الدولار

“صيرفة” في شهرها الأخير؟

/ خلود شحادة /

“سلامة ليس منفرداً”…
ربما بات على الشعب أن يدرك هذه المعادلة، أنه لا يمكن لشخص واحد، مهما امتلك من نفوذ وقوة، أن يتحكم برقاب البلاد والعباد بهذه الطريقة.

رياض سلامة، ومن أتى به، ودعمه، وجدّد له، ودافع عنه، وأمّن له الحماية، والمظلّة، والرعاية، يتفننون بأساليب سحق اللبنانيين. كأن هؤلاء “جراد” هذه الوطن الذي يريد أن يحرم الناس من آخر مورد يرجعون إليه في حالة الفقر والجوع، ليعودوا بنا الى التاريخ من أضيق أبوابه.

بعد فترة طويلة من حيلة “صيرفة”، التي ادّعى المعنيون أنها “هندسة مالية” ستخفف عن المواطنين وطأة الأزمة، بدأ سلامة بـ “تكتيكاته”، ليسحب البساط شيئاً فشيئاً، حتى يسقط اللبناني رويداً رويداً، ولا يشعر بقوة الارتطام.

بدأت التكتيكات برفع سعر الصرف على منصة “صيرفة” عند كل قفزة لدولار السوق السوداء، وبدل أن تفرض الدولة سيطرتها على السوق الموازية، استطاعت الأخيرة أن تكون هي السلطة الأولى، ليكون المصرف المركزي راضخاً لما يقرره الصرافون، الذين ليسوا بعيدين أصلاً عن ظلّ رياض سلامة.

إما “دولار فريش” وإما لا بنزين، ليقع اللبناني مرة جديدة، بين خيارين كلاهما يؤديان إلى الموت، ولكن الطريقة تختلف. اختار سلامة أن يريح الشعب من أزمة الطوابير عبر توقف دعم منصة “صيرفة” للمحروقات، مشعلاً بذلك أسعار البنزين والمازوت والغاز.
مرة أخرى، لا تخافوا، الاتصالات والكهرباء حسب منصة “صيرفة” لنخفف عنكم الأعباء، واذ بدولار “صيرفة” يصل إلى 42 ألفاً، فيما رواتب “المرتاحين” من الناس لا تتخطى الـ200 دولار أميركي.

خدّر “المركزي” الناس، بعمليات السحب عبر منصة “صيرفة”، ليعيشهم وهم الرواتب المحسّنة التي تعوّض لهم جزءاً من غلاء المعيشة.

بعدها، وضع مصرف لبنان سقفاً للسحوبات، لتعلن المصارف أن لا علاقة لها بتوقف سحب الرواتب على منصّة “صيرفة”، بل إنها تزوّد المواطنين بما يعطيها إياه البنك المركزي من دولارات، وإن لم يفعل فهي غير قادرة على تلبية السحوبات إلا بالليرة اللبنانية فقط، وبالتالي أوقفت عمليات السحب عبر منصة “صيرفة” لكل موظفي القطاع الخاص.

ولإخفاء معالم “الجريمة الجماعية”، أعلن مصرف لبنان، الحريص على مصلحة موظفي القطاع العام، أنه بإمكان موظفي هذا القطاع قبض رواتبهم لشهر شباط عبر المنصة، تعويضاً عن تأخير الرواتب الذي حصل. وفي قراءة لما بين السطور، يبدو أنه حتى القطاع العام، لن يستفيد ابتداءً من شهر آذار، من “صيرفة”.

يبدو أن القرار حُسم، ومنصة صيرفة سيتم حصرها بقطاعي الاتصالات والكهرباء، وبفارق بسيط عن سعر الصرف في السوق السوداء الذي على ما يبدو أصبح أدنى متسوياته عند الـ60 ألفاً، وهذا ما ينذر اللبنانيين بفواتير “عاصفة”، نهاية الشهر، مع عودة التيار الكهربائي لساعات معدودة لا تغني عن المولدات، و”دكة محرزة” لفواتير الاتصالات والانترنت.