أجرى فريق بحثي من جامعة كورنيل دراسة من أجل معرفة تأثير الزحام، لكونه تجربة غير محببة على شعور الإنسان بالوقت.
وحسب تقرير لوكالة الأنباء الألمانية، يختلف شعور الإنسان بالوقت باختلاف التجربة الحياتية أو الاجتماعية التي يمر بها، إذ يشعر المرء أن الوقت ينقضي سريعًا في حال خوض تجربة إيجابية أو مبهجة، بينما يشعر أن الوقت يمر بطيئًا أثناء القيام بعمل غير محبب أو ثقيل على النفس.
وأجرى الفريق الدراسة باستخدام محاكيات تعمل بتقنيات الواقع الافتراضي لقياس طريقة الشعور بمرور الوقت أثناء الركوب في وسائل المواصلات العامة المكتظة بالركاب، وعلى وجه التحديد عربة مترو أنفاق في مدينة نيويورك.
وشارك أكثر من 40 متطوعا من خلال القيام بخمس رحلات افتراضية على متن قطار الأنفاق لفترات تتباين ما بين 60 و70 و80 ثانية، مع تعديل درجة الزحام المحيطة بالمتطوع في كل مرة.
ويقول سو يون الباحث بكلية العلوم البيئية الإنسانية في كورنيل إن المتطوع يرتدي أجهزة استشعار لقياس نبضات القلب ونظارات للرؤية الافتراضية، كي يشعر أنه بالفعل على متن قطار أنفاق، ولدى بدء التجربة، تدوي من ميكروفونات خاصة داخل المختبر عبارة “برجاء الابتعاد عن الأبواب لدى إغلاقها” ثم يتعالى صوت رتاج باب القطار وهو ينغلق، ثم ينبعث صوت قطار أنفاق وهو يتسارع، وتنتهي الرحلة أو التجربة عندما يصدر صوت توقف القطار ويدق الجرس مجددًا إيذانًا بفتح أبواب العربة.
وفي كل مرحلة من مراحل التجربة، كان يتم زيادة شخص إضافي في محيط متر مربع حول المتطوع، بحيث يتراوح عدد الركاب الافتراضيين في نهاية المطاف ما بين 35 و175 شخصًا، وكانت تقنية الواقع الافتراضي المطبقة في التجربة تسمح للمتطوعين بمشاهدة ركاب افتراضيين يجلسون ويتحركون ويستخدمون الهاتف المحمول أو يطالعون كتبًا أثناء زمن التجربة.
وبعد نهاية كل رحلة، كان الباحثون يطلبون من كل متطوع أن يجيب عن أسئلة لتحديد ما إذا كانت تلك التجربة ممتعة أم لا على مقياس من واحد إلى سبعة؟ وأن يطلب منهم أن يحددوا بدقة، قدر استطاعتهم، الزمن الذي استغرقته تلك الرحلة.
وتوصل الباحثون إلى أن ركوب قطار أنفاق “افتراضي” مكتظ بالركاب جعل الوقت يمر ببطء بالنسبة للمتطوعين المشاركين في التجربة، وهو ما يعني أن الوقت الذي ينقضي أثناء ركوب وسائل المواصلات العامة في أوقات الذروة يبدو أطول، مقارنة بالوقت نفسه الذي ينقضي أثناء القيام برحلة مماثلة داخل وسيلة مواصلات غير مكتظة.
وتثبت هذه الدراسة، التي نشرتها الدورية العلمية “فيرتوال رياليتي”، أن السياق الاجتماعي أو المشاعر الداخلية تشوش على شعورنا بانقضاء الوقت، وربما تؤثر في رغبة الشخص واستعداده لاستخدام وسائل المواصلات العامة لا سيما بعد انتهاء جائحة كورونا.
وقال رئيس فريق الدراسة سعدي صديقي الحاصل على الدكتوراه في أبحاث علم النفس إن هذا البحث “يفتح مجالًا جديدًا للتفكير بشأن التزاحم الاجتماعي، ويكشف أنه يؤثر في إدراكنا للوقت”.