/غاصب المختار/
إذا كانت حلول الأزمات، الاقتصادية والمعيشية والتربوية والصحية والخدماتية، معقدة ولا حل لها قريباً، وثمة من يربط استمرارها بضغوط سياسية داخلية وخارجية حتى انتهاء عهد الرئيس ميشال عون في نهاية تشرين أول المقبل، فإن حل الازمة السياسية التي تفاقمت بعد تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة في حزيران الماضي، وبعد دخول لبنان في المهلة الدستورية بداية أيلول المقبل لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، يبدو أكثر تعقيداً، نظراً لحالة الانفصال والانفصام القائمة بين معظم القوى السياسية المعنية باستحقاقي تشكيل الحكومة وانتخاب رئيس الجمهورية، والتي باتت تشكّل مدخلاً واسعاً لطروحات انعقاد مؤتمر سياسي تأسيسي للجمهورية الجديدة، نظراً لـ”احتضار” جمهورية إتفاق الطائف.
هذا الطرح الذي تبنّاه عدد من القوى السياسية، عاد بقوة نتيجة السجال الدستوري والسياسي الواسع الذي اندلع على خلفية صلاحيات رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف حول تشكيل الحكومة، وحول صلاحية حكومة تصريف الاعمال في تولي مهام وصلاحيات رئيس الجمهورية، في حال عدم تشكيل حكومة جديدة كاملة الصلاحيات او تعذر أو تأخر انتخاب رئيس للجمهورية.
لا مجال للحلول المستدامة في ظل هذا النظام السياسي المتخلف، ولا حلول للخلافات ذات الخلفيات الطائفية والنفعية بين القوى السياسية، سوى بعقد سياسي جديد، وليكن تحت أي تسمية: مؤتمر وطني للحوار، مؤتمر تأسيسي، لقاء وطني جامع، أوجلسة نيابية عامة تبحث أسس الخلل في النظام السياسي المعتمد والذي لم تنتج عنه سوى الويلات منذ التطبيق المشوه والانتقائي لاتفاق الطائف، الذي يؤكد نوابه الأحياء، وقبلهم النواب الراحلون، “أنه ليس هذا هو الاتفاق الذي اتفقنا عليه في الطائف. وما جرى بعد العام 1990 لا علاقة له ببناء الجمهورية الجديدة. والدليل عدم تطبيق الكثير من بنوده”.
لا بد من “الانقلاب” على أسلوب تطبيق الميثاق الوطني القائم وأسلوب تطبيق اتفاق الطائف، لا على دستور الطائف. والانقلاب يعني نسف كل الممارسات والبنود الدستورية التي أوصلت تركيبة لبنان السياسية إلى ما وصلت اليه من اصطفافات وممارسات وتحالفات لا علاقة لها بإيجاد إدارة سليمة للبلاد. فلا ميثاق وطنياً بتعميق الانقسام الطائفي والسياسي نتيجة ممارسات وغايات ومصالح القوى التي تسلمت الحكم بعد الطائف. ولا دستور صالحاً لحكم البلاد، إذا كان يُكرّس عملياً الانقسام الطائفي والمناطقي والسياسي تحت عناوين ممجموجة مثل الصلاحيات وحقوق الطوائف والمصالح العليا لقادة الطوائف على حساب الناس ومصالحها.
لا بد من بحث جدّي في أزمة النظام، أسبابها ونتائجها وويلاتها، واستخلاص حلول نهائية تُكرّس بقاء هذا الكيان الهش، وتعطيه بعض المناعة والقوة للإستمرار، وتوفر سبل العيش الكريم فيه.