في جلسة مجلس النواب التاسعة المخصصة لإنتخاب رئيس للجمهورية وضع الرئيس نبيه بري الجميع أمام مسؤولياته الوطنية بتجديد دعوته إلى الحوار حول الإستحقاق الرئاسي على أمل الخروج من حال الإستعصاء والمراوحة.
في تلك الجلسة لمّح الرئيس بري على مسمع ومرأى النواب قبل الخروج من قاعة الهيئة العامة إلى إمكان تحويل الجلسة المضروب لها موعدٌ الخميس المقبل إلى جلسة حوارية إذا تلقفت الكتل مبادرته إيجاباً.
أما الآن وحتى اليومين المقبلين فإن رئيس المجلس ينتظر إكتمال عقد ردود الكتل على العرض ليبني على الشيء مقتضاه فيتبلور شكل الحوار وآليته ومحاوره.
الإستحقاق الرئاسي حضر – كما كلَّ يوم أحد – في عظة البطريرك الماروني الذي عرّج على الجلسة الأخيرة لحكومة تصريف الأعمال داعياً إياها إلى التأني في إستعمال الصلاحيات.
وعلى مَبْعَدَةِ أيام مضت من تحوّل بكركي إلى محجة لبعض القوى والأحزاب السياسية التي تحاول تأمين رعايةٍ بطريركيةٍ لحوارٍ مسيحي – مسيحي قالها البطريرك بشارة الراعي صريحة: البطريركية المارونية لا تتورط في الصراعات بين السياسيين والأحزاب ولا تنحاز إلا إلى الحق الوطني.
أبعد من لبنان كانت تسترعي إنتباه المراقبين الحفاوة السعودية التي أحيط بها الرئيس نجيب ميقاتي خلال زيارته المملكة التي تُوجت بلقاء مع ولي العهد محمد بن سلمان.
وقد أكد ولي العهد خلال الإجتماع حرص المملكة على امن لبنان وإستقراره وعلى إستمرار الدعم الإنساني الذي تقدمه السعودية وفرنسا إلى الشعب اللبناني.
في اسبوع الجلسة الرئاسية العاشرة المحددة الخميس، ليس في الافق ما يشي بخرقٍ قريب لجدار الازمة، علماً ان الانظار موزعة بين خطين:
الاول محلي، لرصد اي تحول مفاجئ يعيد خلط الاوراق ويقلب الموازين، على غرار اعلان تيار المستقبل تأييد العماد ميشال سليمان في مرحلة 2007-2008، بعدما كان يعتبره رمزا من رموز النظام الامني اللبناني-السوري المشترك، وفق التعبير الشهير آنذاك، او على غرار اعلان النوايا بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، الذي اوصل لاحقا الى اعلان تبني ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة من معراب، على رغم الاتهامات السابقة الخاطئة التي كانت تساق من قبل سمير جعجع في حق “الجنرال”.
اما الخط الثاني، فإقليمي ودولي، لرصد اي منحى ايجابي في حركة الاتصالات الخارجية، مع تسجيل تطورين في الساعات الاربع والعشرين الاخيرة:
الاول، زيارة قائد الجيش لقطر، والثاني استقبال رئيس حكومة تصريف الاعمال من قبل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
لكن، في انتظار اي مؤشر في الاتجاه الرئاسي، يتابع اللبنانيون بقلق مؤشرات الاحوال المعيشية والامنية.
فعلى المستوى المعيشي، لا ضوابط للدولار والاسعار، ولا توجه للنهوض، بل مجرد دوران في حلقة مفرغة من الازمات والمعاناة. وعلى المستوى الامني، تدق الحوادث الناجمة عن نتائج المونديال ناقوس الخطر، تمام كما حصل امس في الاشرفية من احداث مؤسفة، جراء الاحتقان، حيث قفز المستغلون على الفور الى استغلالها في السياسة، على وقع انعدام تام عن تحمل المسؤولية، في شكل بات تقليدا من تقاليد الحياة السياسية في لبنان.
المونديالُ الذي يَشغَلُ العالمَ دخلَ في استراحةٍ حتى يومِ الثلاثاءِ موعدِ انطلاقِ منافساتِ الدورِ النصفِ نهائيّ بينَ كرواتيا والارجنتين، ويومَ الاربعاءِ بينَ فرنسا والمغربِ الذي حققَ بالامسِ فوزاً مدوياً في تاريخِ الكرةِ العربية ِوالافريقيةِ معَ التمنياتِ بان يبلغَ النهائياتِ ويحققَ ختاماً استثنائياً للمونديال.
استراحةُ اللعبةِ الكُرويةِ العالميةِ تشملُ اللبنانيينَ ايضاً لكنها لا تُريحُهم من اثقالٍ مفروضةٍ عليهم في السياسةِ كما يَجري في انتخابِ رئيسٍ للجمهوريةِ ومناورةِ البعضِ في الحلبةِ النيابيةِ وتنكُّرِهم للحوارِ والتفاهمِ كمدخلينِ الزاميينِ لتحقيقِ نتائجَ مُرضيةٍ في هذا المسار..
ويبقى انتخابُ الرئيسِ استحقاقاً قابلاً للحلِّ متى صفت النياتُ الداخليةُ بعيداً عن التدخلات ِالخارجية ِلانَ الجهودَ المحليةَ موجودةٌ والدعواتِ للجلوسِ الىِ طاولةِ الحوارِ واضحةٌ وتنتظرُ من يُلبِّيها وكذلكَ المناداةُ للتفاهمِ على اسمِ رئيسٍ قادرٍ على اخراجِ الوطنِ من ازماتِه وجاهزٍ للاستفادةِ من قوةِ لبنانَ وطاقةِ مواطنيهِ وثرواتِه على اختلافِ انواعِها.
من يلبّدُ الاجواءَ يُبقي البلدَ رهينةَ ازماتِه، في وقتٍ تبرزُ التناقضاتُ السياسية من خلالِ تقييدِ لبنانَ في الاستفادةِ من التحولاتِ الاقليمية، فيَعلَقُ ممنوعاً من الالتحاقِ بركبِ المتجهينَ شرقاً عبرَ انصياعِ البعضِ للقيودِ الاميركية، فيما المستغربُ انَ اصدقاءَ هؤلاءِ قد التحقوا بالقطارِ الصيني من بابِه العريضِ رغمَ انهم حلفاءُ تاريخيون لواشنطن، فهل يستفيقُ اللبنانيون قريباً على رفعِ الحظرُ عن المشاريعِ الصينيةِ التي وَصلت الى بيروتَ خلالَ السنواتِ الماضيةِ بدلَ حبسِها في الادراج؟
في الاراضي المحتلة ، درجت عادةُ الاحتلالِ على الاستعراضِ العسكري كلما احتدمَت ازمتُه السياسية، وهو في هذا الاتجاهِ ارادَ استغلالَ مناوراتٍ مبرمجةٍ مسبقاً على الحدودِ معَ لبنانَ وغزةَ للايحاءِ باستعداداتٍ وهميةٍ لايِّ حربٍ طارئة، فيما رقابُ جنودِه وجنرالاتِه مكشوفة امامَ صفعاتِ الضفةِ المتتاليةِ والمكثفة.
حتى لو لم تكتمل بعد صورة العودة السياسية السعودية المدروسة الى الملف الداخلي اللبناني، الا ان الرياض ارسلت رسالتين لا بد من قراءتهما بهدوء.
-الاولى، اعلان وزير الخارجية السعودي الامير فيصل بن فرحان ان لبنان في طور اختيار رئاستين، اي رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة.
ما كشفه بن فرحان يقال في المجالس المغلقة مع السعوديين ولكن الاعلان عنه، قصد منه توجيه رسالة واضحة، ترسم مسار ليس فقط رئيس الجمهورية، وانما ايضا رئيس اول حكومة في عهده.
وهذا المسار يفترض به قيادة لبنان نحو الاستقلالية الحقيقية والتنمية بحسب الرياض.
-اما الثانية، فهي اللقاء الذي عقد بين ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان والرئيس نجيب ميقاتي، وهو جاء نتيجة اتصالات عدة اجراها الرئيس الفرنسي بولي العهد السعودي بحسب معلومات للـLBCI.
رسالة الرياض هنا ايضا واضحة، وبحسب المعلومات، تختصر بعبارة: الاصلاحات اولا واخيرا والعبرة في اختصار اللبنانيين للوقت والموضوع “بدو ركاب”.
فريق الرئيس ميقاتي يؤكد من جهته ان كل ما يقال عن طلب الرئيس ايمانويل ماكرون من ولي العهد السعودي الامير بن سلمان عقد اللقاء مع الرئيس ميقاتي غير صحيح.
ويضيف أن هذا اللقاء إضافة الى لقاءين آخرين حصلا بين الامير بن سلمان والرئيس ميقاتي على هامش قمة شرم الشيخ وكأس العالم في الدوحة ولم يعلن عنهما، يشكلون بداية صفحة جديدة مفصلية تبقى الاصلاحات بوصلتها.
ترجمة رسائل السعودية تضع مجددا الحل في يد اللبنانيين مسؤولين ومواطنين ووحدهم.
وهؤلاء يحرقون الوقت الثمين.
اما عبر الدعوات السياسية، لحوارات تسمى مسيحية مسيحية، او داخلية شاملة، او حتى دولية، واما عبر الدعوات لانتخابات رئاسية مسرحية في البرلمان …
واما عبر انشغال المواطنين، بغزوة الاشرفية الجديدة والتصدي للغزاة، وهم يتناسون ان بلدهم يكاد يختفي وانهم اصبحوا “صفر عالشمال ” في حسابات الدول.
دول استراتيجياتها وهمومها بعيدة عن بلد قرر وقف السير نحو التقدم, في وقت تكاد كلمة “سير” التي اطلقها مدرب المنتخب المغربي في كأس العالم تتحول الى اسطورة .
على سِنّ ورمح أنصار” وهم كذلك, مجموعة ٌوَصلت بمسيرةٍ درّاجة إلى الأشرفية فاهتزَّ ليلُ المدينة وأُربِكتْ عاصمةُ “جنودِ الرب”، وتَجهّزت للتصدّي والدفاع ضِدَ الهجومِ الآتي من “الغريب”، فأهلُ الاشرفية يَتّهمونَ المسيراتِ الرياضية بإحداثِ قلقٍ وفوضى، وكادوا يَتسبّبون بإشكالٍ أمني, والقرارُ الظنّي الأوّل لدى الأهالي ذهبَ باتجاهِ الضاحية، قبلَ أن يَكتشِفوا مصدرَ القلقِ الآتي من الطريق الجديدة احتفالاً بفوزِ المغرب على البرتغال في كأسِ العالم وبعدَ مَوقِعَةِ ساحة ساسين وانسحابِ الدراجاتِ النارية وتَبيانِ خطِّ سيرِها وبلدِ المَنشأ طَوّقتِ المواقفُ السياسية لنوابٍ في المدينة الإشكال، ورَدّتِ الكُرة إلى ملعبِها وكان كلامٌ توصيفي للنائب غسان حاصباني وَضَعَ الإشكالَ في خانةِ فِعل وردِّ فعل فيما رأى رئيسُ نادي الأنصار النائب نبيل بدر أنّ التظاهرةَ احتفاليةٌ رياضيةٌ خاصة، وأنّ فريقاً عربياً وَصَلَ إلى نِصفِ النهائي لافتاً إلى أنّ عددَ الأَعلامِ المرفوعة كانَ محدوداً جداً أما رفْعُ العَلمِ الفِلَسطيني إنْ حَصَل، فقد شاهدْنا هذا التعاطفَ الكبير في مونديال قطر معَ القضيةِ الفِلَسطينية والمسيحيون ليسوا ضِدَ القضيةِ الفِلَسطينية وبفضِّ ذُيولِ إشكالِ الأشرفية تُستأنَفُ الإشكالاتُ السياسيةُ والدُستورية على كلِ مِلفٍّ وقضية لكنّ هذه النزاعات ستُخاضُ على الجبهةِ الحكومية “بزنود قوية” هذه المرة “نفَخَ” في سواعدِها أكثرُ من لقاءٍ لرئيسِ حكومةِ تصريفِ الأعمال في جُدّة منَ الاجتماع معَ الرئيسِ الصيني، إلى لقاءِ ميقاتي والأمير محمد بن سلمان والذي قالت مصادرُ رئيسِ الحكومة إنه لم يكُنْ بطلبٍ من الرئيسِ الفرنسي ايمانويل ماكرون لكنّه يتلاقى وجهودَ السُعودية وفرنسا على إنشاءِ الصُندوقِ الإنساني للبنان ولَفتتِ المصادر إلى أن اجتماعّ ميقاتي-بن سلمان لم يكُن الأول، إذ سبقَ أنْ اجتمعَ الرَّجلان على هامشِ قمّة شرْم الشيخ الشهرَ الماضي كما تحادثا مطولا في افتتاح مونديال قطر وتناولا اكثرَ من ملف ولم يعلن في حينه عن هذين اللقائين وفي معلوماتِ الجديد أنّ الرئيس نجيب ميقاتي سيقومُ بزيارةٍ إلى البطريركِ الراعي في بكركي قبلَ أن يَرسُمَ في الأيامِ المقبلة خُطُواتٍ ستَتخِذُها حكومةُ تصريفِ الأعمال لناحيةِ انعقادِ جلَساتِ مجلسِ الوزراء واليوم ناشد الراعي الحكومةَ التأني في استعمالِ الصلاحيات منعاً لاستغلالِ البعض اجتماعاتِ مجلسِ الوزراء لأغراضٍ سياسيةٍ وطائفية واللافت أنّ الراعي فوّضَ رئيسَ الحكومة تحديدا ً العملَ على الصعيد ينالعربي والدولي لتسريعِ انتخابِ رئيسٍ للجُمهورية وفي المقابل رَفعَ الراعي من سقفِ تهديدِه للطبقة السياسية، متحدثاً عن ضرورةِ التوجّه إلى الأممِ المتحدة ودولِ القرار لإنقاذِ لبنان قبلَ فوات الأوان، قائلاً: لا مَناصَ من تدويلِ القضيةِ اللبنانية بعدَ فشلِ كلِ الحلولِ الداخلية فمَن مِنَ الدولِ الغارقة في مشاكلِ العالم سيتبنّى قضيةَ لبنان و”مين فاضيلنا” ما لم نبدأ بحلولٍ جُزئيةٍ محلية؟ لكنّ هذا الأمرَ متعثّرٌ حتى ضِمْنَ الفريقِ الواحد ولدى سؤالِ رئيسِ التيار عن شخصيةٍ يرشّحُها من فريقِه السياسي ونوابِه، يُجيب إنّ هذا الأمرَ للتسلية وهي أجوبةٌ تُشكّلُ إهانةً لنوابِ تكتل لبنان القوي وشخصياتٍ سياسية ضِمْنَ الدائرةِ العونية، والتي لا تَنسجِمُ معَ مبدأَ باسيل ومعادلة “أنا أو لا أحد”.