل وجه، نظراً لعلاقاته المتينة مع كل الأطراف، داخلياً وعربياً.
في المقابل، يدرك فيه القاصي والداني كيف أن الولايات المتحدة الأميركية تربط بنفسها فقط بالعماد عون من خلال حجم الدعم للجيش اللبناني، في حين يرتفع فيه منسوب شد الحبال بين موسكو وواشنطن على الأرض الأوكرانية.
فهل سينتظر الجنبلاطيون والروس “حادثة” على مستوى الميراج؟ أم يكتفون بتفعيل الاتصالات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ليكون تدخلهم ذو فعالية في الاستحقاق الرئاسي؟.