تزايدت وتيرة الخلافات بين الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية، حتى بلغت حدود تلويح إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن باستعدادها للنظر في إجراءات جديدة صارمة بشأن مراجعة العلاقة مع السعودية في أعقاب قرار مجموعة “أوبك+” النفطية، التي تضم الرياض وموسكو، خفض إنتاج النفط.
وإعتبر مراقبون أن هذه الخطوة تشير إلى التخلي الدراماتيكي عن محاولات الرئيس الأميركي الأخيرة للسعي للتقارب مع ولي العهد محمد بن سلمان، وتلقي بظلال من الشك على مستقبل العلاقة الأمنية بين الولايات المتحدة والسعودية.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي قوله، أن “بايدن يعتقد أنه يجب مراجعة العلاقة الثنائية مع السعودية، وإلقاء نظرة لمعرفة ما إذا كانت هذه العلاقة هي المكان الذي يجب أن تكون فيه واشنطن وأنها تخدم مصالح أمننا القومي”، مضيفاً أن “إعادة التقييم جاءت في ضوء القرار الأخير لمنظمة أوبك وقيادة السعودية”.
ومن بين الخيارات الأخرى، توقع كيربي أن يتحدث بايدن إلى كبار الديمقراطيين في الكونغرس، الذين كانوا يطالبون الولايات المتحدة بتقليص تعاونها مع المملكة في ضوء ما كان يُنظر إليه على أنه قرار ابن سلمان بالانحياز إلى جانب المصالح الروسية على الولايات المتحدة.
وأضاف أن جو بايدن “مستعد للعمل مع الكونغرس للتفكير فيما يجب أن تكون عليه هذه العلاقة في المستقبل”، موضحاً أنه “يريد أن يبدأ هذه المشاورات الآن. لا أعتقد أنه يتعين الانتظار أو حتى أن ذلك سيستغرق وقتا”.
كما تصاعدت ردود الفعل العنيفة في الكونغرس ضد السعودية بشكلٍ حاد هذا الأسبوع بعد أن هدد روبرت مينينديز، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، بتجميد مبيعات الأسلحة والتعاون الأمني مع المملكة، قائلاً أن “بن سلمان كان يساعد في ضمان حرب بوتين من خلال أوبك +”.
وقال مينينديز: “ببساطة لم يكن هناك مجال للعب على جانبي هذا الصراع”، مضيفاً: “لن أوافق على أي تعاون مع الرياض حتى تعيد المملكة تقييم موقفها فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا”.
وفي الأسبوع الماضي، قرر تحالف “أوبك بلاس” الذي يضم أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بقيادة السعودية والشركاء العشرة بقيادة روسيا خفض حصص الإنتاج، في ما عُد إخفاقاً دبلوماسياً لجو بايدن الذي زار السعودية في تموز للقاء ولي العهد محمد بن سلمان، بعد أن توعد بجعل المملكة دولة “منبوذة” على الساحة الدولية إثر مقتل الصحفي جمال خاشقجي.
والجمعة، حمل الرئيس الأميركي بايدن السعودية وروسيا مسؤولية إرتفاع أسعار البنزين، بعد قرار “أوبك +” خفض إنتاج النفط بمعدل مليوني برميل يومياً.
وأكد بايدن، في تصريح صحفي من ولاية ماريلاند شمال واشنطن: “كنت قادراً على خفض أسعار البنزين بأكثر من 1.60 دولار، لكن بدأت أسعاره ترتفع تدريجياً بسبب ما فعله الروس والسعوديون؛ لكني لم أنته من ذلك بعد”.
وأشار إلى أنه يبحث عن بدائل في أعقاب قرار “أوبك +” (تضم منظمة أوبك وحلفاءها) خفض إنتاج النفط العالمي بنحو مليوني برميل يومياً.
وفي تعليق، قال المحلل السابق في وكالة المخابرات المركزية والخبير في الشأن السعودي بروس ريدل، أن تصريحات البيت الأبيض بشأن مراجعة العلاقة مع الرياض تمثل “انعكاساً دراماتيكياً”.
وأوضح ريدل لصحيفة “الغارديان”، “انتقلنا من التعامل مع بن سلمان إلى العودة إلى كونه منبوذاً”، مشيراً إلى وعد حمله بايدن بعزل الأمير بسبب دوره المزعوم في مقتل خاشقجي.