إيفا أبي حيدر
تُطبّق اعتباراً من الاول من كانون الاول ضريبة الدخل الجديدة على الرواتب والاجور مع مفعول رجعي يعود إلى الاول من شهر كانون الثاني 2022. ويتزامن بدء العمل بالضريبة الجديدة مع بدء احتساب الدولار الجمركي بـ 15 الفاً، الذي سينتج منه المزيد من الارتفاع في اسعار السلع والخدمات والرسوم، والذي سترتفع معه قيمة الضريبة على القيمة المضافة إلى 15 الفاً ايضاً. فهل سيتمكن المواطن من الصمود في ظلّ موجة التضخم القادمة؟
يسبق تطبيق الضرائب الجديدة قرار تعديل دولار المصارف بشهرين، اي انّ المواطن سيدفع ولمدة شهرين تكاليف مضاعفة ناتجة من بدء تطبيق قرارات رفع الرسوم والضرائب للدولة قبل ان يرتفع سعر الدولار في المصارف إلى 15 الفاً المقرّر اعتباراً من شهر شباط المقبل، والذي لن يرفع الغبن عن المودع وأمواله المحتجزة في المصارف، خصوصاً انّ دولار السوق السوداء كاد يلامس الـ 41 الفاً أمس.
ومع الزيادة الضريبية المتوقعة على الرواتب والاجور، والتي ستصل إلى 21% على الرواتب بالدولار الفريش، هل ستتمكن شركات القطاع الخاص من الصمود؟ هل سيظلّ لبنان جاذباً للاستثمارات الأجنبية مع نسبة ضرائب تناهز تلك التي تُفرض في الدول المتقدمة مقابل صفر خدمات من الدولة؟ وهل ستؤدي هذه الإجراءات غير المدروسة إلى موجة هجرة جديدة لليد العاملة؟
المخاوف من تداعيات القرارات الصادرة عن وزير المالية تشكّل محور تحرّك مرتقب من بعض النواب، حيث وفق ما علمت «الجمهورية»، انّ هناك توجّهاً للطعن بالقرارات المتعلقة بالشطور الضريبية، إلى جانب الطعن بالموازنة. وللغاية نفسها، زار عضوا تكتل «الجمهورية القوية» النائبان غادة أيوب ورازي الحاج، وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل امس، وبحثا معه في مجموعة القرارات التي صدرت عنه وعن حاكم مصرف لبنان، والتي لها علاقة بالشطور الضريبية وكيفية احتساب الضريبة على الرواتب والأجور بالفريش دولار.
وأبلغ الوزير الخليل النائبين أيوب والحاج، انّه «سوف تتمّ إعادة النظر بكل هذه القرارات، والأخذ بكل الاقتراحات التي ترد إلى الوزارة واتخاذ القرار المناسب الذي يؤمّن خير ومصلحة المكلّفين».
أما كيف ستُحتسب الضرائب والاجور على الرواتب وفق التسعيرة الجديدة للدولار؟
في السياق، يشرح رئيس الجمعية اللبنانية لحقوق المكلّفين كريم ضاهر لـ»الجمهورية»، انّ أكثر من سيتأثر بالزيادة الضريبية على الراتب هو الذي يقبض راتبه بالعملة الاجنبية او الفريش، يليه من يقبض راتبه باللولار او الشيكات بالدولار، أما أقل المتأثرين، هم الذين يقبضون راتبهم بالليرة اللبنانية وهم بغالبيتهم من موظفي القطاع العام. وشرح انّ موظف الدولة سيزيد راتبه ضعفين، لكن في المقابل زادت نسبة التنزيل العائلي 3 اضعاف من 7 ملايين و500 الف ليرة سنوياً على الفرد إلى 37 مليوناً و500 الف ليرة، ما يعني انّه لن يتأثر بالضريبة وسيبقى معفياً منها.
وأعطى على سبيل المثال، عائلة مؤلفة من زوج وزوجة مع اربعة اولاد قاصرين مدخولهم السنوي نحو 18 مليوناً، كان التنزيل العائلي 7 ملايين ونصف سنوياً، كانوا يُعفون من الضريبة، أما مع التغييرات التي حصلت اليوم، سيرتفع مدخول الأسرة الى نحو 60 مليون ليرة، تبقى أقل من التنزيل العائلي المسموح به، اي انّ هذه العائلة لن تدفع ضريبة. بما معناه انّ كل أسرة مدخولها السنوي 60 مليون ليرة أي 5 ملايين ليرة شهرياً لن تطالها ضريبة الدخل. ماذا عن بقية الشطور؟
– كل أسرة يزيد مدخولها عن 60 مليون ليرة سنوياً إلى حدّ 18 مليوناً سنوياً تصنّف ضمن الشطر الاول، بحيث لا يزيد مدخولها عن 78 مليوناً سنوياً، تدفع ضريبة نسبتها 2% اي بما يوازي 360 الف ليرة سنوياً.
– اما الشطر الثاني، وهو يجمع من يزيد مجموع مدخولهم السنوي عن الشطر الاول بما بين 18 مليوناً و45 مليوناً، ترتفع ضريبة الدخل إلى 4% اي نحو مليون و80 الف ليرة سنوياً، تضاف اليها ضريبة الشطر الاول لتصبح نحو مليون و 440 الفاً.
– أما الشطر الثالث فيشمل من يزيد مدخولهم عن الشطر الثاني ما بين 45 و 90 مليون ليرة، عندها ترتفع ضريبة الدخل إلى ما نسبته 7% فيصبح مجموع الضريبة نحو 3 ملايين و150 الفاً تضاف ضريبة الشطر الذي يسبقه اي مليون و440 الف ليرة.
– يشمل الشطر الرابع من يزيد مدخولهم عن الشطر الثالث إلى حدّ الـ90 مليوناً، تفرض عليهم ضريبة نسبتها 11% فيصبح مجموع الضريبة 9 ملايين و900 الف، يضاف اليها مجموع ضرائب الشطر الثالث.
رواتب اللولار
أما الذين يقبضون راتبهم باللولار فيُحتسب اللولار x8000 ليرة راهناً (اعتباراً من شهر شباط سيصبح 15 الفاً) على سبيل المثال 1000 لولار بالشهر تساوي 8 ملايين ليرة، بما يوازي 96 مليونا سنوياً (وبعدها ينطبق عليه جدول الضريبة المذكور اعلاه) فيتوجب عليه سنوياً ضريبة نسبتها 1% بما يوازي نحو مليون ليرة سنوياً. أما متى اصبحت قيمة دولار المصارف 15 الفاً فتتضاعف الضريبة، لأنّ راتب الـ1000 دولار شهرياً سيوازي الـ 15 مليوناً شهرياً اي نحو 180 مليوناً سنوياً، وهو بذلك يكون دخل ضمن الشطور العالية التي ستطالها ضريبة الـ11% سنوياً بشكل تدريجي، فيصبح تأثيرها وسطياً ما بين 8 و 10%.
الرواتب الفريش
في ما يتعلق بالرواتب التي تُجبى بالفريش دولار يقول ضاهر، انّ الموظف الذي يقبض راتبه بالفريش يصرفه على دولار السوق السوداء، بينما هو يدفع ضريبة وفق دولار صيرفة اي يبقى مستفيداً بنحو 10 آلاف ليرة بالدولار، وتنطبق عليه العدالة الاجتماعية، بكونه يدفع ضريبة نسبة إلى قيمة راتبه. أما المشكلة في ذلك، انّ هذا الموظف الذي يقبض نحو 2000 دولار شهرياً سيدفع ضريبة قد تصل الى 21% او حتى 25% سنوياً، في حين انّه لا يأخذ في المقابل خدمات من الدولة. فهذه الضريبة توازي الضرائب التي تُفرض في دول العالم المتقّدم التي تقدّم طبابة واستشفاء وضماناً اجتماعياً وتعليماً مجاناً… وأبدى تخوفه من ان تؤدي هذه الخطوة إلى تحفيز التهرّب الضريبي وإلى الهجرة.
قعقور
في المقابل، يلقى تدبير رفع احتساب ضريبة الدخل وفق دولار الـ15 الفاً اعتراضاً، نظراً لتداعياته الكارثية على الموظف. وفي السياق، يشرح الخبير في الشؤون الضريبية جمال قعقور لـ»الجمهورية»، انّ جوهر الموضوع هو تجاوز وزير المال الحالي كما وزراء المال السابقين للقانون. إذ انّ أي اجراء او اي قرار او تصريح يجب ان يأتي ضمن الاطار القانوني، لأنّ الضرائب لا تُعدّل ولا تُفرض سواء كنسب او كمبالغ الّا من خلال إقرار قوانين في مجلس النواب. وقال: «كان الأجدى بمجلس النواب ان يصدر قوانين تتعلق بالتعاميم التي يصدرها وزير المال حالياً». وكشف انّ هناك توجّهاً لدى بعض النواب للطعن بهذه القوانين، التي وصفها قعقور بأنّها أخطر من الموازنة، لأنّ فيها بعض الإلاعيب ستضرّ حتماً بمدخول المواطن.
ورداً على سؤال، كشف قعقور انّ «هناك 4 قرارات صدرت ستحتسب الدولار وفق دولار صيرفة وهي: ضريبة الأملاك المبنية وضريبة القيمة التأجيرية، ضريبة رسم الطابع على الصكوك، ضريبة الارث والاصول المنقولة وغير المنقولة. كل هذه الضرائب ستُحتسب وفق دولار المنصة، ما يعني انّها زادت ثلاثة اضعاف، وهذا لا يجوز قانوناً، عدا عن انّها ستدر ايرادات للدولة أكثر من المتوقع».
وتوقف قعقور عند القرار الذي اصدره وزير المالية ووجّهه إلى حاكم مصرف لبنان، يطلب فيه منه رفع سعر الرسوم الجمركية الى 15 الفاً والرسوم والضرائب، ما يعني ايضاً رفع الضريبة على القيمة المضافة الى 15 الفاً، اي رفعها 10 أضعاف.