//دموع الأسمر//
أمس الاول اعلنت قيادة الحيش اللبناني عن إحباط هجرة غير شرعية لحوالي 55 مواطنا من جنسيات لبنانية وسورية وعراقية عبر قارب انطلق من شاطىء شكا لكنه ادى عطل اصابه الى تحول مسار القارب نحو منتجع سياحي قريب واكتشاف امره حيث سارعت البحرية اللبنانية الى اعتقال ثلاثة لبنانيين من منظمي الهجرة غير الشرعية واحالتهم الى التحقيق مع ال55 مواطنا المهاجرين.
حسب مواطنين لبنانيين من الشمال، وبينهم عائلات تعاني من الفقر وانعدام مصادر الرزق انهم مصرون على المغادرة باي وسيلة وباي ثمن اثر وصولهم الى جدران مغلقة، بعد انهيار العملة اللبنانية التي لم تعد ذات قيمة.
في اشهر قليلة، وقعت فاجعتان في البحر الذي ابتلع عائلات من نساء واطفال وشباب، وقوارب عديدة شهدت مآس، وبعضها اوقف المهاجرون عبرها وسجنوا في دول اجنبية تمارس عليهم كل اشكل الذل والاهانة.
ومنذ يومين افرجت السلطات التركية عن عدد من المهاجرين غير الشرعيين من ابناء طرابلس والشمال كانوا موقوفين بظروف سيئة، وبعد مناشدات وتدخلات استجابت السلطات التركية واعادتهم الى بلدهم بعد أشهر من المعاناة…
لم يحصل في تاريخ لبنان هجرة غير شرعية على غرار الهجرات التي تحصل في السنوات الاخيرة، اثر تفاقم الاوضاع المعيشية والاقتصادية وانسداد آفاق الحلول الاقتصادية والاجتماعية، وباتت قوارب الموت الوسيلة الاكثر سهولة، والاكثر خطورة لهروب عائلات من جحيم الفقر والجوع نحو دول اجنبية علهم يحظون فيها برعاية دولية تنقذهم من شر الفقر وتفتح لهم آفاق المستقبل لاولادهم.
الفاجعة التي حصلت مؤخرا للمركب الذي انطلق من المنية وجرته العواصف والامواج الى بحر طرطوس، كان الافظع بكل تفاصيله المؤلمة جدا، والذين غادروا على متن المركب عولوا على النجاة من الموت جوعا، ليموتوا غرقى في البحر، وهي الفاجعة التي يفترض، اضافة الى فواجع أخرى، أن تدفع بالسلطات الرسمية اللبنانية والمراجع المسؤولة، وخاصة الحكومة اللبنانية لأن تبادر الى وضع مشاريع جدية وفاعلة بسرعة قصوى للحد من الاسباب الدافعة للهجرة بدءا من رفع الحد الادنى للاجور للحد من اتساع الهوة بين الراتب والقيمة الشرائية للمواد الاساسية والغذائية والاستهلاكية، خاصة في ظل التصاعد المتواصل لسعر صرف الدولار دون هوادة، وان تدرس الحكومة سريعا طرق تأمين مصادر دخل للعائلات وتوفير فرص عمل للشباب والشابات، مع اهمية استتفار اجهزة الدولة الرقابية وتفعيلها لمراقبة اسعار المنتوجات والمواد الاستهلاكية وضبط الفوضى في المحلات التجارية، ومحاسبة المخلين بالامن الغذائي والصحي…
يقول قائل ان هذه البنود المهمة تحتاج الى قيام دولة مؤسسات والى قرارات حاسمة وحازمة في وقت باتت فيه هيبة الدولة على المحك.
غير ان قوارب الموت لن تتوقف قبل وقف كل اسباب الانهيار المالي والمعيشي والاقتصادي والتدهور السريع لحياة العائلات التي لا تجد ما يسد الرمق، وضرورة توفير حياة لائقة وكريمة للعائلات ولاولادهم بما يؤمن المستقبل لهم، دون ذلك فان الفواجع والمآسي ستستمر ويصعب توقيفها والحد منها، حيث يحتاج المواطن الى قرارات يتلمسها جديا تعيد له الثقة ببلد يفتقد الى دولة مؤسسات وادارات مسؤولة واجراءات كفيلة بمنع الذل والهوان عن المواطنين، وإلا ستبقى مشاهد المخاطرة عبر البحار شاهدة على انهيار دولة لم تستطع حماية مواطنها من الفقر والجوع ومن الموت غرقا في البحار والمحيطات.