ما بعد انتهاء ولاية عون ليس كما قبلها

/ غاصب المختار /

يوماً بعد يوم، وعند كل مفصل، تتضح هشاشة النظام السياسي اللبناني العاجز عن تطوير نفسه ومعالجة ازمات البلاد والعباد، ما ينعكس سلباً على كل واقع الحياة في لبنان، سياسياً واقتصادياً ومعيشياً واجتماعياً وأمنياً، بل انه يفاقم يومياً المشكلات القائمة، لدرجة أنّ “مؤسسات الدولة” المعنية، ولو أنها موجودة شكلاً، لا تستطيع ـ أو لا تريد ـ وضع حلول لهذه الازمات.

التخبط هو سيد اللعبة، سواء في المجلس النيابي او في الحكومة، وينعكس على تشكيل الحكومة الجديدة وعلى انتخاب رئيس للجمهورية، المفترض ان يتم قبل نهاية هذا الشهر حسب الدستور. بينما يتحضر الرئيس ميشال عون لمغادرة القصر الجمهوري ظهر يوم الاحد المقبل في 30 الشهر الحالي.

وبحسب معلومات موقع “الجريدة”، فان مراسم وداع رسمية ستجري للرئيس عون، يليها تجمع شعبي كبير في القصر يشرف على تنظيمه التيار الوطني الحر، ويلقي عون كلمة خلاله، قبل أن ينتقل الى دارته في الرابية، حيث يكون هناك بإنتظاره تجمع شعبي مماثل. ولن تكون هناك اي مواكبة سيارة شعبية له على الطريق ولا سلسلة بشرية، لأسباب قالت مصادر التيار انها امنية بالدرجة الاولى، ولمنع قطع الطرقات او اي احتكاك بين مناصري التيار وخصومهم.

لا شك أنه بعد انتهاء ولاية عون الاثنين المقبل 31 تشرين اول، سيكون غير ما قبله، فالرجل أعلن أنه سيتحرر من بروتوكول الرئاسة وتقييدها له، وسيعود إلى العمل السياسي الوطني العام متحرراً من أي حسابات والتزامات ومراعاة، ليخوض مرحلة سياسية جديدة في حياته المثيرة للجدل، لا سيما إذا لم تتشكل الحكومة أو تشكلت في الأيام الأخيرة قبل انتهاء ولايته، بحيث لا يعود بمقدوره ترؤس جلساتها، أو إذا لم يتم انتخاب رئيس للجمهورية، ويدخل البلد في حالة فراغ رئاسي في ظل حكومة مجهولة الهوية السياسية تشتد معها الخلافات والانقسامات السياسية، ما يعني ان عون وتياره البرتقالي سيخوضان معارك جديدة، ولكن هذه المرة مدعومة بزخم شعبي من التيار الحر ومناصريه.

واذا كان الفراغ الرئاسي مقدوراً عليه، نظراً للتجارب السابقة عامي 2007 و2014، فإن ما ليس بمقدور أحد أن يحسب نتائجه هو وضع الحكومة، بخاصة إذا بقيت حكومة تصريف الأعمال قائمة وتسلمت السلطة التنفيذية وحدها، بما تضمه من انقسامات وخلافات قد تصل إلى حد شلّها كلياً، بحيث يتعذر عليها اتخاذ أي قرار بسيط أو مهم.

وفي هذا المجال، ثمة من يقول ان الرئيس نجيب ميقاتي ومن يدعمه، يستشعرون مخاطر الوصول إلى هذه المرحلة من الشلل التام، ولو أن المجلس النيابي سيملأ الفراغ الرسمي بجلسات للجان النيابية أو جلسات عامة، لكنه سيصطدم بمصفاة ـ إن لم يكن بجدار ـ توقيع القوانين والمراسيم لتصبح نافذة.

وبحسب العرف الذي اعتمد أيام حكومة الرئيس تمام سلام، فإنه بغياب رئيس للجمهورية، يصبح توقيع كل وزير بمثابة توقيع رئاسي، واذا تمنع وزير واحد تتوقف القوانين والمراسيم لحين انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة ليتم توقيعها واصدارها، وتكون قد بلغت المئات، كما حصل بعد حالة الفراغ التي ادارها الرئيس تمام سلام.

لذلك، يصبح من المهم أن ينزل ميقاتي والتيار الحر عن شجرة المطالب والشروط، لتشكيل حكومة كاملة المواصفات الدستورية، وتحظى بثقة المجلس النيابي لتتمكن من العمل بطاقة أكبر وأفعل.

واذا كان التيار الوطني غير مضطر للتنازل كثيراً، لمعرفته أن عدم تشكيل حكومة سيعزز موقعه السياسي في حالة الفراغ، وأنه لن يخسر شيئاً إضافياً عمّا خسره، بل لعل المواجهة تعزز رصيده المسيحي أكثر، فإن ميقاتي مضطر أكثرمن التيار للتنازل والقبول بمقترحات تدوير الزوايا لمصلحة بقائه على رأس حكومة قادرة على أن تنتج، ولو الحد الادنى.