| ناديا الحلاق |
في الأيام الأخيرة، لم يعد الحديث عن ارتفاع الأسعار مجرد نقاش عابر بين اللبنانيين، بل تحول إلى هاجس يومي يرافقهم من سوق إلى آخر.
علت صرخات اللبنانيين، بعد أن وصل سعر كيلو الكوسى إلى 150 ألف ليرة لبنانية، وكيلو البندورة لامس الـ120 ألف ليرة.
تقول هدى، وهي ربة منزل من بيروت، إنها لم تعد تفهم ما يحصل في الأسواق: “كل يوم بسمع إنو الأسعار نازلة، بس لما بوصل عالدكان بلاقي الوضع غير. البندورة والخيار عم يقصّوا الظهر، وما بعرف مين بدو يحمينا”.
شكوى هدى ليست فردية، بل تتكرر على ألسنة كثيرين يشعرون بأنهم عالقون بين ارتفاع الأسعار وضعف الرقابة، وبين وعود رسمية لا يلمسون أثرها على سلالهم الغذائية. وفي ظل هذا التناقض بين ما يقال وما يباع فعلياً، ترتفع أصوات المزارعين من جهة والمستهلكين من جهة أخرى، ليبقى السؤال معلّقاً: أين الحقيقة في فوضى السوق؟
وسط هذا الجدل الدائر بين المستهلكين الذين يشتكون من ارتفاع الأسعار، والتجّار الذين يؤكدون انخفاضها، يبقى المزارعون الحلقة الأكثر حساسية في السلسلة الغذائية، فهم شهود مباشرون على حركة الإنتاج والتسويق وحجم الاستيراد وتأثيره على السوق المحلي. وبين ضغوط الطقس وتراجع المواسم وفتح باب الاستيراد على نحو واسع، تتشابك العوامل التي تتحكم بالأسعار وتزيد من قلق المزارعين والمستهلكين في آن واحد. وفي خضم هذه الفوضى، يقدّم نقيب المزارعين في البقاع، إبراهيم ترشيشي، رواية واضحة لما يجري في الأسواق اليوم.
وأوضح ترشيشي لموقع الجريدة أن “أسعار الخضار في الأسواق اللبنانية تشهد انخفاضاً كبيراً يشمل معظم الأصناف، باستثناء الخيار الذي ما يزال مرتفع الثمن بسبب غلاء سعره في الدول المصدّرة”.
وأوضح أنّ “وزارة الزراعة فتحت باب الاستيراد على مصراعيه من دون قيود، بدءاً من اليوم وحتى الخامس عشر من الشهر المقبل، الأمر الذي أثار غضب المزارعين الذين رفعوا صوتهم احتجاجاً على هذا القرار”.
وأضاف: “بالأمس بيعت البندورة في سوق طرابلس بالجملة بـ20 ألف ليرة للكيلوغرام، وهي من النوع الممتاز. وهذا يعني أنّ السعر الطبيعي للمستهلك يجب ألّا يتجاوز 30 إلى 35 ألف ليرة، وقد يصل إلى 40 ألفاً في الحدّ الأقصى”.
وعن واقع الإنتاج المحلي، أشار ترشيشي إلى أنّ المنتجات الزراعية متوافرة بكثرة رغم التقلّبات المناخية وضعف الموسم الحالي، قائلاً: “مع أنّ الإنتاج ليس وفيراً هذا العام، إلا أن الأسعار اليوم في أدنى مستوياتها، بل هي أقل من أي سنة سابقة. الحمضيات تُباع بثمن زهيد، وكذلك البندورة والكوسا واللوبياء والباذنجان وسائر الأصناف”.
وأكد أنّ “الأسعار في الأسواق حالياً مقبولة ومنخفضة، ولا يمكن الحديث عن ارتفاع في أي صنف”.














