افتراق رئاسي بين بكركي وباسيل: هذه لائحة المواصفات

أظهرت زيارة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الى الديمان ولقائه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، التباين الحقيقي بين التوجهات الكنسية والتوجهات السياسية للتيارات والكتل النيابية المسيحية ، حيث طلب منه الدعوة لعقد لقاء للقيادات المارونية والمسيحية للاتفاق على مواصفات الرئيس، وعدم التنازل عن سقف الرئيس القوي الذي يشكل العماد عون نموذجه.

وبحسب صحيفة “اللواء” جاءت المواصفات التي حدّدها الراعي في عظة الاحد امس مخالفة “للرئيس القوي في بيئته”، والذي يمثل وجدانها وغير مسموح ان يسقط، مما يعني ان افتراقاً قوياً حاصل قبل الزيارة وبعدها بين بكركي التي عادت ان “تكون الصوت الذي يعبّر عن مكنونات اللبنانيين، والجهر بالمواقف الوطنية المصيرية”.

وفي هذا السياق، أوضحت مصادر سياسية مطلعة عبر “اللواء” أن ملف الانتخابات الرئاسية الذي دخل في مراحله الأولى من خلال التركيز على مسألة المواصفات قد يشهد تزخيما أو تراجعا بناء على الحركة السياسية التي يقوم بها الأفرقاء المعنيون.

ولفتت المصادر إلى أنه حتى الآن لم تتبلور أي مبادرة يقودها البطريرك الماروني بشأن الاستحقاق إن لناحية ترتيب الأسماء المرشحة والتي حدد مواصفاتها البطريرك الراعي وبرامج العمل وتحضير اجتماعات برعاية بكركي.

وقالت إن بكركي ترحب بالجميع وإن البطريرك يستمع إلى الجميع ويستفسر عن أولويات عمله وعن مشروعه لإنقاذ الوضع، على أن مسألة دعم شخصية على حساب شخصية أخرى ليست واردة على الإطلاق في قاموس البطريرك.

ورأت مصادر متابعة عبر “اللواء” ان زيارة رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل للبطريرك الماروني بشارة الراعي في الديمان، وان كانت في طياتها، تشكل محاولة لإظهار اهتمام رئيس الجمهورية ميشال عون ووريثه السياسي باسيل بما حصل مع المطران موسى الحاج، والوقوف على خاطر البطريرك الراعي والتأكيد على انهما مع ضبضبة هذه المشكلة بلا ضجيج، الا ان أهدافها الحقيقية تتجاوز هذه المشكلة الى ما هو اهم بكثير في حسابات باسيل وتطلعاته المستقبلية.

وقالت إن باسيل استغل هذه المشكلة ليظهر أنه يعارض ما حصل للمطران موسى الحاج ولكن بعيدا من الاعلام، وكان منذ مدة على تواصل مع بكركي بواسطة احد النواب المقربين، لمعالجة هذا الموضوع، و من ضمنه التحضير لهذه الزيارة، والتطرق من خلالها الى موضوع الانتخابات الرئاسية، لاسيما بعدما انحسر الاهتمام السياسي بموضوع تشكيل الحكومة الجديدة، وتصدر موضوع الاستحقاق الرئاسي النقاش السياسي على ما عداه من اهتمامات أخرى، اثر اعلان البطريرك الراعي رؤيته لمواصفات رئيس الجمهورية الجديد وهي مواصفات، لا تنطبق على باسيل، كما على من يصنفون، بأنهم من الأكثر تمثيلا في الوسط المسيحي.

وطرح باسيل ان يبادر البطريرك الماروني الى رعاية لقاء مصالحة بينه وبين رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في بكركي، باعتبارهما رئيسي أكبر كتلتين نيابيتين مسيحيتين بالمجلس، لكي يتم البحث بموضوع الانتخابات الرئاسية والاتفاق فيما بينهما على وضع معادلة تكريس معادلة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، على غرار ما تردد انه تم التوصل اليه قبل الانتخابات الرئاسية الماضية بين الأقطاب المسيحيين الموارنة، ميشال عون، امين الجميل سليمان فرنجية وسمير جعجع في بكركي، او اذا تعذر ذلك، لاي سبب كان، وضع مواصفات الرئيس المقبل استنادا للتفاهم فيما بينهما وبمباركة من بكركي أيضاً.

وتقول المصادر، انه بالرغم من تظاهر باسيل بأن الهدف من هذا اللقاء المقترح، قطع الطريق على الأطراف الأخرى اختيار رئيس الجمهورية الجديد، وفرضه فرضا على المرجعيات المسيحية المارونية، السياسية والدينية، الا انه كان يضمر في نفسه اكثر من هدف، أولها محاولة إعادة تعويم نفسه، والظهور بمظهر اللاعب المسيحي الأساس بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، محليا وخارجيا، بعد ما ظهر معزولا شعبيا لمسؤوليته المباشرة عن تدمير قطاع الكهرباء بالكامل، وافشال العهد، ومن الحلفاء بالداخل من كل الأطراف السياسيين، باستثناء “حزب الله”، وعربيا من معظم الدول وخارجيا مطوقا بتداعيات عقوبات الفساد الأميركية.

وثانيا، قطع الطريق على حليفه “حزب الله” بدعم رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية للرئاسة او اي مرشح رئاسي يتوافق عليه مع الأطراف السياسيين الأساسيين، بعد صمت الحزب المطبق، ولمس منه انكفاء ضمنيا عن دعم ترشحه للرئاسة، بالرغم من عدم الإعلان عن ذلك رسميا حتى الان.

وثالثا، استغلال موقع الصرح البطريركي للتفاهم المرتجى على تخريجة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، والانطلاق من أي اتفاق قد يحصل ضمن حسابات باسيل، لتسويق نفسه خارجيا، من بوابة الفاتيكان لإظهار نفسه المرجعية المسيحية المهمة، برغم كل اتهامات الفساد والتعطيل والسمعة العاطلة التي تلفه باكثر من ملف وقضية، والانطلاق منه الى أوروبا والولايات المتحدة الأميركية اذا امكن لتبييض سجله الفاسد هناك.

وكشفت المصادر ان محاولات باسيل للقاء جعجع والسعي لاستغلال هذا اللقاء بالانتخابات الرئاسية فشلت، بعدما ابلغ الأخير بكركي بهذا الرفض في زيارته الاخيرة، كما تردد على لسان بعض الوسطاء، انطلاقا بعدم جدوى أي لقاء أو تفاهم يعقد مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل او رئيس الجمهورية ميشال عون، بعدما انقلبا على تفاهم معراب سابقا، ولم يلتزما بأي اتفاق سياسي مع أي طرف سياسي اخر، باستثناء تفاهم مار مخايل مع حزب الله حصرا، لان باسيل لا يجرؤ على الانقلاب على هذا التفاهم حتى الان.

ولفتت المصادر الى ان رفض جعجع للقاء باسيل، بالرغم من نفي القوات وجود مثل هذا الطرح، قطع الطريق على طموحات رئيس التيار الوطني الحر، لتصدر المشهد السياسي وتظهير نفسه بالمرشح الرئاسي الاول، وهو ما دفع به لتصعيد موقفه ضد حليفه حزب الله واتهامه مع حركة امل، بالمسؤولية بتعطيل تشكيل الحكومة الجديدة، في حين ان محاولاته لتكريس صيغة انتخاب الرئيس الاقوى تمثيلا في طائفته، دونها عقبات لتعارضها مع المواصفات التي اعلنها البطريرك الماروني لاي مرشح للرئاسة من جهة، ولانكفاء معظم القوى عن تأييدها من جهة ثانية.