إنجازات من ورق.. لا تشعل “شمعة” في “العتمة”!

/ سكينة السمرة /

تستمر العتمة سيدة في الكهرباء، فيما المعركة محتدمة داخل الحكومة وخارجها على تمويل استيراد الفيول. لكن بواخر الفيول جاثمة في البحر وعدّاد وقوفها ليس مجانياً. كلفة الـ”باركينغ” باهظة جداً، والدولة ستدفعها بالدولار “الفريش” طبعاً الذي تأخذه من السوق السوداء أو من “صيرفة”، لتزيد من الخسائر التي يدفعها اللبنانيون، سواء كانت غرامة تأخير دفع ثمن الفيول، أو نتيجة العتمة الشاملة التي تشجّع أصحاب المولّدات على مزيد من التوحّش في فرض أسعارهم على المواطنين، بينما الدولة إما عاجزة عن فرض هيبتها، أو أنها شريكة لأصحاب المولّدات.

مع ذلك، تستعرض الدولة “إنجازات” من ورق، وكأنها تعتقد أن المطار هو لطيران من ورق!

إفتتاح مبنى ضخم لإدارة طيران الشرق الأوسط في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، يرعاه ويشارك فيه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وإلى جانبه وزير الأشغال والنقل علي حمية ورئيس مجلس إدارة شركة “ميدل إيست” محمد الحوت التي يملكها مصرف لبنان، لكن المطار يغرق في العتمة ويفتقر النظافة، ويحتاج إلى ورشة تأهيل تكلّف ربما أقل من كلفة بناء المبنى الجديد الذي دشّنه رئيس الحكومة!

إحتفال، وعجقة، وضجيج… وكأن المحتفلين يبحثون عن إنجاز كي يسمعوا تصفيقاً، بينما كان الدولار “يلعلع” في السوق السوداء، وأسعار المحروقات تقفز لتحرق جيوب اللبنانيين.

لكأن ما يحصل في المبنى الجديد هو “خارج الزمن والجغرافيا والواقع”.

ربما لو كان الوضع طبيعياً، لكان هذا المبنى إضافة جديدة مطلوبة. لكن، أن يأتي هذا الاحتفال في ظل ما يعيشه اللبنانيون من أزمات، وفي ظل الواقع المالي الذي يخنق البلد والناس، فإن هذا الاحتفال هو ترف.

إذا كانت الحكومة تبحث عن تصفيق، فإنه يمكنها الإفراج عن أموال الفيول، ويمكنها تخفيف الأعباء الضريبية التي تفرضها على اللبنانيين وكأن الدنيا بألف خير.

احتفال المطار يشكّل تحدّياً، ليس لفلسفة “اللبناني الفينيقي الذي ينهض من تحت الرماد”، وإنما يشكل تحدياً للبنانيين الذين يدفعون ثمن كهرباء لا يحصلون عليها، وثمن مياه لا تصلهم، ورسوم طرقات أصابت وعورتها سيارات اللبنانيين بالعطب، وكلفة معيشة تسبب مجاعة، وتكاليف طبابة واستشفاء تسدّ الشرايين!