لبنان في نيويورك “مستعطِفاً”.. والمجتمع الدولي يُواصل ضغوطه!

/ غاصب المختار /

يحاول لبنان كل عام الاستحصال من المجتمع الدولي، عبر الجمعية العامة للامم المتحدة، على ما يؤمن له معالجة بعض مشكلاته المستعصية على الحل، من دون دعم الدول الشقيقة والصديقة، لكنه في كل مرة يصطدم بمعوقات وصعوبات وظروف واحداث وحسابات دولية تجعله في آخر اهتمامات العالم. ولولا الوضع الجنوبي الواقف دائماً على فوهة بركان لا يعلم احد متى ينفجر، لما كان العالم التفت إلينا ولو بكلمة تعاطف. لكن استقرار الكيان الاسرائيلي وأمنه اللذين يعتبران أولوية دولية، يدفعان الدول الكبرى والمعنية بأوضاع الشرق الاوسط، إلى تسليط بعض الضوء وإعطاء بعض الاهتمام للبنان.

كان واضحاً، خلال لقاءات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بو حبيب المكثفة وببعض الشخصيات العالمية المهمة في نيويورك، كالرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والأمين العام للامم المتحدة غوتيريس ووزير الخارجية الاميركية انطوني بلينكن وغيرهم، أن الاساس لدى هؤلاء هو إجراء الاصلاحات الاقتصادية المطلوبة من لبنان وإنهاء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وفق ما يرغب به الصندوق، وترسيم الحدود البحرية، وانتخاب رئيس للجمهورية سواء قبل او بعد تشكيل الحكومة.

أما الهموم الأخرى فلم يحصل لبنان على أجوبة حولها، كمعالجة ازمة النازحين السوريين، ونقص تمويل منظمة “الاونروا” للاجئين الفلسطينيين، والدعم التربوي الذي أثاره وزير التربية عباس الحلبي في نيويورك أيضاً، وإحياء الدعم المالي والاقتصادي السريع، ووقف الاعتداءات والانتهاكات الاسرائيلية للسيادة اللبنانية، وغيرها من أزمات عبّر عنها ميقاتي في كلمته أمام الجمعية العامة.

وعلى الرغم من الزخم الذي أطلقه لبنان مؤخراً لإعادة النازحين السوريين عبر خطة مدروسة وواقعية، كان الرد الدولي بارداً، بل متمسكاً بالموقف الذي تمليه أميركا وبعض دول أوروبا، بأن العودة تتم بعد الحل السياسي في سوريا. وهو شرط بات ممجوجاً وغير ذي جدوى بعد التطورات في سوريا خلال السنوات الاخيرة، والتي أدت الى استعادة الهدوء والاستقرار إلى أكثرمن 80 بالمئة من الجغرافيا السورية.

وتشير معلومات مصادرمتابعة في نيويورك لموقع “الجريدة”، إلى أن كل ماحصل عليه لبنان حول الملف السوري وحول الوضع الاقتصادي والمعيشي، هو “تفهّم لوضع لبنان ووعود بدرس الامور لتقرير الموقف”. عدا الكلام عن الايجابيات في ملف ترسيم الحدود البحرية. بينما استبطنت بعض المواقف والبيانات التي صدرت في الاجتماعات الدولية حول لبنان، ضغوطاً سياسية إضافية، كمثل ما صدرعن اجتماع ممثلي أميركا وفرنسا والسعودية من ضرورة تطبيق القرارات الدولية المتعلقة بالوضع الجنوبي، بما يطال موضوع سلاح المقاومة وتعديل مهمات وقواعد اشتباك القوات الدولية العاملة في الجنوب. وهي شروط أو مطالب لطالما تسببت بإشتباك سياسي داخلي حولها، ولطالما تعذّر تطبيقها بالكامل نتيجة تعقيدات الوضع الدولي والاقليمي، ما يعني استمرار الضغوط السياسية الدولية على لبنان حتى يسير بما يطلبه المجتمع الدولي.